بقلم : أحمد المـــلا
الزاملة في اللغة مؤنث الزامل ، وهي ما يحمل عليه من كتب من الإبل وغيرها, وقضيَّة الزاملتين معروفة عند المسلمين حيث أصاب – حصل كغنيمة - عبد الله بن عمرو على زاملتين في معركة اليرموك ، وكانتا محملتين بالكتب الإسرائيلية, حيث بدأ عبد الله بن عمرو يأخذ من تلك الإسرائيليات ويتحدث بها وكأنها من أحاديث النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " ، ومنه ومن مروياته أخذ الكثير من الرواة ، حتى وصل الأمر إلى أن تختلط تلك الروايات بروايات السنة النبوية !!...
ومن هنا يترجح لدينا أن تكون انطلاقة ابن تيمية في وضع الأفكار والآراء التي تتبنى الفكر الإسرائيليّ التجسيميّ ؛ إذ إنَّه يدافع وبكل قوة عن التوراة والإنجيل على الرغم من الأدلة الواضحة التي تشير إلى التحريف فيهما ،التي أدت وبكل وضوح إلى اعتقاد المسلمين بتحريفهما, مع كل هذا نجده ينفي عنهما التحريف حيث يقول في كتاب " الفرق بين الحق والباطل " في الصفحة 88 :((ثم من هؤلاء من زعم أن كثيرًا مما في التوراة أو الإنجيل باطل ليس من كلام اللّه، ومنهم من قال: بل ذلك قليل. وقيل: لم يحرف أحد شيئًا من حروف الكتب،وإنما حرفوا معانيها بالتأويل، وهذان القولان قال كلا منهما كثير من المسلمين. والصحيح القول الثالث،وهو أن في الأرض نسخًا صحيحة، وبقيت إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ونسخًا كثيرة محرفة. ومن قال: إنه لم يحرف شيء من النسخ فقد قال ما لا يمكنه نفيه، ومن قال: جميع النسخ بعد النبي صلى الله عليه وسلم حرفت ، فقد قال ما يعلم أنه خطأ، والقرآن يأمرهم أن يحكموا بما أنزل اللّه في التوراة والإنجيل، ويخبر أن فيهما حكمه، وليس في القرآن خبر أنهم غيروا جميع النسخ. )) .
ومن النص السابق يظهر لنا وبكل وضوح أنَّ ابن تيمية ينفي نفياً قاطعا أن يكون هناك تحريفاً في التوراة والإنجيل؛ ومن استقراء الفكر التيمي ّيظهر سبب ذلك وهو إن ما يوجد في تلك الكتب من عقيدة التجسيم ينسجم تمام الانسجام مع عقيدة ابن تيمية ،وهذا ما يؤيده كلامه في كتابه مجموع الفتاوى / كتاب التفسير في الصفحة 167 ((ولهذا لما ذكروا المقالات الباطلة في الرب جعلوا يردونها بأن ذلك تجسيم كما فعل القاضي أبو بكر في هداية المسترشدين وغيره فلم يقيموا حجة على أولئك المبطلين وردوا كثيرا مما يقول اليهود بأنه تجسيم وقد كان اليهود عند النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وكانوا أحيانا يذكرون له بعض الصفات كحديث الحبر وقد ذم الله اليهود على أشياء كقولهم : (( إنَّ الله فقير وإنَّ يده مغلولة وغير ذلك ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم قط إنَّهم يجسمون ولا أن في التوراة تجسيما ولا عابهم بذلك ولا رد هذه الأقوال الباطلة بأن هذا تجسيم كما فعل ذلك من فعله من النفاة ...))،ومن هذا النص يظهر بشكل جلي أنَّ ابن تيمية يدافع عن التجسيم ويستدل على إن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " لم يذم اليهود عندما يذكرون ما في كتبهم من عقائد التجسيم ،وقد حاول ابن تيمية توظيف هذه الشواهد كاستدلال على صحة عقيدة التجسيم, فهذه هي عقيدة التيمية ،فهم يأخذون من الزاملتين.
وقد بين المفاهيم التيمية السابقة المحقق الصرخيّ في المحاضرة الثانية عشرة من بحث ( الدولة المارقة في عصر الظهور منذ عهد الرسول " صلى الله عليه وآله وسلم ") حيث قال)) :أتباع ابن تيمية المارقة يأخذون من الزاملتين من الكتب الإسرائيلية ولا يأخذون ويذكرون شيئاً عن أهل البيت سلام الله عليهم!!! لا يذكرون شيئًا عن منبع الحكمة، والقرآن الناطق، الذين أوصى بهم وباتباعهم النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " من يأتي بالمنبع الصافي، من يلتحق بالنبع الصافي، من يلتحق بالصفاء والنقاء والقدسية والطهارة؛ بأهل البيت سلام الله عليهم يتهمه المارقة أتباع ابن تيمية هذا بأنه يأخذ من الإسرائيليات، من ابن سبأ اليهودي، أو من فلان المجوسي، وهو يأخذ من الأصل من المنبع من الصفاء من النقاء )).
وخلاصة ما سبق أنَّ التيمية وإمامهم الحرانيّ يتركون المنبع الصافي للعلوم الرسالية الإلهية ويكنُّون العداء لهم ،ويأخذون بالكتب الإسرائيلية ،ومنها يأخذون عقيدتهم في تجسيم الذات الإلهيّة المقدسة.