بقلم : احمد الملا
بشكل مختصر، عندما تكون المادّة هو شعار دولة ما، أي دولة، وجعلها هي الأساس فهذا يعني إنها تجرَّدت من كل القيم والأخلاق، فالدولة التي تقدّم مسألة الربح والكسب وتشرّع وتبيح للأفراد والمؤسسات وسائل هذا الكسب بصورة غير مشروعة فإنها تهدم المنظومة الأخلاقية لمجتمعها، لأن الجميع يضع نصب عينيه الكسب والربح حتى لو كان على حساب أقرب الناس إليه هذا من جهة، ومن جهة أخرى حتى لو كانت هذه الدولة ذات دين معين، فنظامها الرأسمالي سوف يجعل الأفراد يتجاوزون المنظومة الدينية سعياً للكسب والمنفعة.
ومن أمثلة ذلك (وهو مثال بسيط نابع من واقع حال تلك الدول المادية الرأسمالية) هو مسألة الأفلام الإباحية التي تنتج تحت عنوان الحرية الشخصية حيث يكثر في البلدان الرأسمالية إنتاج هذه الأفلام ولا يوجد أي نظام أو قانون يمنع أو يحرّم هكذا إنتاج من أفلام لا أخلاقية ولا شرعية ولا إنسانية، فالدافع الذي دفع الأفراد للتمثيل بهذه الأفلام ليس الغريزة والشهوة وحسب بل وأيضًا البحث عن الكسب والربح، والمؤسسات الحكومية أباحت هذه الأفلام وشرَّعتها لغرض الكسب والربح أيضاً، ومارست ذلك تحت عنوان الحرية الشخصية والديموقراطية لتبتعد عن القيم والمثل والأخلاق والإنسانية وحتى عن دين تلك الدول الذي يحرم فيها ممارسة مثل هكذا أمور تسير بمجتمعاتها نحو البهيمية والحيوانية.
فالرأسمالية أو النظام الرأسمالي كما يقول المحقق والفيلسوف الصرخي الحسني في كتابه الجديد الموسوم: (فلسفتنا بإسلوب وبيان واضح) -هو كتاب فيه بيان وتوجيه لما جاء في بحوث فلسفتنا للسيد الشهيد محمد باقر الصدر "قدس سره"-: ((إن المادية التي تربَّى وزخر وتزيَّن النظام الرأسمالي بروحها قد أدَّت الى إقصاء الأخلاق من الحساب فلم يلحظ لها وجود في ذلك النظام أو بالأحرى تبدَّلت مفاهيمها ومقاييسها وأعلنت المصلحة الشخصية كهدف أعلى والحريات جميعًا كوسيلة لتحقيق تلك المصلحة فنشأ عن ذلك أكثر ما ضج به العالم الحديث من محن وكوارث...)).
فالرأسمالية عبارة عن شريعة غاب يكون فيها البقاء للأقوى الذي يمارس كل شيء من أجل أن يكون هو المسيطر والمتسيِّد على الساحة حتى لو كان ذلك على حساب الأخلاق والقيم والمُثل الأخلاقية والإنسانية والدينية العليا، لتنتج مجتمعات متفسخة ومنحلَّة أخلاقيًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة: للإطلاع عليه أو تحميل كتاب "فلسفتنا بأسلوب وبيان واضح" للسيد الأستاذ الصرخي || بيان وتوجيه وتعديل لما جاء في بحوث “فلسفتنا” للشهيد السيّد محمد باقر الصدر (قدس سره) || يكون من خلال الرابط التالي:
http://www.al-hasany.net/wp-content/books/phlsapha/flsaftuna.pdf?fbclid=IwAR2NorCLJ3hOnlcXXXPEUJyPYttUUcL02jVaaoDiqWo6WVpaiu4CXfJoVHk