بقلم نوار الربيعي
مما لاشك فيه إن الإمام المهدي " عليه السلام " يمثل الإمتداد الطبيعي للأئمة الأطهار وهو الإمام الثاني عشر والتاسع من ولد الإمام الحسين " عليه السلام " وهو المنادي والمطالب بثأر الإمام الحسين, وهنا لا نقصد بالثأر مسألة الدم والقتل والقصاص من قتلة الحسين "عليه السلام" بل نتحدث عن الثأر الإصلاحي, فالحسين خرج لطلب الإصلاح ومحاربة الفساد والإنحراف الذي أصاب الأمة وقد جوبه خروجه بالرفض والغدر والخيانة مع مواجهة الآلة الإعلامية الحاكمة التي سخرت كل إمكانياتها من أجل طمس هذه المعالم وجعلت من الحسين خارجي وإرهابي في نظر الناس, ومن تلك اللحظة أخذ الصراع بين الخط الإصلاحي وخط الفساد والإفساد وما زالت هذه الثورة مستمرة حتى ظهور الإمام المهدي " عليه السلام "...
فكما هو معروف عند المسلمين إن هدف الإمام المهدي " عليه السلام " هو إقامة دولة العدل الإلهي وهذه الدولة لا يمكن لها أن تقوم إن لم يكن الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موجوداً وهذين المبدأين هما أساس الثورة الحسينية المباركة, فالصلاح والإصلاح يقوم على أساس ردم منابع الفساد وتغير الواقع الذي تعيشه الأمة, وكل ذلك قد هيئته ثورة الإمام الحسين " عليه السلام " ليكون ختام هذه الثورة مهدوياً...
كما إن الثورة الحسينية والقضية المهدوية عبارة ثورة واحدة لها أهداف وأبعاد واحدة لا يمكن الفصل بينهما إلا من خلال الأسماء والحقبة الزمنية, فالحسين والمهدي " عليهما السلام " هدف واحد كما بين ذلك المرجع المحقق الصرخي في كتاب " الثورة الحسينية " حيث قال :
{{... تشير الأدلة العقلية والنقلية إلى إن الإمام المهدي (عليه السلام وعجل الله تعالى فرجه) هو الذي يجني الثمار النهائية لثورة الحسين ونهضته من تحقيق الأهداف الإلهية في ظل إقامة الدولة الإسلامية العالمية الإلهية فالإمام الحسين (عليه السلام) بتضحيته أرسى القواعد الأساسية لدولة العدل الإلهية وشيد بنائها النظري والمعنوي في أذهان الناس وقلوبهم ويبقى التكميل والتجديد والتشييد الخارجي للبناء والذي يمثل التطبيق للقانون الإلهي الذي ينص عليه قوله تعالى : (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) يبقى على بقية الله في أرضه (عليه السلام).وقد تصدى الشارع المقدس وفي مناسبات عديدة وبصور مختلفة لإبراز ذلك المعنى وبيان الارتباط الوثيق بين الثورة الحسينية والدولة المهدوية ودولتها العالمية , وكأن الثورة الحسينية تمثل الحركة التمهيدية والأسس الرئيسية الثابتة للثورة المهدوية أي ان غايتها وهدفها هو الثورة المهدوية أقيمت وانطلقت من اجل تحقيق أهداف الثورة الحسينية أي ان غايتها وهدفها هو الثورة الحسينية وأهدافها الإلهية وأوضح ما يشير إلى ذلك الارتباط :
1- إن شعار الثورة والنهضة المهدوية هو (يا لثارات الحسين) .
2- وكذلك الامتداد والبعد والعمق التاريخي والشمولية لسكان السماوات والأرض عند الملائكة وفي سيرة الأنبياء (عليهم السلام) وخاتم النبيين (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين وأولاده المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين) , كلهم يحيي ذكرى الإمام المهدي (عليه السلام) كما أحيا الثورة الحسينية وينتظر الفرج بظهوره الشريف وكل منهم يدعوا لله تعالى أن يكون مع الإمام (عليه السلام) للانتقام من أعداء الله الظالمين .
3- إضافة لذلك فإننا نجد إن الشارع المقدس أعطى خصوصية لكربلاء كثورة وكبلد في فكر الإمام المهدي (عليه السلام) وسلوكه (عليه السلام) .
4- إعطاء خصوصية لتراب كربلاء كما فعل جبرائيل (عليه السلام) عندما لبى طلب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وجلب له من تربة كربلاء , وكما أشار المعصومون (عليهم السلام) أن الشفاء في تربة كربلاء .
5- إن كربلاء اشرف من بيت الله وان زوار الحسين (عليه السلام) في كربلاء في يوم عرفات له أفضلية على الحجيج الواقفين في عرفات .
6- وغيرها من الخصوصيات المعنوية والروحية والمادية والني تؤكد مركزية كربلاء والثورة الحسينية ومحوريتها في ثورة الإمام المهدي(عليه السلام) ودولته والتي تبين وتثبت الامتداد التاريخي الزماني والمكاني لنهضة المهدي (عليه السلام) وثورته المقدسة , كما هو الامتداد والعمق لثورة الحسين (عليه السلام) ...}}.
فلا يمكن الفصل بين ثورة الحسين " عليه السلام " وبين ثورة الإمام المهدي " عليه السلام " لأن الأخيرة قائمة على أساس الأولى ومنها أخذت شرارتها.