التاريخ وتدليس الأبْطَحي عن الرواندي وَمِن أشْهَر الكُتُب -الخرائج والجرائح-..الصرخي محققاً
بقلم …حمد العاملي
فعلى افتراض
إمكان زواج الأنسي بجنية فإن ذلك لا يجوز شرعاً، لمفهوم قوله تعالى: ( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ) [النحل:72] وقوله سبحانه: ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً) [الروم: 21] قال المفسرون في معنى الآيتين: ( جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ) أي من جنسكم ونوعكم وعلى خلقكم.
قال … السيوطي في الأشباه والنظائر: ( فإن قلت: ما عندك من ذلك؟ قلت: الذي أعتقده التحريم، واستدل بالآيتين المتقدمتين: ثم قال: فروي المنع منه عن الحسن البصري، وقتادة، والحكم بن عيينة، وإسحاق بن راهويه. وقال الجمال السجستاني من الحنفية في كتاب ( منية المغني عن الفتاوى السراجية) لا يجوز المناكحة بين الإنس والجن، وإنسان الماء لاختلاف الجنس. وذكر وجوهاً أخرى للمنع منها: أن النكاح شرع للألفة، والسكون، والاستئناس، والمودة، وذلك مفقود في الجن.
ومنها: أنه لم يرد الإذن من الشرع في ذلك، فإن الله تعالى قال: ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء ) [النساء:3] والنساء اسم لإناث بني آدم خاصة، فبقي ما عداهن على التحريم، لأن الأصل في الأبضاع الحرمة حتى يرد دليل على الحل. ومنها: أنه قد منع من نكاح الحر للأمة، لما يحصل للولد من الضرر بالإرقاق، ولا شك أن الضرر بكونه من جنية وفيه شائبة من الجن خَلقاً وخُلقاً، وله بهم اتصال ومخالطة أشد من ضرر الإرقاق الذي هو مرجو الزوال بكثير، ثم قال: وإذا تقرر المنع، فالمنع من نكاح الجني الأنسية أولى وأحرى)
وإنما منع زواج الجني من الإنسية لما تقدم، ولئلا تقول المرأة إذا وجدت حاملاً إنها حامل من زوجها الجني فيكثر الفساد. وقال الماوردي بخصوص المناكحة بين بني آدم والجن:
( وهذا مستنكر للعقول، لتباين الجنسين، واختلاف الطبعين، إذ الآدمي جسماني، والجني روحاني. وهذا من صلصال كالفخار، وذلك من مارج من نار، والامتزاج مع هذا التباين مدفوع، والتناسل مع الاختلاف ممنوع ( نقله عنه صاحب أضواء البيان ) (3/241).
وأخيراً نقول: إن زواج الإنسي بالجنية على فرض إمكانية وقوعه - وهو مستبعد جداً - يترتب عليه مفاسد كثيرة، لقدرة الجنية على التشكل بصورة أخرى، وكيف يثق أن التي تخالطه هي زوجته حقاً، ربما كانت غيرها، ولأن الزواج لا بد فيه من ولي وشاهدي عدل كشرط صحة للنكاح، ولا بد من خلو المرأة من الموانع، وربما تعذر تحقق كل ذلك لاختلاف طبيعة الجن عن الإنس، إلى غير ذلك من الأمور.…نتابع المحقق والمفكر والإسلامي الصرخي الحسني-
[المُحسن وَالبَاب وَالإسْقاط...بَيْن...الحَقيقَة وَالخُرافَة وَالسّياسَة]
{مَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}[الكهف29]
[لا تَقلِيدَ في أصول الدّين...لَا تَقلِيدَ فِي العَقَائِد]
[أمورٌ لَا تُرضِي الطّـائفِيّ وَالتّكفِيريّ مِن كُلّ المَذَاهِب!! لَكِنّها تُوافقُ وَاقِعَ وَسَطِيَةِ الدّينِ وَالضّمِير وَالأخلَاق]
حَادِي عَشَر ـ [الْـجِـنّــيّـــة.....الظّـهــور الأوّل..... القَـرْن السّادس الهِجْري]:
