بقلم : احمد الملا تعودنا دائما على قراءة وسماع كل ما هو مستهجن وغريب من ابن تيمية ومن يسير على نهجه، وهذا أمر ثبتناه في الكثير والكثير من الموارد وفي العديد من المجالات والإتجاهات العقائدية وسيد المحققين السيد الصرخي الحسني قد تربع على عرش المحققين الذين ابطلوا فكر ابن تيمية السقيم من خلال بحوث ( الدولة المارقة في عصر الظهور منذ عهد الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم - ) و ( وقفات مع توحيد ابن تيمية الجسمي الإسطوري ) وهي خير دليل على ما قلناه ، وفي هذا الموقف سوف نذكر رأي ابن تيمية الذي يحرم فيه الإحتفال أو الإحتفاء بذكرى ولادة سيد الخلق محمد - صلى الله عليه وآله وسلم – تلك المناسبة التي أجمعت عليها الأمة الإسلامية إلا ابن تيمية خالفها وحرمها !!!... يقول ابن تيمية في كتابه مجموع الفتاوى في المجلد الخامس والعشرين في الصفحة 298 في رد له على سؤال حول استحباب احياء تلك المناسبة فقال ((وَأَمَّا اتِّخَاذُ مَوْسِمٍ غَيْرِ الْمَوَاسِمِ الشَّرْعِيَّةِ كَبَعْضِ لَيَالِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ الَّتِي يُقَالُ إنَّهَا لَيْلَةُ الْمَوْلِدِ، أَوْ بَعْضُ لَيَالِي رَجَبٍ، أَوْ ثَامِنَ عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ، أَوْ أَوَّلُ جُمُعَةٍ مِنْ رَجَبٍ، أَوْ ثَامِنُ شَوَّالٍ الَّذِي يُسَمِّيه الْجُهَّالُ "عِيدُ الْأَبْرَارِ" فَإِنَّهَا مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَسْتَحِبَّهَا السَّلَفُ وَلَمْ يَفْعَلُوهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ )) وله فتاوى مشابهة في موارد اخرى، المهم في ذلك إنه يقول بابتداع كل من يحيي ذكرى ولادة الرسول – صلى الله عليه وآله سلم – والجميع يعلم ان عنوان البدعة في مفهوم ابن تيمية هذا يعني التكفير والقتل واستباحة الدم والمال والعرض والخروج من الدين... لكن نحن هنا سوف نرد على هذا الناصبي ومن يسير على نهجه ونثبت مشروعية الإحتفال بتلك المناسبة العظيمة والعطرة من خلال عدة أدلة ، وهي : الدليل الأول : روى مسلم في صحيحه عن ابي قتادة الأنصاري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن صوم الإثنين، فقال (فيه ولدت وفيه أنزل علي).... فهذا حديث صحيح يذكره مسلم بأن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – كان يحتفل بيوم الإثنين من خلال صيام هذا اليوم لأنه ولد في هذا اليوم، ومن يعترض على هذا الدليل بحجة إن الصوم لا يعني الفرح، نقول له اذهب إلى الدليل الخامس لتأخذ الجواب على إعتراضك.... الدليل الثاني : حديث رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – الذي رواه مسلم وهو (( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من اجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء )) وهذا الحديث يتكلم بصورة عامة فلم يحدد به فئة أو زمن بل تكلم بصورة عامة عن المسلمين بكل زمانهم وبكل فئاتهم ممن يقوم بسن سنة حسنة فإنه يكون مأجور عليها وكل من يعمل بها من بعده مأجور أيضاَ، فهل الإتحفاء والإحتفال بذكرى ولادة خير الخلق سنة سيئة يا تيمية ؟؟؟!!!.... الدليل الثالث : قوله تعالى في سورة الحديد الآية 27 {ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } وهنا الله سبحانه وتعالى ومن سياق النص الواضح والذي لا يحتاج إلى تأويل ولا تفسير بأنه قد أمضى ابتداع اتباع عيسى – عليه السلام – بل وقد أثاب ممن رعى تلك الرهبانية التي ابتدعها هؤلاء الأصحاب ونجد إن الله جلت قدرته قدذم من لم يرعَ تلك الرهبانية المبتدعة, وهذا يؤيد ما ذهبنا إليه في الدليل الثاني من سن في الإسلام سنة حسنة .... الدليل الرابع : الإجماع على الإحتفال بمولد