بقلم : احمد الملا
يعتبر الشيخ المفيد من أبرز الشخصيات العلمية الشيعية التي يرجع لرأيها كل أو جل علماء الشيعة ؛ ويعتبر رأيه رأي شبه قطعي عندهم وحجة عليهم ؛ وذلك لمكانته العلمية العالية ؛ لكن مما يلاحظ أن عرابّي الطائفية وأصحاب المشاريع التقسيمية والتوسعية من المتسللين لمذهب التشيع يعتمدون على اسلوبين في الأخذ برأي الشيخ المفيد وغيره؛ الاسلوب الأول هو الأخذ بكل رأي يخدم ويتماشى مع مشاريعهم وأجنداتهم الطائفية في حال وجود هكذا رأي؛ والاسلوب الآخر هو غض الطرف عن كل رأي لا يخدم مشاريعهم ؛ لذلك مرة نراهم يمجدون بالشيخ المفيد وآراءه ويعتمدون عليها؛ وأخرى يصرفون النظر عنها ويركزون على آراء أخرى لا ترقى حتى لمستوى رأي عالم؛ ومن أمثلة ذلك مسألة شخصية المحسن بن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب- عليه السلام- هذه الشخصية التي أثارت جدل كبير داخل الأوساط العلمية ...
وكان من المفترض بما أن مدعّي التشيع يقرون بمكانة الشيخ المفيد العلمية ويعترفون بها ؛ كان عليهم الآخذ برأيه واعتماده؛ لكن الذي حصل هو الإعراض عنه واعتماد أقوال طوائف من الناس غير معروفة ؛ لأنهم يعلمون أن رأي الشيخ المفيد بهذا الخصوص ( وجود شخصية المحسن ) سوف يحبط إحدى الركائز الطائفية التي يحركون عواطف الناس فيها ويؤججونها من خلال تبني فكرة وجود المحسن ؛ فقد أنكر الشيخ المفيد وجود هكذا شخصية ؛ حيث قال في كتاب الإرشاد الجزء الأول الصفحة 354- 355 :-
((ذكر أولاد أمير المؤمنين عليه السلام وعددهم وأسمائهم ومختصر من أخبارهم فأولاد أمير المؤمنين- صلوات الله عليه- سبعة وعشرون ولدا ذكرًا وأنثى: الحسن والحسين وزينب الكبرى وزينب الصغرى المكناة أم كلثوم، أمهم فاطمة البتول سيدة نساء العالمين بنت سيد المرسلين محمد خاتم النبيين- صلى الله عليه وآله- .................. وفي الشيعة من يذكر أن فاطمة -صلوات الله عليها- أسقطت بعد النبي- صلى الله عليه وآله- ولدًا ذكرًا كان سماه رسول الله- عليه السلام - وهو حمل - محسناً فعلى قول هذه الطائفة أولاد أمير المؤمنين- عليه السلام- ثمانية وعشرون)).... وفي قوله هذا تتحقق عدة أمور ؛ منها :-
أولًا :- لايوجد إجماع عند علماء الشيعة بوجود شخصية المحسن ؛ فلو كان هناك اجماع لكان الشيخ المفيد من الموافقين أو القائلين بوجود هكذا شخصية ...
ثانيًا :- قوله- رض- بأن يوجد في الشيعة من يقول بوجود المحسن يؤكد بأن هناك من الشيعة من يقول بعدم وجود شخصية المحسن؛ وهذا يؤكد عدم وجود إجماع على شخصية المحسن...
ثالثًا :- قوله- رض- وفي الشيعة ؛ يدل على أن القائلين به ليسوا من أهل العلم أو التخصص وإنما هو قول عام غير متبنى علميًا ؛ فلو كان هناك من الأعلام من قال بذلك لكان قد ذكر واحدًا منهم على أقل تقدير وهذا يعني أن الرأي القائل بوجود المحسن ضعيف جدًا...
رابعًا :- لو كان هناك قول أو رواية صحيحة صادر من آل البيت -عليهم السلام- تؤكد وجود المحسن لكان قد عول عليها الشيخ المفيد أو على أقل تقدير نسب رأي القائلين بوجود المحسن لهذه الرواية ....
خامسًا :- رأيه- رض- القطعي بعدم وجود شخصية المحسن ينفي مسألة أن يكون المحسن سقطًاً من الأساس ؛ وهذا يعني أنه في حادثة الدار لم يكن هناك سقطًاً ولم يكن هناك حملًاً عند الزهراء بالأساس....
