بقلم : احمد الملا
بعدما ضجت الإنسانية بالمآسي والويلات بسبب النظام الرأسمالي ؛ طرحت النظرية الماركسية كعلاج لتلك المآسي وقد ركزت هذه النظرية وما ترشح عنها من نظام اشتراكي وشيوعي على مبدأ الملكية الخاصة أو الفردية وحرية الفرد فيها وعصبت الاشتراكية والشيوعية بصورة عامة مآسي البشرية برأس ذلك المبدأ وعلى هذا الأساس بنوا نظرياتهم ووضعوا – حسب ما يعتقدون به – علاجهم للمشكلة الإجتماعية ، لهذا عملوا على تأميم الملكية الفردية وجعلها ملكية عامة ، لكن لم يتغير شيء فبقيت البشرية تعاني من المآسي والويلات كما تشرح عن هذا العلاج الناقص تشكل طبقة غنية على حساب الطبقة العاملة وهذه الطبقة الغنية هي تلك الطبقة التي تدير رؤوس أموال الشركات العامة أو المؤممة ؛ فبقي العامل عامل وبقي الغني غني...
وهذا سببه أن التشخيص والعلاج كان خاطئًا ولم يتناول أصل الداء الذي تعاني منه البشرية والذي هو ( حب الذات ) الذي أطلق النظام الرأسمالي العنان له وأتاح له الحرية المطلقة ؛ بحيث صار الفرد يعمل أي شيء وبأي طريقة مهما كانت من أجل أن يحصل على المنفعة حتى لو كانت على حساب أقرب المقربين له ؛ وبقي هذا العامل موجود عند الأنظمة الشيوعية والاشتراكية فلم يعالج ولم يهذب بطريقة تحد من ذلك العنان المطلق لحب الذات، لذلك أصبحت الطبقة الحاكمة ومن باب حب الذات تتنعم بالثروات والخيرات وبقي العمال يكدحون من أجل لقمة العيش البسيطة التي تمت مساومتهم عليها لقاء حريتهم وكرامتهم وإنسانيتهم...
وهذا ما بينه الفيلسوف الأستاذ الصرخي الحسني في كتاب ( فلسفتنا بإسلوب وبيان واضح ) تحت عنوان " نقص العلاج الشيوعي للمشكلة الاجتماعية " حيث قال : -
{{..... من الواضح أن الثروة التي تسيطر عليها الفئة الرأسمالية في ظل الإقتصاد المطلق والحريات الفردية، وتتصرف فيها بعقليتها المادية في النظام الرأسمالي فإنها تُسلم " عند تأميم الدولة لجميع الثروات وإلغاء الملكية الخاصة "إلى نفس جهاز الدولة المكون من جماعة تسيطر عليهم نفس المفاهيم المادية عن الحياة والتي تفرض عليهم تقديم المصالح الشخصية بحكم غريزة حب الذات ، وهي تأبى أن يتنازل الإنسان عن لذة ومصلحة بلا عوض، وما دامت المصلحة المادية هي القوة المسيطرة بحكم مفاهيم الحياة المادية ، فسوف تستأنف من جديد ميادين للصراع والتنافس وسوف يعرض المجتمع لأشكال من الخطر والاستغلال !!!....}}... إنتهى الإقتباس من كلام الفيلسوف الصرخي ...
فالفهم المادي للحياة والإعتقاد بمحدودية الحياة أي إننا أبناء اللحظة فقط ولا توجد حياة أخرى ولا يوجد حساب وعقاب وثواب فهذا الإعتقاد يجعل من الإنسان ومن باب حب الذات الذي لا يوجد دين يهذبه ويشذبه يجعل الإنسان يكون منشغلًا بمصلحته الشخصية فقط وفقط ويسعى لتحقيقها بأي طريقة أو صورة كانت حتى وإن كانت تتعارض مع القيم الإنسانية والأخلاقية هذا لو سلمنا جدلا بوجود تلك القيم في الأنظمة المادية؛ لذلك فإن تخبط الأنظمة المادية بين نوع الملكية ( خاصة أو عامة ) وعدم تهذيب مفهوم حب الذات جعل من تلك الأنظمة تمعن في توسيع دائرة مآسي البشرية ولم تقدم الحلول لما تواجهه من مشكلة إجتماعية...
لمن يود الإطلاع أو تحميل كتاب (فلسفتنا بإسلوب وبيان واضح ) للمحقق الفيلسوف السيد الصرخي الحسني والذي يبين فيه رؤية الأنظمة المادية للمشكلة الاجتماعية وقصور تلك الأنظمة في معالجة تلك المشكلة، عليه إتباع الرابط التالي :
http://www.al-hasany.net/wp-content/books/phlsapha/flsaftuna.pdf?fbclid=IwAR3bseviewbrhiamlazxffMneGyTNwr8OylNEes_CgzplZ9Npq2VV86A8NA