السيستاني يقتل الدولة المدنية العراقية
بقلم : ضياء الحداد
الدولة الكهنوتية هي نوع من الدول يحكمها (رجال الدين المُسيسون)، أياً كان هذا الدين؛ ليس لأن شرعيتهم أتت من توافق الشعب عليهم، وإنما لأنهم يدّعون أنهم وكلاء لله على الأرض، وبالتالي فكل من اعترض على سلطتهم، أو سطوتهم، أو اختلف معهم في شأن من شؤون الحياة وليس الدين، فهو يختلف مع الله جلَّ شأنه.
وقد عرفت أوروبا هذا النوع من الدول في القرون الوسطى الظلامية، ونشأت بسببها كثير من الحروب الدينية والمذهبية، وكانت نهايتها، واجتثاث الأوربيين لها، نهاية لأنهر من الدماء والحروب المذهبية التي أوقد جذوتها وحرض عليها رجال الدين الكهنوتيون.
ومثل هذه الأنماط من الدول لا تمت لدين الإسلام بصلة؛ لأنها تقوم على أن رجال الدين فيها معصومون، ويُمثلون الرب كما يزعمون، وبالتالي فتخطئتهم، هي تخطئة لله عز وجل.
بالنسبة للمسلمين في العصر الحديث فقد ظهرت شخصيتان إيرانيتان كانتا هم الأخطر والأشد تأثيراً ، الأولى هي شخصية الخميني الذي حكم إيران منذ عام 1979 والذي جعل من نفسه (الولي الفقيه)، الذي يحكم بتفويض من الله، وليس من الناس، فلا يُسأل عمّا يفعل؛ وبالتالي فإن من يعترض عليه أو يختلف معه فهو لا يختلف مع واحد من البشر، وإنما يختلف مع دين الإسلام برمته.
والشخصية الثانية هو السيستاني الذي تحيطه ظروف غامضة فهو لم يظهر متكلماً في أي وسائل إعلام ولم يظهر في صلاة جماعة أو جمعة ولم يظهر حاجاً أو زائراً لأي أماكن دينية وليس له أثر علمي في الحوزات العلمية ، دخل العراق سنة 1985 في أوج الحرب العراقية الإيرانية ولا نعلم كيف سمح له صدام حسين بدخول العراق والغريب في الأمر أنه جاء من السعودية المعروفة بعدائها لإيران.
مسيرته كانت دموية انتهت بقتل منافسيه وهم ثلاثة من العلماء المعروفين، الغروي والبروجردي والسيد محمد صادق الصدر وكلهم ماتوا قتلاً بظروف لم نعرف عنها شيئاً ، وحين تم التحقيق مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين لم يتم التطرق لمقتل هؤلاء العلماء أثناء التحقيق معه.
فرض السيستاني هيمنته على الحوزة منذ منتصف التسعينات وتسلم مؤسسة الخوئي في لندن والتي تعد من أكبر المؤسسات التجارية في بريطانيا.
بعد سنة 2003 زاد بريق نجم السيستاني وبدأ بإصدار الفتاوى على هواه فشرع الاحتلال وشرع مجلس الحكم وأمضى بشرعية الدستور العراقي وأصدر فتاوى تحث الناس على انتخاب القوائم السياسية التي تواليه ، فاستطاع بوقت قصير تدمير العراق تدميرا شاملاً ، حيث أعطى الشرعية لكل الفاسدين السياسيين وأصدر العشرات من الفتاوى الخاطئة التي تصب في مصلحتهم السياسية كما فعل ذلك مع الأميركان وانتهت بزيارة رامسفيلد له وتقديم هدية مقدارها 200 مليون دولار وحسب اعتراف رامسفيلد نفسه في كتاب مذكراته.
وفي تقديري، وأقولها جازماً بلا أي تردد، أن الدولة الكهنوتية، التي تكون مرجعيتها الدنيوية (رجال الدين)، لا علاقة لها بالإسلام، ولا باسلوب الحكم في الإسلام في فجره الأول، بعد وفاته صلى الله عليه وسلم. ومن يقرأ تاريخ السياسة في الإسلام على مر قرون، يجد أن الأصل هو (الدولة المدنية)، وقد أبتلى الشعبان العراقي والإيراني بالدولة الكهنوتية والتي طبل لها ساسة الفساد لأنها تخدر الشعب وتعطيهم دعم الرب كما يدعي دجلة الدين ، ومن يتصدى لمنبر الخطاب المسيس...
بقي أن أقول: الدولة المدنية هي حتم، شاء من شاء وأبى من أبى، وهي نمط دولة الإسلام في أوج مجده وعزه ومنعته، ودولة الخرافة وولاية الدجل إلى زوال لأنها بنية على خداع وخرافة ودجل.