بقلم : احمد المـــلا بعدما سقطت المحافظات العراقية الشمالية والغربية وبعض مناطق حزام العاصمة بغداد بيد تنظيم داعش الإرهابي, إثير لغط كثير حول مسألة دخول داعش للعراق وكيف تمكن وبهذه السرعة من احتلال تلك المحافظات وتلك المناطق خلال سويعات قليلة, فراحت الأصوات الطائفية النشاز ومن خلال وسائلها الإعلامية المأجورة بإشعال فتيل الطائفية وإثارة الحقد والبغضاء بين أبناء العراق الواحد مستغلة في ذلك مجزرة سبياكر لتحقن القلوب والعقول بالحقد, وبدأت تلك الأصوات بالترويج لفكرة مفادها أن أهل تلك المناطق هم حواضن لتنظيم داعش الإرهابي وبسبب تواطئهم مع هذا التنظيم تمكن من احتلال تلك المناطق بسرعة كبيرة. لكن في حقيقة الأمر هذا الأمر هو مخالف للواقع تماماً, فتنظيم داعش الإرهابي كان متواجداً في الصحراء وبعلم الجهات الرسمية والإستخباراتية والأمنية بصورة عامة هذا من جهة ومن جهة أخرى وبحسب تصريحات الفريق الركن " مهدي الغراوي " التي أدلى بها لقناة البغدادية الفضائية والتي أوضح فيها أن تنظيم داعش كان يحاول دخول الموصل وأن الغراوي قد أبلغ الجهات الرسمية بكل صنوفها عن تلك المحاولات لكنها لم تتخذ ما يلزم ولم تحرك ساكناً, ويضاف لذلك هو الإنسحاب المفاجئ والكبير لكل القطعات العسكرية المتواجدة في تلك المحافظات وهروب القيادات العسكرية من مقرات القيادة وبصورة سببت إرباكاً كبيراً عند الجنود حتى صاروا لقمة سائغة لإرهابيي داعش... وفي المقابل كانت تلك المحافظات على صفيح ساخن حيث شهدت – وكما يعرف الجميع – حراكاً يطالب الحكومة المركزية بتغيير سياستها إزاء تلك المناطق وشيدت مخيمات الإعتصام على ضوء ذلك ووصل الأمر إلى التأزم الكبير بين الحكومة المركزية وبين المعتصمين, لكن انسحاب الجيش المفاجئ وترك الحدود للدواعش جعل الناس في تلك المناطق تخرج بصورة عفوية وبشكل كبير الأمر الذي شكل غطاءً مناسباً لتسلل الدواعش فيما بينهم والإختلاط بهم حتى أخذ الجميع بتهمة الدعشنة وهذا الأمر كان معد ومهيأ له ووفق خطة محبوكة ومرسومة جيداً لأسباب قد بيناها في مقالات سابقة كان أبرزها هو القضاء على الحراك المناهض للحكومة المركزية... هذا الأمر دفع بالأصوات الوطنية الحرة التي فهمت وتفهم اللعبة جيداً بأن ترفض الإجراءات القمعية التي قامت بها الحكومة لأن هناك أناس أبرياء أخذوا بجريرة غيرهم, ومن باب الدافع الوطني والديني والإنساني والواجب الشرعي والأخلاقي تطلب توضيح ذلك الأمر للناس, وهذا ما دفع بالمرجع المحقق الصرخي أن يبين هذا الأمر وصرح بأن تلك الإجراءات غير صحيحة لأن نسبة الدواعش قليلة جداً قياساً مع أعداد الناس المنتفضة ولم ينفِ وجود الدواعش بل قال إن نسبتهم قليلة جداً لأنهم اختلطوا بين الناس وكان الأجدر بالجهات المسؤولة أن تكافح الإرهاب الداعشي والدواعش عندما كانوا متواجدين في الصحراء وليس عندما اختلطوا بالناس لأن ذلك سوف يؤدي إلى قتل وسفك دماء أناس أبرياء وتدمير مدن وقرى ويؤدي إلى التهجير والتطريد والتجويع وهذا ما سيخلق فتنة كبيرة تحل على كل العراقيين في الشمال والجنوب, ودعا المرجع الصرخي في الوقت ذاته إلى استخدام لغة الحوار والتمييز بين أصحاب المطالب المشروعة وبين الإرهاب... لكن الذي حصل هو ما نعيشه اليوم من أزمات متكررة ومتعاقبة وهذا بسببه خونة العملية السياسية الذين هيئوا الظروف الموضوعية لدخول تنظيم داعش للعراق من أجل استغلال هذا التنظيم لمصالحهم الشخصية والحزبية والفئوية الضيقة حتى لو كان على حساب وطنهم وشعبهم وأبناء جلدتهم وهنا الكلام غير موجه لجهة معينة تحديداً بل هو موجه لكل جهة ساهمت بشكل أو بآخر بدخول داعش للعراق, حتى أن تلك الجهات ذاتها تعمل الآن من أجل تشويه صورة كل من تصدى للإرهاب الداعشي فكرياً وكشف حقيقته العقائدية الزائفة, كما يفعل الآن مع المرجع المحقق الصرخي حيث يروج هؤلاء المنتفعين من التواجد الداعشي على أن " الصرخي " ينفي وجود الدواعش معتمدين على جزء مقتطع من محاضرة مدتها ساعتين وهو جزء من كلامه حول تلك الأزمة كما أوضحت سلفاً !!... فهؤلاء المروجين لهذه الفرية يريدون أن يطمسوا الحقيقة التي كشفها المرجع الصرخي قبل سنوات من أجل أن لا يم الاحتجاج عليهم بما قاله المرجع الصرخي وبينه لهم وذلك من خلال تشويه صورته وتدليس وتزييف الحقيقة التي لا يمكن أن يحجبها إعلامهم المأجور, فمثل هؤلاء هم الحاضنة الحقيقية لتنظيم داعش وهم من يريدون له البقاء حتى تستمر مصالحهم ويستمر فسادهم وتستمر سرقاتهم وتبقى نار الفتنة الطائفية التي أوقدوها مشتعلة.