الرياضة الروحية- للإنسان المسلم المؤمن- وتهذيب النفس الامرة و تصحيح مسارها إلى طريق العدل الإلهي
بقلم.....حمد العاملي
إذا أراد الإنسان أن يهذب نفسه فلابدّ من أن يلتفت إلى الطرق التي يمكن استخدامها للقيام بهذا الأمر، وهذه الطرق هي
1-الوقاية: وهي بمعنى التوقي من أول الأمر بالحيطة والحذر، وتجنب ما يؤدي إلى الوقوع في المعاصي والأخلاق السيئة وهي أفضل وأسهل وسيلة لتهذيب النفس، لأنّ النفس قبل إصابتها وتلوثها تكون أكثر استعداداً للتخلق بأخلاق الله وعمل الخير، وتكون أقدر على مواجهة إغراء الدنيا ووسوسة الشيطان، ولذا فإن ترك المعاصي أيسر من الحصول على التوبة. يقول الإمام علي -عليه السلام-: "ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة، وكم من شهوة ساعة أورثت حزناً طويلاً". ولذلك فإن عمر الشباب هو عمر مناسب جدّاً لهذا الأمر حيث ينبغي ألا يكون قد حصل التلوث بحب الدنيا في هذا العمر.
2- الترك المباشر: لو فرضنا أنّ الوقاية لم تنجح بشكل كامل وابتلى الإنسان بالمعاصي وسوء الخلق، فإن أفضل وسيلة لعلاج ذلك هو الترك المباشر والدفع للمعاصي، والتوبة مباشرة بتصميم قاطع وإرادة قوية والتغلب على الشيطان والنفس الأمّارة بالسوء دفعة واحدة، وربما يحصل هذا الأمر نتيجة سماع آية أو حصول حادثة أو غير ذلك.
3- الترك التدريجي: إذا لم نستطع تهذيب أنفسنا دفعة واحدة فيمكن أن نقوم بذلك بشكل تدريجي، بأن نقوم بترك ذنب أو مجموعة ذنوب وبذلك نكون قد بدّلنا نقطة سوداء في قلوبنا إلى نقطة بيضاء، ومن ثم نقوم بترك ذنب آخر وهكذا إلى أن نكون بعد فترة قد ابتعدنا تماماً عن الذنوب وأخرجنا الصفات السيئة من أنفسنا، وسددنا ضربة موجعة للشيطان تضعفه عن محاولة إضلالنا وإسقاطنا في وادي الهلاك
4- الابتعاد عن القرآن
لقد ابتعدنا عن القرآن لفظًا ومعنى، فصرنا نحسب المكاسب والمناصب الدّنيويّة الزّائلة البالية هي الفوز، وأنَّ خلافها هو الخسران، فأصبحنا من عبّاد الدّنيا وعبيدها، وهذا كفرٌ وإشراكٌ مخالف لنصّ وصراحة القرآن المشيرة إلى أنَّ الخسران هو خسران في الآخرة، وهو خسران النّفس والأهل يوم القيامة،
قال تعالى: «وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ»(الأعراف٩).قال تعالى: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللهِ كذبًا... (١٨) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا... (١٩) ... (٢٠) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢١) لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمْ الأَخْسَرُونَ»(سورة هود).
مقتبس من كتاب (نزيل السّجون) لسماحة السّيّد الأستاذ الصّرخي الحسني - دام ظلّه -
https://k.top4top.io/p_18949d9om1.png