بقلم : احمد المـــلا
قلب الحقائق وتزييفها والتلاعب بالمعلومة التاريخية والدينية والتدليس فيها هو من شيم النواصب أعداء الدين بصورة عامة، فهم يتلاعبون بالموروث الديني بما تشتهي أنفسهم حتى يمرروا ما يريدونه من أفكار مريضة وموبوءة، ومن أمثلة ذلك مسألة أن الأطفال ليسوا من أولياء الله ولا من الذين في قلوبهم حقائق الإيمان !!! وقد طرح ذلك القول لغرض أهداف مريضة ذو أبعاد تستهدف آل بيت النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " لكن لم يلتفت صاحب هذا الرآي السقيم إلى أن القرآن الكريم قد أبطل تلك الدعوة وهذا ما سنثبته ....
حيث يقول ابن تيمية في كتاب مجموع الفتاوى الجزء العاشر في الصفحة 431 – 432 ((... لكن من ليس بمكلف من الأطفال والمجانين قد رفع القلم عنهم فلا يعاقبون وليس لهم من الإيمان بالله وتقواه باطناً وظاهراً ما يكونون به من أولياء الله المتقين وحزبه المفلحين وجنده الغالبين ..... وهم مع عدم العقل لا يكونون ممن في قلوبهم حقائق الإيمان ومعارف أهل ولاية الله وأحوال خواص الله ; لأن هذه الأمور كلها مشروطة بالعقل...))...
وكلام ابن تيمية واضح في نفي أن يكون الأطفال من أهل ولاية الله ولا من جنده ولا من أهل الإيمان بالله لا باطناً ولا ظاهراً وسبب ذلك النفي هو عدم العقل !!!! ولهذا السبب – عدم العقل – جمع ابن تيمية بين الأطفال والمجانين وذكرت هذا الأمر حتى لا يأتي أحدهم ويقول أن كلام ابن تيمية حول المجانين ... بل كلامه عن الأطفال والمجانين فقد جمع بينهم ...
لكن وفي هذا المورد في الرد على سفاسف ابن تيمية نجده قد أطلق الأمر ولم يستثنِ الأنبياء كعيسى ويحيى " عليهما السلام " وتحديداً نبي الله يحيى " عليه السلام " الذي آتاه الله الحكم والنبوة وهو صبي صغير لم يبلغ الحلم وبحسب تفسير البغوي الخال من البدع حسب رأي ابن تيمية كان نبي الله يحيى نبياً وهو بعمر ثلاث سنوات ، حيث يقول البغوي في تفسير قوله تعالى {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً } .... مريم12 ...
((ووهبنا له يحيى وقلنا له : يا يحيى ، ( خذ الكتاب ) يعني التوراة ( بقوة ) بجد ( وآتيناه الحكم ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : النبوة ( صبيا ) وهو ابن ثلاث سنين .وقيل : أراد بالحكم فهم الكتاب فقرأ التوراة وهو صغير . وعن بعض السلف : من قرأ القرآن قبل أن يبلغ فهو ممن أوتي الحكم صبيا .)) وفي هذا التفسير نجد ما يبطل دعوى ابن تيمية بصورة عامة فالبغوي يقول (وعن بعض السلف : من قرأ القرآن قبل أن يبلغ فهو ممن أوتي الحكم صبيا) وهذا يعني أن الصبي الذي يقرأ القرآن يصبح من أولياء الله تعالى.
وبصورة عامة نجد من هذا التفسير والذي يتفق معه تفسير الطبري حيث يقول ((وقد حدثنا أحمد بن منيع، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، قال: أخبرني معمر، ولم يذكره عن أحد في هذه الآية (وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) قال: بلغني أن الصبيان قالوا ليحيى: اذهب بنا نلعب، فقال: ما للعب خُلقتُ، فأنـزل الله (وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا)..)) وهذا يبطل تلك الدعوة وذلك الرأي الذي ابتدعه ابن تيمية بل ويثبت أنه لا يفقه شيئاً وهناك شيء في قلبه يحاول أن يصل له لذلك راح يقول بهذا الرأي الذي نجده مخالف لنص قرآني واضح وصريح وهو أن الأطفال يمكن أن يكونوا من أولياء الله ومن أهل الإيمان المتقين ومن حزب الله المفلحين وجنده الغالبين، وفي قلوبهم حقائق الإيمان ومعارف أهل ولاية الله وأحوال خواص الله ظاهراُ وباطناً.
فمن هو أسلم رأياً القرآن الكريم وتفسير الطبري والبغوي الخاليان من البدع أم رأي ابن تيمية المخالف والشاذ وهو في هذا المورد وكباقي الموارد يدلس ويحرف ويتلاعب بالنصوص الشرعية ويقدم ويؤخر ويطرح وينفي ما يتناسب مع فكره المريض وكما يقول المرجع المحقق الصرخي في المحاضرة التاسعة من بحث " وقفات مع توحيد ابن تيمية الجسمي الأسطوري" ((لاحظ مستوى التدليس الخطير الذي يغرر به الجهّال وفاقدي العقول .... يأتي بعبارة بعيدة عن مطلب البحث وغريبة عنه ويوحي للجهال أنها ضمن الاستدلال بل إنها الدليل والحجة والبرهان!!)).