الصدر الثاني....ينسف السفارة والغيبة الصغرى .. الصرخي موضحاً..
بقلم ...حمد العاملي
لماذا..الصدر الثاني..لم يذكر الإمام المهدي-عليه السلام- يهدف في إيعازه لبناء السفارة في الغيبة الصغرى إلى أمور:
الأمر الأول: إثبات وجوده وحياته عن طريق سفرائه:
اعتمد الإمام المهدي-عليه السلام- في عمله نظاماً هرمياً خاصاً؛ أمكنه أن يرتبط من خلاله بقواعده الشعبية وفئاته الموالية؛ فكان -عليه السلام- يتصدى قمة هذا النظام ويمارس أعماله بسرية وحذر وكتمان شديد، ويصدر تعليماته وأوامره إلى سفرائه مباشرة، وقد عدّوا ركناً مهماً في هذا النظام وكانوا بمثابة أعضاء الارتباط بينه وبين وكلائه المنتشرين في سائر البلاد الإسلامية؛ ولا نعرف مدى قوة هذا الارتباط لكونه محاطاً بالغموض، ومجهولاً تماماً لدى الجميع سوى السفير نفسه الذي كان يعرف قوة هذا الارتباط وضعفه.
لقد كان تاريخ السفراء حافلاً بالآلام والمتاعب حيث المطاردة الجادة من قِبَل السلطة وجواسيسها الذين بثّتهم في كل مكان لملاحقة الإمام المهدي-عليه السلام- وأتباعه، ومحاولتها القضاء على القيادة المشروعة وكل من يرتبط بها بصلة؛ ويتجلى هذا تماماً في النصوص الواردة عنهم-عليهم السلام- من حُرمة التصريح باسمه، أو الإعلان عن مكانه كما سيأتي؛ فكانت مهمة السفراء اتخاذ ايدلوجية مناسبة من الحذر والكتمان من جهة، وبذل أقصى الجهود لإقناع الرأي العام من خلال قيادتهم الأمة - بوجود الإمام الثاني عشر-عليه السلام-، وكونه مختفياً عن الأنظار؛ وإخراج التوقيعات والبيانات الصادرة منه-عليه السلام- لتذليل العقوبات وحلّ المشاكل الاجتماعية والفكرية والسياسية وغيرها من جهة أخرى، وقد أتاح منهج السرية والكتمان الفرص الكثيرة أمام السفراء من العمل الدقيق والمنظم تحت قيادته-عليه السلام- وهم يلحظون في هذه الأيدلوجية عدة أمور هي:
الأول: خوف السلطة من العلويين، وبذلها جهوداً مكثفة لاضطهاد كبار قادتهم، والحد من نشاطهم.
الثاني: زرع جو من القلق والرعب وبث الإشاعات المغرضة والمسمومة من قبل السلطة، وما يترتب عليه من ردود سلبية على الأمة.
الثالث: المطاردة الجادة أنصار وقواعد الإمام-عليه السلام-، وشنّ حملات التفتيش المنتظمة وغير المنظمة لدار الإمام-عليه السلام- من خلال التسعة عشر عاماً من خلافة المعتمد العباسي والمعتضد..
.لنتابع المحقق الأستاذ الصرخي الحسني....أستَاذُنَا الصّدرُ.. غَيرُ مَعصُوم..
24ـ الأستاذ...يَنسِفُ السّفَارَة وَالغَيبَة الصّغرَى!!
نَبقَى مَع مَا قَالَه الأستَاذ:{يَكون لِمَا ذَكَرَه المُستَشرِق، مِن كَون تِلك السّنوَات «مَلِيئة بِالظّلم وَالجَور وَسَفك الدّمَاء»، دَخْلٌ كَبيرٌ فِي كَفكَفَة نَشَاط هَذا السّفِير...وَهَذا بِنفسِه، مِن الأسبَاب الرّئيسيّة لِانقِطَاع الوَكَالَة بِوَفَاة السّمريّ}[تَاريخ الغَيبَة الصّغرى389]...
أقول: 1ـ هَل غَفلَ الأستَاذ عَن قِراءَة مَصادِر التّاريخ أو لَم يفهمْ ذلِك؟! فَالثَابِت جِدًّا أنّ «الظّلم وَالجَور وَسَفك الدّماء»فِي زَمَن السّفراء السّابقِين إن لَم يكُنْ بِأضعَاف ما كَان عَليه فِي عَهدِ سَفَارَة السّمري، فإنّه لَا يَقِلّ عَنه!! فَكَيف إذَن خَصّصَه الأستَاذ بِزَمَن السّفِير الرّابع وَرَتّبَ عَلَيه تَوَقّفَ وَإلغَاءَ الوَكَالَة وَالسّفارَة نِهَائِيّا؟!
