اخر الاخبار

الأربعاء , 23 ديسمبر , 2015


حروف ممنوعة _ هشام حسن

((عصا وأرجوز))

...........
........
.....

لحظة الميلاد تركت البرودة تسرى فى روحه للأبد ، يولد الأطفال إلى أحضان أمهاتهم ، وولد هو إلى أحضان الأوحال ، ذات فجر وجده شيخ مسجد ملفوفا وسط خرقة بالية على جانب زقاق مظلم .
حمله الشيخ المشفق بقلب رحيم إلى امرأته فغُذى من لبنها ، إجتهد الشيخ فى البحث والتمحيص عله يعرف للآثمة به خبرا ، ولكن باءت جهوده بخيبة يائسة .
نشأ مجهول النسب ، يتحرك بين الناس جسدا من رحم الفسق والفجور .
منذ أدرك حقيقة أمره ترسب الحقد على الدنيا فى قلبه ، حقد على الشيخ وامرأته وبنيه ، ولم يغفر له أنه كان سببا لاستمراره مدنسا أبدا فى هذه الحياة .
كان يخالط أقرانه وهو يحقد عليهم طهر أنسابهم ، ولكن يخفى ما بنفسه متذللا بينهم مظهرا التلطف وبداخله حية رقطاء .
عانق سن الشباب المبكر ولم تكن له صنعة يتكسب منها فقد جمع إلى دناءة أصله خمولا فى همته مجللا بغباء .
ذات يوم مر ببضعة نفر من الشباب يلهون بقرد صغير متضاحكين ، أخذ يقلد حركات القرد تقليدا ماهرا حتى كاد يغشى على القوم من الضحك ، بعد أن جففوا دموع ضحكهم ألقى إليه أحدهم قرشا ، وقع القرش من نفسه موقعا ، وأحس بنفسه موهبة تستحق العرض رغبة فى رضا السادة والمال .
جمع خرقا مهملة ذات ألوان متعددة فصنع منها ثوبا فجا زينه بذيل طويل ، ووجد عصا مهملة فلفها بباقى الخرق لتتجانس مع زيه العجيب .
غشى مجالس الشباب المتهتك التافه وعرف بينهم بالأرجوز ، كان يرقص لهم رقصا مائعا متسولا الضحكات ، ويتلاعب بالعصا بين يديه بأقبح مغزى الإشارات ، فيطرب له التافهون ويلقون إليه ببعض الفتات
وكان بالقرية أهل علم وصلاح يعلمون صحيح الدين وبهداه يهتدون ، وكدأب المتهتكين و أصحاب الضلال كان يطيب لهم قذف الصالحين والخوض فيهم ولمز الدين من هنا وهناك ، فلعب الأرجوز على الوتر ، ومضى يغنى لهم تافه القول راميا الصالحين بالنقائص وهم منها براء وساخرا من أصول الدين ومكارم الأخلاق
وصلت أغانيه إلى مسامع الصالحين وعلية القوم فغضوا الطرف عنها وعنه ،إستحقارا لشأنه وصيانة لأعراضهم من دنسه .
غره صمت الصالحين فتمادى وجمع حوله مزيدا من أصحاب الغفلة وفارغى العقول وكارهى الدين .
شكى بعضهم لمفتى القرية كى يوضح للناس حكم تلك الفعال الخبيثة وينهى ذلك الضال عن لمز الدين و أهل الصلاح فلم يلقى للأمر بالا ، حيث كان الأرجوز مضحك أطفاله وتركه سادارا فى الغى والضلال
أحس الأرجوز من نفسه قوة فمضى وعصاه القذرة بيده يتعرض للرائح والغادى مشيرا للصالحين والصالحات بها بأفجر الحركات
ذات يوم كان المفتى سائرا محاطا بالمهابة والاحترام فى سوق مزدحم فرآه الأرجوز وغاظه ما يلقاه من احترام ، أستغل الزحام وأندس بين الناس وتحين فرصة ونخس مؤخرة العمدة بعصاه حتى أدخل نصف سرواله بإسته ، ذهل العمدة وأدار بصره بين الناس ، فوجدهم يكادون ينفجرون من مغالبة الضحك
كاد يسال عن الفاعل ثم أحجم فالسؤال اعتراف و تثبيت للكارثة بعقل الناس ، مضى لا يلوى على شئ وقد سقطت مهابته بين الناس ، وأصبحت غفلته مضربا للأمثال !


القراء 1892

التعليقات


خريطة الموقع


2024 - شبكة صوت الحرية Email Web Master: admin@egyvoice.net