اخر الاخبار

الإثنين , 29 ديسمبر , 2014


حروف ممنوعة _ هشام حسن

(( الفلاشة ))
..........
......

جرت الأمور على خير مايرام .... أنا وزميلاى على متن الطائرة المتجهة إلى وارسو ..... ساعات ونصل إلى المطار ونعاين بأنفسنا جمال البولنديات الساحرات
عفوا نسيت أن أخبركم بالهدف من زيارتنا ... نحن نمثل الوطن فى ( الملتقى الدولى الثامن لشباب العالم الحر نحو مجتمعات أفضل ) .... تم إختيارنا من بين أكثر من عشرين ألف شاب من شباب الحزب الحاكم وبعد تصفيات طويلة مرهقة بين التوصيات والوساطات التى كانت تدعم كل واحد منا ، لولا تدخل زوج عمتى السيد اللواء المهندس الوزير نائب رئيس الحزب ورئيس الهية العليا للرقابة والشفافية لما كنت أحتل هذا المقعد الوثير فى درجة رجال الأعمال.
برغم الجمال الرائع لما شاهدناه من نافذة طائرتنا لهذه المدينة فقد نسيناه تماما ونحن نغسل أعيننا بالجمال الباهر لهذه الجحافل المباركة من الفتيات البولنديات المنتشرات فى أرجاء المطار
بمجرد خروجنا من المطار كانت بإنتظارنا مفآجأة غير سارة .... لقد وجدنا بإستقبالنا فتاتين يدير جمالها الرؤوس وعرفنا أنهما سيكونان الوفد المرافق لنا خلال الأيام الأربعة القادمة !
هل رأيتم قلة ذوق وجلافة اكثر من هذا ؟ ولماذا ترسلون فتاتين فقط لثلاثة من شباب وطن الجبابرة العناتيل !؟
لا بأس .. يمكن تسوية المسائل لاحقا
ركبنا باصا سياحيا صغيرا وبدأنا الأحاديث ، كنا نحاول أن نقود الحديث لوجهة ما بينما كانت الفتاتان تتحدثان عن نظام المؤتمر والأنشطة وكيفية المشاركة والمواعيد و ... و .... و
بصراحة لقد صدمت ، ماذا حدث لشباب الوطن؟ كيف لم يأسر جمالنا وخفة دمنا وجبروتنا وعنتلتنا البولنديات ؟ عشر دقائق مضت دون أن ترتمى إحداهن على صدرى وهى تهمس فى أذنى بموعد صعودها إلى غرفتى!!
تكاملت الكارثة بوصولنا إلى الفندق فلم تهبط الفتاتان من الباص بل قالت إحداهن
..... حسب الجدول المسلم لكم سنمر عليكم فى السادسة وأربعين دقيقة صباحا للذهاب إلى الملتقى.
السادسة وأربعون دقيقة! ... عند أمكم
رن جرس الهاتف فى غرفتى بالفندق ... إنها السادسة وعشر دقائق صباحا .... كانت موظفة الإستقبال توقظنا للموعد ... اللعنة على بولندا ، لم أنم سوى فى الخامسة والنصف .... وهل كان بوسعى أن أترك ذلك الديسكو فى الطابق الرابع والثلاثين قبل ذلك ؟
تحاملت على نفسى وكنا نحن الثلاثة فى الباص فى الموعد وعيوننا تشبه عيون ملاكم أنهى مباراته للتو.
وصلنا لمكان الملتقى ..... ما شاء الله .... هكذا والله تكون الملتقيات ... هذا ملتقى أم حفل إنتخاب ملكات جمال العالم ؟
كانت الفكرة الأساسية للملتقى أن يكون لكل دولة طاولة مستديرة من الطاولات المنتشرة فى تلك القاعة الفسيحة المزودة بأروع ما توصلت إليه التكنولوجيا فى مجال العرض المرئى .... يزور شباب دولة طاولة شباب دولة أخرى للتعرف على أهم ما يميز دولتهم ومناقشة أفلام يعرضونها عن هذه المميزات
كانت خطتنا أن نبادر نحن بالذهاب إلى طاولات الدول ، طبعا فنحن شباب جبابرة عناتيل مقتحمون ولن نضيع الوقت جالسين على طاولة الوطن.
