تمييز العقل بين الحق و الباطل المعلم الحسني مؤكدا
قال تعالى ( و إن شكرتم لأزيدنكم ) و قوله تعالى ( و اذكروني أذكركم و اشكروا لي ولا تكفرون ) القرآن الكريم كتاب الله – تعالى – الناطق بالحق وكل ما فيه متحقق لا محالة وهو لا ينطق عن الهوى فهو كلام الخالق – جل و علا – فلا يأتيه الباطل مهما تكررت محاولاته اليائسة فالنتيجة متوقعة و محتومة ولا تقبل الشك و التضليل أنه كتاب صادقٌ فيما يقول، فمن المعروف أن الله – تعالى – ميز الإنسان على سائر مخلوقاته و جعل مقامه أشرف من كل الموجودات ولكن هذا التفضيل على سائر الخلق بأي شيء قام ؟ نعم إنه قام بفضل وجود جوهرة العقل التي أودعها – سبحانه و تعالى – في الإنسان دون الباقين من الموجودات، فهذا التفضيل ألا يستوجب منا أن الشكر الله – تعالى – على تلك النعمة العظيمة ؟ ألا يجدر بنا أن نجسد قولاً و فعلاً قوله – تعالى – حينما يدعونا لأن نشكره على نعمة العقل رغم أنه – تعالى – غنيٌ عن شكرنا، و الآن ليسأل كل منا نفسه : لماذا أودع الله – تعالى – العقل عند الإنسان دون سائر خلقه ؟ فهل من حكمة لهذا أم أنه على سبيل إكمال الخلقة و انتهى الأمر ؟ هنا يأتي العمل الجاد و التفكير السليم وكما يُقال العقل السليم في الجسم السليم فالله – تعالى – حينما وضع العقل في الإنسان إنما يُريد منه أن يفكر بالشكل الصحيح، يُريد منه أن يستخدم عقله وفق ما يتماشى مع معطيات رسالة السماء في إحقاق الحق و نصرته و خذلان الباطل و تجنبه، فالحق يعلو ولا يُعلى عليه وهذه سُنة قائمة حتى مقام الساعة، فمع وجود أرباب الباطل و كهنة معابده التي تعج بالمفاسد و الإفساد حتى و إن كانت لهم السطوة و القوة و المال و الجاه و القنوات الفضائية و الإعلام المرئي و المقروء وفي المقابل يكون الحق و أتباعه في قلة من التابعين الصادقين فهذا يدعونا أن نقف إلى جانب الحق وكما يقول أمير المؤمنين و خليفة المسلمين علي ابن ابي طالب – عليه السلام : ( لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه ) فهذا يجعلنا أمام مسؤولية عظيمة يتوقف عليها مستقبل الأجيال القادمة من جهة، و ترسم لنا موقفاً مشرفاً تستذكره الأجيال و بكل فخر و اعتزاز و تمجده في مواقف العظماء و المخلصين وهذا بفضل جوهرة العقل و عملها الدؤوب في قيادة الإنسان نحو جادة الحق و التكامل الروحي و النفسي و الاجتماعي و العلمي و الأخلاقي وكما يقول المعلم الحسني في بحثه الموسوم الاستعداد لنصرة الإمام المعصوم – عليه السلام – ومما جاء فيه : ( بعد أن عرفنا نِعم الله علينا و تفضله لتشريفنا بالعقل و ميزنا به عن البهائم، فالواجب أن نشكر نِعم الله علينا و أن نستعمل العقل و نستغله فيما وُضع له من التمييز بين الحق و الباطل، ومن الواضح أننا لا نريد بالتمييز مجرد التمييز الذهني الفارغ من التأثير على النفس و مشاعرها، فإن مثل هذا التمييز لا نتصور فيه ترتيب الثواب أو حصول العقاب عليه أو على عدمه، بل المراد التمييز الذي يدخل إلى أعماق النفس و الذي يحرك فيها حرارة العاطفة و المشاعر تحريكاً يدفع السلوك المتناسب مع المفهوم الحق الذي أدركه العقل و ذلك التمييز للعقل )) .
https://a.top4top.net/p_1148nz71d1.jpg?fbclid=IwAR04ev_fKACR9nVOFL2trBCk4uV1rDP_cYIb8zewMIDimwu8Zk2TGi82hi8 بقلم محمد الخيكاني