فلسفتنا بأسلوب و بيان واضح : علاج الشيوعية للملكية الفردية علاج ناقص .
قد يفهم البعض أن العنوان يضع النظام الشيوعي داخل دائرة قفص الاتهام بقدر ما هو تحقيق موضوعي يتسم بالمهنية و الحيادية و عدم الانحياز لطرفٍ ما دون طرفٍ آخر، فبعد أن لاحت في الأفق النتائج الوخيمة التي نتجت عن الفشل الذي ظهرت ملامحه على النظام الرأسمالي بسبب عدم تقديمه الحلول الناجحة في إدارة الأزمة الاجتماعية التي تعصف بالبشرية جمعاء فقد استبشرت بمجيء لون حديث العهد في الساحة العالمية عله يحمل معه التفكير الصحيح الناجع لتخطي عقبة الفشل المرير الذي منيت به الرأسمالية عند معالجتها للكثير من المشاكل التي رافقت الأزمة الاجتماعية التي ذاقت منها الإنسانية مختلف الويلات فكانت التجارب قاسية إلى حدٍ بعيد، فمع ظهور الشيوعية و تقمصها عنوان المنقذ و دخولها عالم التفسير الواقعي لأصل المشكلة خاصة في علاج قضية الملكية الفردية التي تهتم بها الأنظمة التي تتقدمها في الزمان و المكان، فهذا النظام الجديد لا يؤمن بالملكية الفردية فمن أجل القضاء عليها فقد وضع القيود و الفلسفات التي تضمن له عدم خروج الأفراد من دائرة نطاقها، فقد باتت الحرية الفردية عديمة الوجود فيه وقد حلت محلها الحرية العامة أو بما يسمى بالتفكير الجماعي أو العقلية الجماعية و بحسب المفهوم الذي ينتهجه الشيوعي فقد فرض القيود على الفرد وعلى تفكيره الشخصي و مصلحة الخاصة وقد تحولت إلى عمل جماعي و ذابت فيه إلى درجة الاصطباغ بلونه و هويته التي برزت مع هذا النظام، لكن مما يؤخذ عليه أنه تسلح بيد من حديد، و سدد ضربة موجعة للفرد و نواياه الخاصة من خلال تكميم الأفواه و تضييق الخناق من حولها، ولم يقف الأمر عند ذلك فقد جاءت القوانين العرفية لتكون الوسيلة المثلى لإدارة المرحلة المقبلة و السيطرة فيها على كل طارئ قد يظهر فجأة فيكون العلاج جاهز لكل معضلة أو خطر يتهدد مصير الشيوعية فجميع وسائل الإعلام من دعاية و نشر لم تكن بمأمن من هذا النفوذ الغريب الأطوار وهو في بداية حداثته فضرب طوق شديد على حركة الفرد و رأيه الشخصي و تفكيره الخاص وقد تعدى الأمر إلى المعاقبة ولو على التهمة و الظنة ؛ لان الغاية تتطلب بذل كل ما هو ممكن لقطف ثمار النجاح فهذه الأخطاء قد تسببت بمضاعفات خطيرة عدَّها الكثير من النقاد و الباحثون من العلاجات الناقصة و من المخاطر الجسيمة التي جاء بها النظام الشيوعي ولعل من أبرزهم المحقق الأستاذ الصرخي الحسني جاء ذلك في بحثه الفلسفي الحلقة (1) قائلاً: ( إن العلاج الذي قامت فيه الشيوعية على الرأسمالية له مضاعفات طبيعية جسيمة جداً تجعل ثمن العلاج باهضاً و طريقة تنفيذه شاقَّة على النفس لا يمكن سلوكها إلا إذا فشلت سائر الطرق و الأساليب، فإن من شأن العلاج القضاء على حريات الأفراد لإقامة الملكية الشيوعية مقام الملكيات الخاصة ؛ و ذلك لأن هذا التحويل الاجتماعي الهائل على خلاف الطبيعة الإنسانية العامة إلى حدٍ الآن على الأقل – كما يعترف بذلك زعماؤه – باعتبار أن الإنسان المادّي لا يزال يفكر تفكيراً ذاتيّاً و يحسب مصالحه من منظاره الفردي المحدود ) .
و الكلام يطول لو أردنا أن نغوص في خفايا هذا النظام وقد نرى العجب العُجاب فيها فمن خلال ما تقدم فالشيوعي لا يمتلك المقدمات الصحيحة التي تمكنه من الخروج بنتائج طيبة تفي بالحاجة و تعالج كل معضلة فشل السابقون في علاجها .
بقلم محمد جاسم الخيكاني