وخض الغمرات للحـق حـيث كـان
دائماً مايكون الحق ثابت الموقف صحيح الكلمة محاكياً الواقع ؛ فهو اطـار شامل يتسع لكل قضايا الحياة الفكرية والعلمية.وغيرها
وكلما كانت الفكرة تتوافق مع الواقع هي فـكرة حق، واذا كانت الكلمة التي تحاكي الواقع فهي كلمة حق ؛ والعمل الذي ينبثق من الواقع فهوعمل حق، والموقف الذي يفرضه واقع الامر هوموقف حق.وهو ماعبر عنه الخليفة والصحابي الجليل علي بن ابي طالب وهو يتتحدث عن شمولية الحق بقوله: (حق وباطل ولكـل أهـل) .
فعندما يعتنق الشخص فكرة صحيحة فيسعى لطرحها بصورتها الصحيحة دون غش او تزوير للفكر أو تحريف ؛ وعندما لا يسمح لنفسه باعتناق الفكرة الباطلة او العمل وفقها فهو بلا شك على حق والآ فأنه سيخدع نفسه ويضلها ويظلمها..و
سـيصطدم بالأمر الواقع الثابت فالكفار حينما خدعوا أنفسهم واعتقدوا بعدم وجود بعث وحساب وعقاب، لم تغير عقيدتهم الباطلة واقع الحق، بل وجدوا انفسهم فجأة امام الامر الواقع ولم يسعهم حينئذ الا الخضوع والاعتراف ولكـن بـعد فوات الاوان. يقول القرآن الحكيم: (ويوم يعرض الذين كفروا على النار اليس هذا بالحق؟قالوا:بلى وربنا. قال:فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون). (الاحقاف/٣٤
فللحق ميزان ثابت وليس كما يروج اليه البعض فالكثرة الغالبية تستعمل مقاييس خاطئة لتوصلهم الى الحق فتوصلهم للباطل بينما يعتقدون في ذواتهم انهم على حق وانهم يحسنون صنعا..
وعليه فإن ميزان الحق ليس كثرة الأصوات والأتباع وإنما الميزان هو العقل الذي شرف الله به الانسان ؛ والقران (يا ايها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم).
فما جاء به الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوه ؛ فالحق واضح المعالم ويبقى على الانسان التفكر والتعقل كي يعرف طريق الله وهذا بلا شك بحاجة الى من يوصل فكرة الحق الى الناس وهم العلماء العاملون وهم موكولون بايصال صوت الحق للناس وافهامهم وهذا ما عمل به رجل الدين الصرخي كما ناشد كل عالم للعمل وفقه وضمن مانصه قوله في بحثه ماقبل المهد الى مابعد اللحد ) قائلا ( أئمة المذاهب لا يحتاجون إلى أتباعهم ..على العلماء أن يوصلوا هذه الحقائق إلى الناس، إلى أذهان الناس، لينقذوا الناس من التكفير والفكر الداعشيّ التكفيري المدمر، لا تخافوا على أنفسكم، لا تخافوا على مذهبكم، لا تخافوا على أئمتكم، لا مالك ولا الإمام الشافعي ولا أحمد ولا أبو حنيفة يحتاج إليكم وإلى المقلدين وإلى الأتباع كما أن الإمام الصادق لا يحتاج إلى الأتباع (سلام الله عليهم أجمعين)، أنت تبني مجدًا لنفسك، تبني وتؤسس لسمعة وواجهة لك وليس للأئمة وليس للفقهاء وليس للعلماء، وليس لأهل الحديث، تكذب أن تقول هذا، عليك أن تعمل في رضا الله تعالى وتكون الغاية رضا الله سبحانه وتعالى، لا تخاف، لا تتردد، قل الحق، احكِ الحق، اكشف الحق.)
نعم ففي بعض الاحيان يغلف الباطل بغلاف الحق، وتهيأ الافكار بصيغ الحق ولكن بمقاييس باطلة كما يفعل ويروج له الدواعش والتكفيرين وهوما نعاني منه في وقتنا الحاضر حـيث تـرتفع شعارات الحق بمختلف العناوين والمظاهر كشعار الوحدة والحرية والعدالة والتقدم، ولا شك ان هدف هـذه الشـعارات بـذاتها هدف حق ولكن من يرفعها انما يستغلها من اجل الباطل. فعلى النسان أن يكون ذكياً واعـياً لا تخدعه الشعارات ولا تغره المظاهر.وان يتبع قول خليفة المسلمين علي عليه السلام (وخض الغمرات للحـق حـيث كـان) وان كلفه ذلك جهداً وعناء.
++++++++++++++++++++++++++
هيام الكناني