وهذا الرأي للشيخ المفيد يبطل كل الروايات والأقاويل التي تخدم المشروع الطائفي التي يعتمد عليها منتحلي التشيع كالولي الطاغوت وأتباعه وكل من يسعى لضرب الإسلام من الداخل وزرع الفرقة والطائفية والتشرذم بين أبناءه ؛ لذلك غضوا الطرف عن هذا الرأي للشيخ المفيد وركزوا على الأقاويل الضعيفة والواهنة من أجل خدمة مشاريعهم الطائفية الدموية الإستئكالية؛ وفي الحقيقة وحتى لا نصادر جهد السيد الأستاذ المحقق الصرخي الحسني فإن من حلل ودقق بكل موضوعية ووسطية واعتدال في هذه المسألة المهمة هو سماحته- دام ظله- وفصلها بأروع وأدق تفصيل ولا زال في مرحلة التدقيق في هذا البحث؛ حيث قال في جملة من التغريدات التي تمثل واحدة من حلقات بحثه الموسوم ( لا تقليد في أصول الدين ... لا تقليد في العقائد ) :-
{{... الحَديثُ طَوِيلٌ عَن [المحسن]بن أميرِ المُؤمنِين(عَلَيه السّلام)، فَهوَ بَينَ مَن يُنكِر وجودَه أصْلًا، وَبَينَ مَن يَقولُ بِوِلَادَتِه وَوَفَاتِه فِي حَيَاةِ جَدِّهِ رَسولِ الله(عَلَيه وَعَلَى آلِه الصّلَاة وَالسّلام)، فَإثبَاتُ كَونِه سُقْطًا يَحتَاجُ لِلكَثيرِ مِن المَؤونة!!وَأكتَفِي بِبَعْضِ الإشَارَات:
أوّلًا: البَعْضُ يُنكِر وجودَ المحسن:
أـ الشّيخ المُفِيد(رض) يَتَبَنّى القَولَ بِعَدَمِ وجودِ المحسن، حَيث قَالَ فِي الإرشَاد:{أولادُ أميرِ المُؤمنِينَ (صَلواتُ الله عَليهِ) سَبعَةٌ وَعشرونَ وَلداً ذَكَراً وَأُنثَى: الحَسـنُ وَالحُسَـينُ وَزَينَبُ الكُبرَى وَزَينبُ الصُّغرى(أمّ كلْثوم)، أُمّهم فَاطمَةُ البَتولُ سيِّدةُ نسَاءِ العَالَمِينَ(عَلَيهَا السّلام)}!!
ب ـ الوَاضح جِدًّا أنّ مَبنَى المُفِيد(رض)، النَّافِي لِوجودِ المحسن، يُبطِلُ يَقِينًا دَعوَى الإجمَاع عَلَى وجودِه!!
جـ ـ فِي آخِرِ المَطلَب وَبَعدَ أن انتَهَى مِن ذِكْرِ جَمِيع أولَادِ أمِيرِ المُؤمنِينَ(عَلَيه السّلام)، قَالَ الشّيخُ المُفِيدُ(رض):{وَفِي الشِّيعَةِ مَن يَذكرُ أنّ فَاطِمَةَ(صَلَوَاتُ الله عَلَيها) أسقَطَتْ بَعدَ النّبِيّ(صَلّى الله عَلَيه وَآلِه وَسَلّم) وَلَدًا ذَكَرًا، كَانَ سَمّاه رسولُ اللّهِ(صَلّى الله عَلَيه وَعَلَى آلِه وَسَلّم) مُحسنًا، وَهوَ حَمْلُ}، وَهَذا يؤكّد بُطلانَ ادّعَاء الإجمَاع الشّيعِي عَلَى وجودِ المحسن!!
د ـ إضَافةً لِنَفْيِ الإجمَاع، فَإنّ قَولَه{ وفي الشِّيعَةِ من يَذكرُ..} يَدلّ بِوضوحٍ عَلَى قِلّةِ وَضَعْفِ مَن يَقولُ بِوجودِ المحسن!! بَل لَـم يَنْسُـبْه إلَى عَالِمٍ، وَلَا يَرتَقِـي أن يَكونَ روَايَة أصلًا!!
هـ ـ بَعدَ أن ثَبَتَ بُطْلَان الإجْمَاع عَلَى وُجودِ المحسن، فَإنّه وَبِالأوْلَوِيّة القَطْعِيّة يَثبُتُ بُطلانُ الإجْمَاع عَلَى إسْقَاط المحسن!!
وـ الأوْلَى مِن كُلّ ذَلِك.....يَثبُتُ بُطْلانُ الإجْمَاع عَلَى.....إسْقَاطِه فِي حَادِثَةِ بَيْتِ الزّهرَاء(عَلَيها السّلام)!!
ز ـ فِي تَضْعِيفِ وَتَوْهِينِ القَوْلِ والقائلينَ بِوُجودِ المحسن...لَم يَكْتَفِ الشّيْخُ المُفِيدُ بِالقَولِ{وفي الشِّيعَةِ من يَذكرُ}...بَل زَادَ عَلَيه{ فَعَلَى قَوْلِ هَذِهِ الطّائِفَةِ} وَهُوَ تَأكِيدٌ عَلَى الضّعْفِ وَالوَهْنِ الّذِي لَا يَرتَقِي لِرَأيٍ مُحتَرَمٍ وَلَا لِرِوَايَةٍ وَلَو ضَعِيفَة تَستَحِقّ الذّكْرَ أو الإشَارَة!!
قَالَ:{أوْلَادُ أمِيرِ المُؤمنِينَ (صَلواتُ الله عَلَيهِ) سَبعَةٌ وَعشرونَ وَلَدًا ذَكرًا وَأُنثَى...}، وَبعدَ أن ذَكَرَ أسمَاءَ الجَمِيع وَبَعْضَ مَا يَتعَلّق بِهم، قَال:{وَفِي الشِّيعَةِ مَن يَذكرُ أنّ فَاطمَةَ (صَلَوَاتُ الله عَلَيها) أسقَطَتْ بَعْدَ النّبِيّ(صَلّى الله عَلَيه وَآلِه وَسَلّم) وَلَداً ذكَراً، كَانَ سَمّاه رَسُولُ اللّهِ (عَلَيه السّلام) مُحسنًا، وَهُوَ حَمْلُ، فَعَلَى قَوْلِ هَذهِ الطّائِفَةِ أوْلادُ أَميرِ المُؤمنينَ(عَلَيه السّلام) ثَمَانِيَةٌ وَعشرونَ }[الإرشاد1]
ح-.....يتبع.....يتبع ....}}....
ولمن يريد أن يطلع على تفاصيل التغريدة بالكامل يرجى اتباع الرابط التالي :-
https://www.facebook.com/Alsarkhyalhasny/posts/217036539941152