بقلم : قيس المعاضيدي
تسيّر الدول أنظمتها لتقديم الخدمات لشعوبها ،وفق دساتير وضعها خبراء في مختلف الاختصاصات حسب الفصول.وبعد ذلك يعرض على الشعب ليبدي رأيه هذا لمن يسير على نظام مدني أو غيره .وتكون الحكومة ملزمة بالسيرعليه والحفاظ عليه ويكون مرجعًا لحل جميع القضايا الداخلية والخارجية ، ويحاسب كل من يتجاوزه ،ورغم ذلك عندما يكتشف خلل أو يقيّد أو يشل حركة البلد وتطوره يعدل بوضع لجنة لذلك .هذا الحال عندما كان نظام الحكم مدني أو مؤسساتي .ولكن الوضع يختلف عندما يتبنى نظام الحكم في دولة ما النظام الإسلامي أي إن صح التعبير إسلامي بحت !! فعليه أن يضع نصب عينه أن لايظلم فيه أحد والناس متساوون في الحقوق والواجبات .لأنه قسم ٌعظيم لو تعلمون .ولكن ما وجد الآن يقول غير ذلك مع الأسف ،حيث الظروف الصعبة والعيش بئيس والحريات مكبوتة وغيرها لتسلط ما ليس أهلاً لها !! .ولزيادة الإيضاح كان هذا الاطلاع على ماذكره المفكر الإسلامي المعاصر الصرخي في بيانه حول ذلك 《ولاية الفقيه... ولاية طاغوت 》إليكم مقتبس منه قائلاً:
(لم يَكُنْ ولَن يَكونَ قِوامُ الدِّينِ بِبَسْطِ يَدِ الفَقيهِ وَحكومتِهِ وَرايتِهِ التي يَرْفَعُها بِاسْمِ الدِّينِ والإسلامِ، لِانْعِدامِ الدّليلِ على ذلكَ بَل لِثبوتِ الدليلِ على الخلافِ، وهذا يشملُ كلَّ الرّاياتِ والحكوماتِ حَتّى لو كانَ ظاهِرُها الصلاحَ، فَكَيْفَ إذَن بالطاغوتيّةِ الفاسِدَةِ المُفْسِدَةِ؟! فالواقعُ المُعاشُ قد أثْبَتَ أنّها صارَت سُبَّةً وشَيْنًا عَلى أهلِ بيتِ النبوّةِ-عليهم وعلى جَدِّهم الصلاةُ والسلام- وعلى الدِّينِ والإسلامِ والمذهبِ الشريفِ!! فالدليلُ والواقعُ قد أثْبَتَ أنَّ قِوامَ الدِّينِ يكونُ بالعِلْمِ والتقوى والأخلاقِ، بالعالِمِ العامِلِ المُسْتَعْمِلِ لِعِلْمِهِ في منعِ الفِتَنِ ودَفْعِها وفي تَفْهِيمِ وتَوْعِيةِ الجاهِلِ والمُتَعَلِّمِ الذي لا يَسُتَنْكِفُ أن يَتعلّمَ، وَقِوامُ الدِّينِ أيضًا بالتعاطفِ والتراحمِ والتعاونِ والتكافلِ الاجتماعي بَيْنَ الناسِ بَيْنَ الأغنياءِ والفقراءِ، وهذا كُلُّه مَعَ الإيمانِ والتَّقوى ومَكارمِ الأخلاقِ، فأينَ كلُّ ذلكَ مِن اللانِظامِ والهمَجيّةِ والإفسادِ والمكائدِ والمؤامراتِ والكراهيّةِ والبَغضاءِ والطّائفيّةِ وسَفْكِ الدّماءِ والتّقاتلِ والعُنفِ والإرهابِ والمُخَدِّراتِ والانحِلالِ وانْحِطاطِ الأخلاقِ، الذي يَحْصَلُ تَحْتَ ادّعاءِ الولايةِ وحكومةِ الإسلامِ؟! وهنا سَيكونُ اَلْوَيْلُ وَ اَلثُّبُورُ، وَسَيَعْرِفُ اَلْعَارِفُونَ بِاللَّهِ وَقَد عَرَفُوا أَنَّ هذِه الولايةَ والحكومةَ طاغوتٌ وضَلالٌ قَد أرْجَعَت الناسَ إلى اَلْكُفْرِ والإلحادِ بَعْدَ اَلْإِيمَانِ!! والتَنَبّؤُ بهذه الفِتْنةِ والواقعِ المأساويِّ والتحذيرِ مِنْهُ قد وَرَدَ في الكثيرِ مِن الرواياتِ، ومِنها ما جاءَ عَن أميرِ المؤمِنين-عليه السلام- في أكثَرِ مِن مقامٍ:
ـ في الإجابةِ عَلى سؤال(دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ، أَنَا إِذَا عَمِلْتُهُ نَجَّانِيَ اَللَّهُ مِنَ اَلنَّارِ)، قَالَ أميرُ المؤمنينَ-عليه السلام-: {اِسْمَعْ يَا هَذَا ثُمَّ اِفْهَمْ ثُمَّ اِسْتَيْقِنْ، قَامَتِ اَلدُّنْيَا بِثَلاَثَةٍ، بِعَالِمٍ نَاطِقٍ مُسْتَعْمِلٍ لِعِلْمِهِ، وَ بِغَنِيٍّ لَا يَبْخَلُ بِمَالِهِ عَلَى أَهْلِ دِينِ اَللَّهِ، وَ بِفَقِيرٍ صَابِرٍ، فَإِذَا كَتَمَ اَلْعَالِمُ عِلْمَهُ وَ بَخِلَ اَلْغَنِيُّ وَ لَمْ يَصْبِرِ اَلْفَقِيرُ، فَعِنْدَهَا اَلْوَيْلُ وَ اَلثُّبُورُ، وَعِنْدَهَا يَعْرِفُ اَلْعَارِفُونَ بِاللَّهِ أَنَّ اَلدَّارَ قَدْ رَجَعَتْ إِلَى بَدْئِهَا، أَيِ اَلْكُفْرِ بَعْدَ اَلْإِيمَانِ، أَيُّهَا اَلسَّائِلُ فَلَا تَغْتَرَّنَّ بِكَثْرَةِ اَلْمَسَاجِدِ وَ جَمَاعَةِ أَقْوَامٍ أَجْسَادُهُمْ مُجْتَمِعَةٌ وَ قُلُوبُهُمْ شَتَّى}[الأمالي للصدوق، التوحيد للصدوق، الاحتجاج1 للطبرسي، نور البراهين2 للجزائري].) انتهى المقتبس .
إن من يرفع شعار إسلامي عليه أن يكون على قدر المسؤولية ويسمع ويعطي الحقوق ويبيّن الواجبات وأن يحافظ على سمعة الدولة لأنه قد يكون شينًا لازينًا على الإسلام .ومن يخرج عن ذلك ويتعنت ويتكابر فيجب الوقوف ضده مع التدرج بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومنها نقوّمه بسيوفنا .أعاذنا الله-سبحانه وتعالى-من مرض الأنا والنفس الأمارة بالسوء .حتى نحق الحق وننهج بنهجه والحمد لله رب العالمين .
https://mrkzgulfup.com/uploads/158076216304987.jpg... mrkzgulfup.com