بقلم احمد المــــلا
رُبَّ سائلٌ يسأل عن سبب تصدي المرجع المحقق الصرخي للفكر التيمي وهو في الوقت ذاته يدعو لحرية الفكر والاعتقاد ؟؟؟
والجــــواب على هذا التساؤل يكون ضمن ما يأتي :
إن الفكر التيمي ومنذ عدة سنوات أصبح أداة ووسيلة للقتلِ وسفك الدماء خصوصًا الدماء المُسلِمة قبل غيرها !!! وذلك من خلال الاعتماد على ما في هذا الفكر من أصول تكفيرية وفتاوى القتل المباشرة وغير المباشرة ، وقد تبنت التنظيمات الإرهابية وخصوصًا تنظيم (داعش) منهج وفكر ابن تيمية ، وطبقت فتاواه وركَّزت على الجانب التكفيري في عقيدته ومن خلال ذلك بدأت تُجند الأشخاص على أساس فكر وعقيدة ابن تيمية وقدمته على إنه شخصية معصومة الفكر والعقيدة ، وإن كل ما صدر منه هو يمثل الإسلام ومنهجه !! ، الأمر الذي دفعَ بالمرجع الصرخي للتصدي لهذا الفكر حتى يُثبت للناس وخصوصًا من يعتقد بعلمية ابن تيمية الخارقة وإنه الممثل الوحيد للسنة ، يثبت لهم بأن (ابن تيمية ) ذو فكر غير رصين قائمٌ على أساس خرافات وبدع لا تمت للإسلام بصلة أو ناتجة عن فهم خاطئ للسنة النبوية الشريفة وللشرع بصورة عامة !! ....
فالمرجع المحقق الصرخي لم يكن في تصديه لمناقشة الفكر التيمي حملة تبشيرية شيعية ، ولم يطلب من الناس أن تترك مذاهبها وتعتنق التشيع ، بل كان ولا زال الهدف من تصديه هو الدعوة للتعايش السلمي مع وجود الاختلاف العقائدي والمذهبي وعدم استخدام هذا الاختلاف كأداة أو وسيلة للقتل وسفك الدماء وتخريب البلدان ، كما فعل الدواعش التكفيريون بعدما جعلوا من فكر ابن تيمية وسيلة لإجرامهم .
وهذا ما لمسناه من خلال المحاضرات التي ألقاها في مناقشة فكر ابن تيمية وقد صرح عن ذلك في إحدى محاضراته بقوله....
((...وجد خطوط دينيّة عامّة عند الصوفيّة والشيعة والمعتزلة ويوجد اختلافات وفروق في الفروع الفقهيّة والعقائديّة وأيضًا في الأصول لكن هذا هو واقع الحال وهو الموجود منذ الصدر الأوّل وإلى يومنا هذا والناس تتعايش التعايش السلمي، فعندما نحاكي التاريخ ونتحدّث معه لا ننساق وننقاد للنفس المريضة ونبحث عن هفوات وأخطاء وكلمات ومواقف هنا وهناك تُستغل للجانب الطائفي أو للطعن أو للحقن أو للافتراء أو للدس، نحن نقول يوجد اختلاف لكن المهم كان موجود التعايش السلمي بين الصحابة هذا يكفي، أنت لا تنتظر مني أن انتقل وأترك مذهبي وأنا أيضًا لا انتظر منك أن تترك مذهبك، طبعًا أنا اعتقد بالحقّ وأتمنى أن يصيب هذا الحقّ وأن يدخل هذا الحقّ في قلوب الجميع وأنت بالمقابل أيضًا تعتقد بهذا، بما عندك من دليل فأنا أتمنى أن يدخل الناس وكلّ الناس في مذهبي لأنني اعتقد به أنّه حقّ وأنت أيضًا تتمنى هذا فليس فيها مشكلة، لك الأجر في التمني وأنا لي الأجر أيضًا في هذا، فلا تنتظر مني أن أترك مذهبي وأتي إلى مذهبك وأدخل فيه، وتتعامل وتؤسس وتقف المواقف على هذا الأساس فلا يصح هذا، نحن الآن نحتاج إلى الحوار، نحتاج إلى التمدن الأخلاقي الإسلامي، الحوار الإسلامي، المجادلة بالحسنى.....)) انتهى كلام المرجع المحقق.
ولهذا وبعدما استفحل الفكر المتطرف الدموي والذي اعتمد وكما بينا على فكر وعقيدة ابن تيمية اضطر المرجع الصرخي وللضرورة الشرعية والعقلية والإنسانية والتاريخية للتصدي لهذا الفكر المتطرف وقطع الطريق أمامه كي لا يصل للناس ويُستخدم كأداةٍ للقتلِ خصوصًا وأنه فكر صدرَ من إنسانٍ غير معصوم وصاحبه يخطئ ويصيب ولديه من الأخطاء كما أثبتها المرجع الصرخي مالا يعد ولا يحصى !!
فالمرجع الصرخي لم يكن في يومٍ من الأيام ضد الفكر والحرية الفكرية والعقدية والمذهبية والدينية مادامت غير قائمة على القتل وسفك الدماء وانتهاك الحرمات أو مُسَخَّرَةٌ لذلك بل إنه ومنذ أكثر من عشرة سنوات دعا جميع علماء المذاهب الإسلامية لنبذِ الخلافِ لأن هذا الخلاف موجودٌ منذ عصور وكل طرف متمسكٌ بما عنده من فكرٍ فهل يبقى سفكُ الدماء مستمرًا مادام الخلاف موجود إن لم يكن هناك تعايش سلمي وحرية فكرية ؟...
لكن بعدما أصبح عرابي الموت وتجار الدم والطائفية يتبنون أفكار وآراء وفتاوى وكتابات ابن تيمية الذي خالف وعارض وناقض القران الكريم وخالف ضرورات الإسلام والمسلمين ، والذي حكم أئمة المذاهب الأربعة في عصره ، حكموا بفسقه وضلالته ، كما حكم الكثير من علماء وفقهاء وأئمة عصره ، وما بعده حكموا بكفره !!!
ولهذا السبب تصدى المرجع الصرخي لفكره، ليس لأنه ضد الفكر وحرية الاعتقاد، ولا من أجل الدعوة للتشيع ، بل من أجل وقف نزيف الدماء والتقليل منه بأكبر قدر ممكن.