1ـ [مُصَاهَرَة تَعْجِيزِيّة]: المُصَاهَرَةُ العُمَرِيّةُ المُبَارَكَةُ قَـد أثْبَتَت العَجْزَ، وَسَدَّت كُلَّ أبْوَابِ المَكْرِ وَالخِدَاع، وَكَشَفَت مَا عِنْدَ المُدَلِّسَةِ وَالجَهَلَةِ مِن شَعوَذَةٍ وَخُرَافَة
2ـ [الظّهور الأوّل]: أوّلُ ظُهُورٍ لِلْجِنِّيَّة كَان فِي كِتَابِ "الخرائج وَالجرائح" عَلَى يَـدِ الرّاوَندي المُتَوَفِّي سَنَة(573هـ)
3ـ [أَوْهَام شَاعِر أو سَاحِر]: لَا إشْكَال فِي كَوْنِهِ شَاعِرًا، فَرُبَّمَا يَكون اخْتِلاقُه لِخُرَافَةِ الجِنّيّة رَاجِعًا لِخَيَالَاتِ وَأوْهَامِ شَاعِر، وَإلّا فَمِنَ السّحْرِ وَالشّعْوَذَة!! قَال مُحَقّق الكتاب:{العَالِم الكَبِير، الشّاعِر...كَانَ عَلَى جَانِبٍ كَبِيرٍ مِن الأدَبِ وَالشّعْرِ، وَشعْره جَيّد، مُستَعذَب الألفَاظ، رَاقِي المَعاني.....عَدَّهُ العَلّامَة الأمِينِي فِي شُعَرَاء الغَدِير}[الخرائج والجرائح1
4ـ [الخَرَائج...غَثّ وَسَمِين...ضَعِيف وَغَيْر مُسْنَد]:
أـ أن يَخْلِط الرّاوَنْدِي بَيْنَ الغَثّ وَالسّمِين، وَمَا هَبَّ وَدَبَّ، وَيَأتي بِروَايَات ضَعِيفَة وَبِلَا سَنَد، فَهَذَا شَأنُه وَلَه غَرَضُه، لَكِن اعْتِبَار ذَلِك مِن المَهَارَةِ وَالبَرَاعَةِ وَالإشْرَاقِ وَالتّألّق، فَهُوَ مِن السّخْفِ وَالاستِخْفَافِ وَالتّجّهيل، قَالَ تَعَالَى{وَمَنْ كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ}[الإسراء72]
بـ ـ تَحَدّث الأبْطَحي الأصْفَهَاني عَن أهَمّ آثَار الرّاوندي فَقَال:{إنّ مَهَارَتَه وَبَرَاعَتَه تَظهَرَان فِي أحْسَن الوجوه إشْرَاقًا، وَأكْثَرهَا تَألّقًا....فَقَد مَهَرَ فِي عِلْمِ الحَدِيث وَصَنّفَ فِيه الكُتبَ الكَثيرَة....وَمِن أشْهَر هَذِه الكُتُب وَأكْبَرهَا: كِتَاب "الخرائج والجرائح"....وَهُو يُعَدّ مِن أعْظَم كُتُب المُعْجِزات...تَرْتِيبًا وَتَنْقِيحًا، وَتَوْثِيقًا وَإحْكَامًا، وَإحَاطَةً وَشمولًا}
[الخرائج والجرائح،تحقيق مؤسسة الإمام المَهدي فِي قُمّ، إشرَاف محمد الأبطَحي الأصفَهاني]
جـ ـ حِينَمَا يَتَصَرّف أو يَتَلَاعَب بِالنّصوصِ وَالأسَانِيد، فَيُغَيّر فِي صِيَاغَةِ الرّوَايَات وَيُقَطّع المُتُون وَيَحْذِف مَا يَشَاء، وَيَبْتِر الأسَانِيد وَيَعْدِمها، فَأَقَلّ مَا يُقَال عَنْه، أنّه لَيْسَ مُحَدِّثًا وَأنّ كتَابَه لَيْسَ مَصْدَرًا لِلحَديث بَل لَيْسَ مِن كُتُبِ الحَدِيث!! وَهَذا مَا أَقَرّ بِهِ الأبْطَحي الأصْفَهَانِي لَكِنَّه دَلّسَ فَجَعَلَها مِن الإبْدَاع وَالمَهَارَة وَتَسْتَحقّ المَدْحَ وَالثّنَاء!!
دـ قَالَ الأبطَحي: {كَان لِلْرَاوندي أسلوبُه المُتَمَيّز فِي صِيَاغَةِ روَايَات كِتَابِه هَذا، وَأسلوب عَرْضها، الأمْر الّذي دَفَعَه فِي أغْلَبِ الأحيَان إلَى اخْتِصَار المَادّة الرّوَائِية المَرْوِيّة.....كَحَذفِ مُقَدّمَات الحَديث، وَبَاقِي الأحْدَاث الهَامِشِيّة الخَارِجَة عَن تِبْيَان المُعجزَات وَالدّلَائل، وَاخْتِصَار أسْمَاء الرُّوَاة وَنَحو ذَلِك}!! [الخرائج والجرائح(المقدّمَة)]
ه ـ ..... يتبع..... يتبع
الصَّرخيّ الحسنيّ
twitter: @AlsrkhyAlhasny
@ALsrkhyALhasny1
instagram: @alsarkhyalhasany
https://www.khlgy.com/do.php?img=96218