بقلم : احمد المـــلا
تناقل بعض الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي نسخة مصورة عن قرار صادر من كلية الشريعة التابعة لجامعة بغداد يقضي بحظر تدريس كتب ابن تيمية ابن قيم الجوزية في المناهج الدراسية, وهذه الخطوة هي تشبه لحد ما خطوة وزارة التعليم في جمهورية مصر العربية وكذلك قرار الأزهر الشريف الذي منع وجود كتب ابن تيمية في الجوامع، والسبب والدافع الرئيسي الذي دفع بتلك الجهات بحظر تلك الكتب هو لوجود الفكر التكفيري الدموي والفكر المتشدد الذي يزرع بذرة الإرهاب التكفيري في عقول المتلقين من طلبة ودارسين, وهي كخطوة لمحاربة الفكر الإرهابي وتجفيف منابعه الفكرية.
تعتبر هذه الخطوة هي خطوة نحو الاتجاه الصحيح لكنها لا تعد الحل الجذري والنهائي, فحظر تلك الكتب في أماكن معينة لا يعني عدم توفرها في غيرها من الأماكن من مكتبات عامة وكذلك كتب ألكترونية, فمن يتعذر عليه وجود هذه الكتب في مكان ما سوف يجدها في مكان آخر, وهذه الخطوة هي سابقة لأوانها والسبب هو أن " كل ممنوع مرغوب " وسيدفع بالعديد بالبحث عن هذه الكتب هذا من جهة ومن جهة أخرى سوف تكون هناك مظلومية لصاحب الكتب وسيعطى هالة أكبر...
لذلك نقول أن هذه الخطوة سابقة لأوانها, لأن هناك خطوة مهمة يجب أن تسبق خطوة حظر تلك الكتب وهي مناقشة آراء وأفكار ابن تيمية وتلامذته من كل النواحي وإثبات بطلان ما فيها وكشف كل ما فيها من آراء متشددة ومتطرفة تدعو للقتل وسفك الدماء بطريقة تخالف النهج الإسلامي العام ويخالف السنة النبوية حتى لا يكون هناك من يبرر و يدافع عن آراء ابن تيمية وأفكاره التكفيرية الدموية, وبعد أن يثبت ذلك للجميع تأتي الخطوة التالية وهي حظر كتبه من المكاتب العامة والخاصة ومن الدراسة الدينية والأكاديمية.
ونحن هنا نتكلم بصورة لا نتحدث عن شخص ابن تيمية وليس لنا عداء معه, فكما يقول المحقق المرجع الصرخي في المحاضرة الإحدى والثلاثين من بحث " وقفات مع.... توحيد ابن تيمية الجسمي الأسطوري " حيث قال :
{{... عندما نتحدث عن النهج التيمي ليس لنا عداء مع ابن تيمية، بالرغم من أنّ ما فعله ابن تيمية ببغض أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وبغض علي عليه الصلاة والسلام، وبغض الصحابة المبطن والواضح لمن يفكر وعنده الإنصاف، نجد أنّه أبغض أهل بيت النبوة وأمير المؤمنين علي سلام الله عليه والصحابة الأجلاء، فهو في قمة شعب النفاق، وبكلام لا يصدر من إنسان سوي، لا يصدر من إنسان عنده غيرة وشرف وعقيدة ودين، فلو كان عندنا العداء الشخصي معه فعندنا مبرر وألف مبرر ومليون مبرر للعداء معه .
اقرءوا ما يقول في كتبه على أئمة الشيعة وعلى أئمة المعتزلة وعلى أئمة الأشاعرة وعلى أئمة الجهمية، وعلى الناس الملتحقة بهم، وعلى أهل بيت النبوة، وعلى علي عليه السلام وعلى الصحابة، لم يترك أحدًا لم يطعن به، وحتى يستخدم العبارات والألفاظ والإيحاءات الفاحشة، لا تصدر من إنسان ابن شارع، لا تصدر من هذا أمير المؤمنين الذي يشرب الخمر من الصباح إلى الصباح وتصدر من ابن تيمية .
فما ورد من إجماع من علماء المسلمين في قتل ابن تيمية في ذلك الوقت وصدرت الفتوى بهذا العنوان، ليس من فراغ، لأنّه لا يوجد شخص صدر منه أو وجد في التاريخ الإسلامي، لكن مع هذا نحن نتحدث عن نهج، ليس لنا علاقة بالشخص، حتى لو قلنا: ابن تيمية عليه السلام ورضي الله عنه وصلى الله عليه وعلى آل حران الصلاة والسلام، والصابئة عليهم الصلاة والسلام، شعب ابن تيمية وأجداد ابن تيمية، ليس عندنا مشكلة مع هذا، هل سيصل السلام والصلاة؟ لا توجد مشكلة هنا؛ لأنّنا ليس لنا عداء شخصي مع ابن تيمية ومع غير ابن تيمية .
نحن نتحدث عن نهج، نتحدث عن دماء وسفك دماء وإرهاب وقتل، وهذا يأتي من ابن تيمية وأفكار ابن تيمية وتكفير ابن تيمية، شئنا أم أبينا، فإذا لم يظهر المجدد الذي يناقش ويقدح ويعترض على ابن تيمية، ويأتي بجديد، يطعن بكلام ابن تيمية التكفيري الإجرامي ويأتي بجديد، وإن يكن على النهج التيمي، ليس عندنا مشكلة مع هذا ...}}.
ونحن نقول هذا الكلام حتى لا يفهم بأن هناك عداء شخصي لشخص أو لطائفة أو مجموعة من الناس، بل الكلام عن نهج أسس للقتل وسفك الدماء وإرهاب الناس بصورة أضرت بالإسلام والمسلمين قبل غيرهم وشوهت صورة هذا الدين، فنحن عندنا الدين أهم من الأشخاص، ولذلك ندعو لمناقشة هذا الفكر وإبطال كل مبانيه جملة وتفصيلاً لأن هذه هي الخطوة الأساسية في ردم منبع الإرهاب التي يجب أن تتخذ قبل أي خطوة أخرى كحظر الكتب أو الحرب العسكرية على الإرهاب.