تجاوزنا طاولات سيراليون ومالاوى وبورما والنيجر ( ومن يريد هذه الطاولات ؟ )
ها هى طاولة النرويج ... بسرعة أخذنا مفاعدنا حول شقراء هيفاء تذيب شفتاها القرمزيتين الحديد ، سألناها عن أهم ما يميز النرويج ( غير جمالها الفتان) فقالت
...... لدينا الكثير جدا من المميزات دولتنا تتميز فى مجال النقل البحرى والتعدين والسياحة ولكننا نركز هذا العام على تجربتنا فى صيد وتصدير الأسماك وسأريكم الفيديو الآن
عرضت تلك النرويجية الجميلة على الشاشة البلورية المثبتة على الطاولة فيلما عن تلك الصناعة شاهدنا السفن العملاقة للصيد وكيف تحتوى على ثلاجات مهولة وكيف يتم التبريد فى ثوان معدودات لكيلا تفقد نكهتها وكيف يتم الفصل والتنظيف والتغليف فى مصانع على نفس الأرصفة البحرية التى تصدر الأسماك وشرحت لنا أن هذه الصناعة تدر عليهم مليارات الدولارات
إنتهى الفيلم وسألتنا الجميلة
.... أكيد لديكم صناعة أسماك .... أنتم محاطون ببحرين ولديكم نهر وبحيرات ؟
كنا جاهزين تماما لنريها مالدينا ( أقصد ما يتعلق بالأسماك )
أخرجت فلاشة من جيبى أوصلتها باللاب توب وعرضنا عليها تصريحات السيد اللواء رئيس الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية والى تؤكد على أننا سنغرق العالم باسماكنا خلال سنة وطبقا لتوجيهات السيد الرئيس
كانت الطاولة التالية للسويد ، عرضت علينا الحسناء السويدية ذات القوام المزدان بالمتفجرات فيلما رائعا عن مصانع فولفو للسيارات وسكانيا للشاحنات وسونى أريكسون للموبايلات وهى تقول
.... لدينا مصانع عملاقة فى مختلف المجالات ونحن نصدر بمليارات الدولارات
إنتهى الفيلم وسألتنا الجميلة
.... هل لديكم صناعة سيارات أوشاحنات أو موبايلات
كنا جاهزين تماما لنريها مالدينا
الفلاشه وتصريح من وزيرالصناعة بخطتنا لرفع قيمة المدخل الصناعى فى القيمة المضافة نسبة إلى إجمالى الناتج القومى الكمى المتكرر من 2 إلى 3 % خلال ثلاث سنوات وطبقا لتوجيهات السيد الرئيس
الطاولة التالية كانت للبرازيل ، عرضت علينا الفتاة الخمرية ذات العيون الزرقاء فيلما يوضح كيف تصدروا العالم فى تجارة اللحوم والبن كيف يربون الأبقار وكيف يزرعون أشجار البن وكيف تدر هذه الصناعة عليهم مليارات مهولة
إنتهى الفيلم وسألتنا الجميلة
.... هل تغرق منتجاتكم من الرعى والزراعة العالم مثلنا
كنا جاهزين تماما لنريها مالدينا
فلاشة وتصريح لوزير يقود واحدة من أنجح وزاراتنا على الإطلاق وهو يؤكد أن بطيخنا حمار وحلاوة وطبقا لتوجيهات السيد الرئيس
ومضت أيام الملتقى الرائعة ... مررنا بطاولات كثيرة ومثلما أذهلونا بأفلامهم الرائعة ... أخرسناهم نحن بالتصريحات
عدنا بعد إنتهاء اليوم الأخير إلى الفندق مسرعين وأخذنا حقائبنا ... فقد نجحت مساعينا ودبر لنا أحد الأصدقاء أماكن لنعمل بها متخفين حتى نستطيع تدبر أمورنا ونحصل على إقامة دائمة ببولندا
صدقونى أنا لم أخن الوطن ... لم أخنه أبدا ... فقد أرسلت مظروفا فاخرا لسفارتنا هناك به فلاشة التصريحات ..... بينما أقضى أجمل أوقاتى بين الشقراوات البولنديات .!


القراء 1891

التعليقات


خريطة الموقع


2024 - شبكة صوت الحرية Email Web Master: admin@egyvoice.net