2ـ ألَم يَفهَم الأستَاذُ مَا كَتَبَه دوايت المُستَشرِقُ نَفْسُه، حَيث تَحدّثَ عَن السّبعينَ سَنَة الّتِي تَلَت وَفَاة الإمَام العَسكَريّ(عَلَيه السّلام)، الّتِي اِستَوعَبَت النّوَابَ السّفرَاء جَمِيعًا، بَل قَد يَظهَر مِن كَلامِ المُستَشرِق أنّه يَتَحدّث عَن الفَترَةِ الّتي سَبقَت تَوَلّي السّمريّ لِلوَكَالَة، [مَع مُلاحَظَة أنّ حِسَاب السّبعِين يَكون مَقبولًا بِناءً عَلَى
إخفاء هذا المحتوى أو الإبلاغ عنه
فَرضِ أنّ الغَيبَةَ الصّغرَى بَدأت بُعَيد الولَادَة الشّريفة وَقَبل وَفَاة الإمَام العَسكَريّ(عَلَيه السّلام)]، قَالَ المُستَشرِق:{كَان النّائب الرّابع السّمريّ وَقَد مَرّ عَلى وفَاة الإمَام الحَسَن العَسكَريّ(عَلَيه السّلام) سَبعونَ سَنَة...وَلَم يَبقَ خِلَال هذِه المِحنَة من الشيعَة إلّا بقيّة مَعدودَة...وَذلِك خِلَال اِضطِرَابٍ سِياسِيٍّ وَاجتِمَاعِيٍّ...وَبَلغَ الظّلم حَدّا...فَكَان مَجِيء الوَكِيل الرّابِع فِي زَمَن شِدّة...السّنَوات الّتي مَرّت مُنذُ أواخِر الأئمّة(عَلَيهم السّلام) كَانَت مَليئَة بِالظّلمِ وَالجَورِ وَسَفكِ الدّمَاء}[عَقيدَة الشّيعَة لِدوايت رونلدسن(255ـ 257)]
3ـ إذَا كَان الظّلم وَالجَور هَوَ هَوَ عَلَى طولِ فَترَة الغَيبَة الصّغرَى، فَلِمَاذا لَم تَكن سَفارَة الحسَين بِن روح وِمَن سَبَقَه خَامِلَة وَقَلِيلَةَ النّشَاط أو مَعدومَة، كَمَا فِي سَفَارَة السّمريّ؟!...
4ـ إذَا كَان الظّلم وَالجَور فِي فَترَة سَفَارَة العُمَرِيّينِ وَالنّوبَختِيّ أشَدّ مِمّا كَان عَلَيه فِي فَترَة السّمَريّ أو لَا يقلّ عَنه، فَلِمَاذا لَم يَقطَع الإمَام المَهديّ(عَلَيه السّلام) الوَكَالَة وَالسّفَارَة مِن البِدايَة أو مِن الأصل، باعتِبار أنّ الظّروفَ كَانَت أشَدّ وَأخطَر أو بِنَفس الخطورَة؟!...
5ـ مَبنَى الأستَاذ فِي جَعلِ تِلك الظّروف سَبَبًا لِاِنقِطَاع الوَكالَة كُلِّيًا!! حَيث قَالَ الأستاذ:{وَهَذا بِنَفسِه، مِن الأسبَاب الرّئيسِيّة لِانقِطَاع الوكَالَة بِوَفَاة السّمريّ}!! وهذا يستلزم اِنقِطَاعَ وَانتِفَاء الوَكالة والسّفارة مِن البِدايَة وَمِن الأصل، فَتَنتَفي الغَيْبة الصّغرى المُرتَبِطَة بالسّفراء!! وَهذا المَبنَى المَستلزِم لِنَسفِ السّفارة والغَيْبَة الصّغرى باطلٌ جَزمًا، صُغرى وَكُبرى!!
6ـ هَل يَعتَقِد الأستَاذ أنّ الغَيْبَةَ وَالظّهورَ يَتبَعَان مَنهَجَ التّقِيّة الّذي فَهِمَه بِسَلبِيّةٍ وَغَرَابَة؟! حَيث ظَهرَ مِن الفِعْلِ وَالقَولِ وَالتَطبِيقِ عَلَى النّفسِ والغير!! ولَا تَخفَى دَلَالتُه عَلَى اِنتِهَازِيّةٍ وَتَبريرٍ لِمَواقِف النّفعِ وَالجُبْنِ وَالخنُوع!! وَمِن هُنَا جَاءَت انتِقائِيّة التّوصِيف، فَيَكون شَرعًا وَحِكمَة وَشجَاعَة لِلبَعضِ بَينَمَا لِغَيرِهم يَكون جُبْنًا وَعَمَالَة وَمُخَالَفَة لِلدّينِ!!...
7ـ ألَيسَت حَاجَة الإنسَان وَالمُجتَمَع لِلنّاصِح المُنقِذ تَتَضاعَف جِدًّا فِي حَالَات اِشتِداد الظّلم وَالجَور، فَكَيف تَصوّر الأستَاذ أنّ الإمَام (عَليه السّلام) فِي حَالات الشّدّة قَد تَخلّى عَن مَسؤولِيّاته وَقَطَعَ السّفارات وَانتَقل لِمَرحَلَة الغَيْبَة التّامّة؟! فَهَل خَفِيَ عَلَى الأستَاذ مَا فَهِمَه المُستَشرِق حَيث قاَل:{مرّ عَلَى وَفَاة الإمَام العَسكري(عَليه السّلام) سَبعونَ عامًا وَلَم يَظهَر الإمام...وَخِلَال اضطِرَابٍ سِياسِيٍّ وَاجتِمَاعِيّ زَعزَعَ إيمَان النّاس، وَبَلَغَ الظّلم وَالجَور حَدًّا جَعَلَ أكثرَ النّاس يَتوَقّعونَ ظهورَ الإمَام المُنتَظر حَتْمًا}...{فَكَان مَجيء الوَكِيلِ الرّابِع فِي زَمَن شِدّة، فَرُبّمَا شَعَرَ أنّ السّنَوات الّتِي مَرّت مُنذُ أوَاخِر الأئمّة(عَلَيهم السّلام) كَانَت كُلّها مَلِيئة بِالظّلمِ وَالجَورِ وَسَفكِ الدّمَاء، وَأنّ الإمَامَ لَابُدّ أن يَظهَر}[عقيدة الشيعة لِرونلدسن256]؟!!
twitter.com/AlsrkhyAlhasny
twitter.com/ALsrkhyALhasny1
instagram.com/alsarkhyalhasany