بقلم : أحمد المـــلا من المتعارف عند المسلمين جميعًا أن هناك خلاف بينهم حول تراث النبي الكريم محمد " صلى الله عليه وآله وسلم " وهي كتاب الله وعترته أو سنته حيث اشتد الخلاف بين من يقول إنه قال تركت عترتي وبين من يقول سنتي، فأتباع مذهب التشيع يقولون بالعترة وأتباع مذهب التسنن يقولون بالسنّة، وهناك من حاول جاهدًا بإبطال الحديث القائل بالعترة وراح يدّعي التمسك بالسنة النبوية ويقول إن الأمة وعلمائها أجمعوا على إن النبي قال " السنة " ولم يقل " عترتي " ومع ذلك نجده في مورد آخر ينفي هذه السُنة التي قال هي تراث النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " !! ويقول باستحالة تعليم النبي كل تعاليم الدين لأمته ! وهو بذلك ينسف حتى ما تمسك به من حديث، وذلك من أجل تمرير عقائد التكفير من جهة ومن جهة أخرى أن يعطي لنفسه ومن يقف خلفه فسحة لتمرير كل الخرافات والأساطير التي تضرب الدين الإسلامي بالصميم ويصبح دينًا منكرًا عند غير المسلمين. يقول ابن تيمية في كتاب مجموع الفتــاوى الجزء الخامس وفــي بداية الصفـحة رقم 7 (( ومن المحال أيضاً أن يكون النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " قد علم أمته كل شيء حتى الخراءة ، وقال "تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك".... )) ... وهنا لدينا عدة ملاحظات على كلام ابن تيمية وهي : 1-نفي تعليم النبي " صلى الله عليه وآله وسلم" أمته كل الأحكام الشرعية وهذا يعني إن السنة النبوية لم تصل للمسلمين بصورة صحيحة وفيها من النقص وذلك بقوله (ومن المحال أيضاً أن يكون النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " قد علم أمته كل شيء ) حيث نرى النفي الواضح في هذا الكلام وهذا منافي لنصوص القرآن وللأحاديث النبوية الشريفة التي تؤكد بأن النبي قد أكمل الدين وأحكامه بما فيها الحديث الذي ينقله ابن تيمية نفسه ( المحجة البيضاء ) فكيف جمع ابن تيمية بين آمرين في مورد واحد ؟؟!! وهذا إن دل على شيء فأنه يدل على قدح واضح وصريح بالسنة النبوية والقول بأن سنة النبي ليست بكاملة وهذا ضرب وقدح بالإسلام بصورة عامة وكذب على الله ورسوله وهو كفر بواح صراح ... قد يقول قائل هذا خطأ مطبعي أو وقعت بعض الكلمات سهواً فنرد عليه بالمطالبة بالدليل على إن هذا خطا مطبعي أو الدليل على أن هناك كلمات سقطت سهواً هذا من جهة ومن جهة أخرى إن كتب ابن تيمية كلها مدققة ومنقحة بحيث اعتمدت في كل المكاتب الإسلامية وتم نشرها على الصورة التي هي عليها الآن فهل غفل علماء وشيوخ وتلاميذ ابن تيمية من أن يقعوا على هذا الخطأ ؟ وإن كان الأمر كذلك فالله العالم بحجم الكم الهائل من الأخطاء الموجودة في كتبه والتي صارت – مع وجود الأخطاء التي فيها – كمصدر تشريع ومنبع فكري وعقائدي لعشرات الآلاف من الناس بما في ذلك التنظيمات الإرهابية حتى صارت تعتمد على أصول التكفير الموجودة في كتب ابن تيمية في ممارسة الإرهاب، لذلك فإن هذا القول يستلزم إعادة تدقيق وتنقيح كتب ابن تيمية لما فيها من أخطاء تقدح بالسنة النبوية ومن بينها ما اشرنا إليه أعلاه. 2-نجد إن ابن تيمية قد تكلم بصورة وقحة وبلسان حال المشركين باستخدامه مفردة ( خراءة ) وربط هذا اللفظ المستقبح أخلاقياً مع لفظ اسم النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " وهو في ذلك الأمر استخدم نفس أسلوب المشركين عندما تساءلوا بصورة استهزائية عن تعليم النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " لأصحابه وللمسلمين كل شيء ، حيث جاء في صحيح مسلم ((حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، وَمَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ سَلْمَانَ ، قَالَ : قَالَ لَنَا الْمُشْرِكُونَ : " إِنِّي أَرَى صَاحِبَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ حَتَّى يُعَلِّمَكُمُ الْخِرَاءَةَ ، فَقَالَ : أَجَلْ إِنَّهُ نَهَانَا أَنْ يَسْتَنْجِيَ أَحَدُنَا بِيَمِينِهِ ، أَوْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ ، وَنَهَى عَنِ الرَّوْثِ وَالْعِظَامِ ، وَقَالَ : لَا يَسْتَنْجِي أَحَدُكُمْ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ "))، فنجد هنا تشابه الألفاظ بين المشركين وبين ابن تيمية وبصورة استهزائية خالية من كل خلق خصوصاً مع مقام النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " ، فهنيئًا للتيمية شيخهم ونبيهم ابن تيمية الخرافي الأسطوري. وهنا نتساءل بما تساءل به الأستاذ المحقق السيد الصرخي في المحاضرة الخامسة عشرة من بحث " وقفات مع توحيد ابن تيمية الجسمي الأسطوري " حيث قال : {{... فأي حرية وأي ديمقراطية وأي انتخابات وأي رأي للناس وأي إجماع؟ لماذا لا نأتي إلى الإجماع في هذه الأقوال؟ لماذا لا نبحث عن إجماع في هذه الأقوال؟ كما يفعل ابن تيمية، إجماع الناس، إجماع الشعوب وإجماع الجماهير وإجماع أهل البلد الفلاني أو المدينة الفلانية أو الشهرة أو الأكثر أو المعظم ...}}.انتهى كلام الأستاذ المحقق. فأي إجماع يتحدث عنه ابن تيمية في حديث السنة وهو ينسف السنة برمتها وينفي اكتمالها وتعلميها للأمة من قبل النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " فعندما ينفي في المقام الأول العترة وبعد ذلك ينفي السنة وهو بالأساس يعتقد بوجود التحريف في القرآن فقد هدم الإسلام جملة وتفصيلاً وذلك حتى يمرر ما يريده وما يرده من يقف خلفه من مؤسسات ومنظمات ماسونية تريد الإطاحة بالإسلام وهذا أمر يجب أن يُسلم به الجميع. المحاضرة الخامسة عشرة "وقفات مع....توحيد ابن تيمية الجسمي الأسطوري"