رحمة الله للعالمين هو استذكار لنعمة الله وفضله علينا كمسلمين بشكل خاص وعلى العالم بشكل عام، وما هذا الإستذكار إلا تعظيماً له ولشخصيته التي لم تأت مثلها قط، وهذا ما أجمعت عليه كل الأمة الإسلامية – إلا تيمية ومن معه – وهذا الإجماع هو من أحدى الحجج التي دائما يتحدث بها تيمية، ولهذا نجده لم يذكره في نقض الإحتفال بل اكتفى بقوله ان السلف لم يقوموا به !!! فترك حجة الإجماع ولاذ بغيرها، لأنه يعترف بصحة حديث (( إن أمتي لا تجتمع على ضلال )) لذلك هرب من الإتيان به كمؤيد لرأيه لأن واقع الأمة مجتمع على إحياء هذه المناسبة العطرة... الدليل الخامس : احتفال التيمية أنفسهم بيوم عاشوراء واعتباره انه يوم فرح سرور لأن في هذا اليوم وحسب ماعندهم من رواية تم فيه انقاذ موسى – عليه السلام – من فرعون وإنقذ بني اسرائيل، فهل الاحتفال بهذه المناسبة أعظم من مناسبة وذكرى ولادة خير البرية ومنقذ الأمة من الهلاك والجهل والوثنية ؟! ونحن نجد في رواية صوم يوم عاشوراء أن الرسول – صلى الله عليه وىله وسلم – قال صوم هذا اليوم ولم يقل احتفلوا ومع هذا التيمية يحتفلون بهذا اليوم ويظهرون الفرح والسرور، وهذا فيه رداً على من يقول الصيام لا يعني الفرح ... وهذا نص الرواية ...(( لمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وآله وسلم- الْمَدينةَ وَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ يَوْمَ عاشُوراءَ، فَسُئلوا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالوا: “هُوَ الْيَومُ الَّذي أَظْهَرَ اللهُ مُوسى وَبَني إسْرائيلَ على فِرْعَوْنَ وَنَحْنُ نصُومُهُ تَعْظيمًا لَهُ”، فقالَ رسولُ -اللهِ صلى الله عليه وآله-وسلم “نَحْنُ أوْلى بِموسى” وَأَمَرَ بِصَوْمِهِ أَمْرَ اسْتِحْبابٍ.)) فأين الفرح والسرور في الرواية ؟ وهذا الرد في حال اعترض أحدهم على الدليل الأول ... الدليل السادس : قاعدة " الأصل في الأشياء الإباحة "والتي يقول عنها ابن تيمية في مجموع الفتاوى المجلد الواحد والعشرون في الصفحة 535 (( اعلم أن الأصل في جميع الأعيان الموجودة على اختلاف أصنافها وتباين أوصافها : أن تكون حلالا مطلقا للآدميين ، وأن تكون طاهرة لا يحرم عليهم ملابستها ومباشرتها ، ومماستها ، وهذه كلمة جامعة ، ومقالة عامة ، وقضية فاضلة عظيمة المنفعة ، واسعة البركة ، يفزع إليها حملة الشريعة ، فيما لا يحصى من الأعمال ، وحوادث الناس ، وقد دل عليها أدلة عشرة - مما حضرني ذكره من الشريعة – وهي : كتاب الله ، وسنة رسوله، واتباع سبيل المؤمنين المنظومة في قوله تعالى : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) وقوله : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ) ، ثم مسالك القياس ، والاعتبار ، ومناهج الرأي ، والاستبصار " .))، فلا توجد حرمة مطلقاً في إحياء ذكرى ولادة الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم – حتى وإن لم يفعلها السلف الصالح فالعديد من الأمورلم يفعلها السلف الصالح وهي تدخل من ضمن مقالة المباحات التي لا حرمة عليها مطلقاً، ومن هذا الدليل الأخير نلقم ابن تيمية الحجر ومن فمه ندينه وليخسأ كل من يناصب رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – العداء ويرفض استذكاره وتعظيم قدره وشأنه بين المسلمين وبين الناس عموماً .... ومن هنا ندعو الجميع إلى متابعة سلسلة البحوث التي ألقاها المحقق الصرخي في الرد على الفكر التيمي لما فيها من كشف لخرافة وأسطوره هذا الفكر وضحالته وهذه البحوث هي : سلسلة محاضرات : الدولة .. المارقة ... في عصر الظهور ... منذ عهد الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم) ....
سلسلة محاضرات : وقفات مع....توحيد ابن تيمية الجسمي الأسطوري ...