بقلم : احمد الملا
لا يخفى على أحد قصة نبي الله موسى – عليه السلام – بصورة عامة؛ فقد سلط القرآن الكريم الضوء تقريبًا على كل جوانب مسيرة الدعوة التي كلف بها موسى – عليه السلام – لكن هناك جانب آخر من هذه الدعوة تحمل أعباءها هارون – عليه السلام – أخو موسى وخليفته في قومه بعد ما ذهب موسى لميقات ربه وغاب عن قومه عدة أيام؛ حيث قام السامري بصناعة عجل من حلي القوم كان له خوار ضل بني إسرائيل يعبدونه؛ وكان من حفز السامري على هذا الفعل هو وجود رغبة عند القوم بأن يعبدوا آلهة غير الله تعالى؛ فوجد السامري ضالته في هذه الرغبة فصنع لهم وقدم لهم ما يريدون ؛ وفي خضم هذه الأحداث كان هارون – عليه السلام – ينصح ويرشد ويوجه القوم ويأمرهم بترك هذا العجل لأنه أبعدهم عن عبادة الله تعالى ؛ وعلى الرغم من أنهم يعرفون إن هارون هو خليفة موسى لكنهم أصروا على أن يعكفوا على عبادة العجل وإتباع صنيعة السامري والإبتعاد عن الله تعالى؛ لكن محنة هارون انتهت بعدما عاد وظهر موسى عليه السلام من جديد وحطم العجل وطرد السامري ...
وهذه القصة حقيقة تطابق من عدة وجوه ما نعيشه اليوم ؛ فالإمام المهدي – عليه السلام – غائب وترك فينا المرجع الأعلم الجامع للشرائط خليفة له ( ولاية عامة ) لكن الناس أصرت على أن تبتعد عن الخليفة الحقيقي وأن تتبع السامري وعجله !! فمع وجود الأدلة الشرعية والعقلية والعلمية على أعلمية المرجع الصرخي الحسني على كل المتصدين، لكن الناس مصرة على مقته ومنابذته ومناجزته العداء وهو ينصحهم ويرشدهم ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويذكرهم بإتباع الحق وقادة الحق وإن ما يسلكونه من طريق في إتباع السامري وعجله إنما يبعدهم عن الله تعالى وعن إمامهم المهدي – عليه السلام – لكن القوم أبناء القوم للأسف الشديد وسوف يأتي ذلك اليوم الذي يعود فيه الغائب ويظهر لهم وينسف العجل نسفًا ويطيح بالسامري ويرجع الأمور إلى نصابها الحقيقي لكن هذا سيكون بعد فوات الأوان ؛ فإن كان قوم موسى قد قبلت توبتهم فقوم الأعلم الذين لم يتبعوه ولم ينصروه فلم ينفعهم إيمانهم من بعد ؛ قال تعالى {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ } الأنعام 158 ...
فما عاشه هارون – عليه السلام – من محنة في إنحراف القوم وعدم سماعهم لنصحه وأمره ونهيه وتذكيره لهم بالله الواحد الأحد ومن يمثله في ذلك الزمن تكرر مشهده في عدة أزمنة وفي يومنا هذا المشهد يعاد مع المرجع الأعلم السيد الصرخي الحسني ؛ لكن فرج الله تعالى قريب وعودة الحق إلى نصابه قريب واجتثاث أصول الظالمين قريب؛ فلينتظروا إنا معهم منتظرون.