دور العلماء في قيادة الأمة
بقلم : ضياء الحداد
في زمان غيبة الرسل والأئمة المعصومين يظهر دور العلماء الربانيين الذين هم بقايا من أهل العلم، يدعون مَنْ ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله موتى العقول ، ويبصِّرون بنور الله تعالى أهل العمى، فكم قتيلٍ لإبليس قد أحيوه؟!، وكم ضالٍّ تائهٍ قد هدوه!، فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم.
ويكفي في بيان شرفهم وعِظم مسؤوليتهم وأهمية دورهم ما وصفهم الله به في مواضع من كتابه بالخشية والرفعة والأمر بالرجوع إليهم، وما خصهم به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من كونهم ورثة الأنبياء ، فحيثما وقعت الفتن واختلطت الأمور واحتاج الناس إلى المصلح والقائد ولم يجدوا أنبياء لله ورسله ولا أئمته المعصومين فليقصدوا ورثتهم الذين يقولون بقولهم ويدلُّون على هديهم، وليست تلك المنزلة لغيرهم، وإن سُئلتَ عن السبب فـ"قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ" (الزمر: من الآية9)؟!
والعلم الذي هو مصدر تشريف الله للعلماء علمان ينبغي أن يجتمعا في العالم، وكذلك العمل، فأما العلم فعلمٌ بواقعه الذي يعايشه وعلمٌ بحكم الله الواجب فيه، وكذلك العمل يجب أن يكون عملاً بمقتضى العِلْمَيْن.
وهنا نلاحظ أن المرجع الحسني الصرخي قد أصدر مجموعة من البيانات والتي هي منهاج عمل سياسي اجتماعي ديني لكل من يتبعه فهي التي أنجت مقلديم من الفتن وجعلت أيديهم بيضاء لم تتلوث بدماء العراقيين ولم تمد لأي مال حرام في زمن اختلط فيه الحلال بالحرام وكل واحد يفتي بما يحب ويهوى.
ولعلَّ أهم صفات العلماء الربانيين الذي يُنتظر منهم أن يقودوا الأمة ولاسيما عند الاختلاف والاضطراب هي صفة "الخشية"، والتي جعلها الله من أخصِّ صفاتهم كما في قوله تعالى: "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ"
ومردُّ ذلك أن أهل الخشية من العلماء هم الذين يصدرون فيما يقولون ويفعلون عمَّا أداه إليه اجتهادهم، دون مداهنةٍ لأحد أو خوفاً من أحد، ومن غير أن يتطلعوا لعرضٍ زائلٍ مهما بلغ، فإن مقتضى خشية الله في قلوبهم أن لا يلتفتوا إلى أهوائهم ولا أهواء غيرهم من الخاصة أو العامة.
ومتى ما كانت مواقف العالم كذلك كانت أقرب إلى الصدق والثبات، وأحرى أن تطمئن لها النفوس وتجتمع عليها القلوب.
واليوم وبعد كل الفتن والأحداث التي مر بها العراق خصوصا والعالم الإسلامي عموماً نجد أن المرجع السيد الحسني الصرخي هو الوحيد الذي تنطبق عليه هذه الصفات ، فهو الوحيد الذي لم يداهن أو يخاف من أحد ولم تتلوث يده الكريمة بمصافحة أي يد من أيدي أعداء العراق وأعداء الإسلام ، ولم يجامل أحد بفتوى ولم يلتفت لهواه أو أهواء غيره.
لكن في كل زمن تبرز لدينا مشكلة تغيب دور العلماء الربانين وابعادهم عن الساحة العلمية وعن وسائل الإعلام وعن كل وسائل الاتصال الجماهيري.
ورغم أهمية العلماء الربانيين وحاجة الأمة إليهم يتبين خطر غياب دورهم أو تغييبه، فإن الثغرة التي هم عليها لا يسدُّها غيرهم، وأعظم مشاكل الأمة تظهر إذا تقدم غيرهم ممن ليس أهلاً لسدِّ مكانهم، لأن لا بدَّ للناس من قادةٍ يرشدونهم ويوجِّهونهم حتى إذا لم يجد الناس عالماً أو تم تضليلهم، اتخذوا رؤوساً جهالاً فسألوهم فأفتوهم بغير علم فضلُّوا وأضلُّوا.
ولا بدَّ أيضاً من التصدي لمن يسعى إلى زعزعة ثقة الأمة بعلمائها بوسائل شتى، لاسيما ممن يسيطرون على كثير من وسائل الإعلام على اختلافها، فإن الحرب الشرسة التي يقودها هؤلاء على أهل العلم ومحاولة التهوين من شأنهم والحط من قدرهم، لا بد وأن تواجه وأن تقاوم من أهل العلم ، بل من الأمة أجمع بما يتناسب مع هذه الحملات والتشويه.
إننا لا نقول بعصمة المرجع السيد الحسني الصرخي ، وإنما مَنْ يقرر ضعف مبانيه أو يشكل عليها أو يناقشها ليس هم أولئك الجهلة أو المنحرفين، وإنما العلم يُردُّ بالعلم، وتُقارع الحجة بمثلها ، والساحة العلمية مفتوحة ووسائل الإعلام متوفرة والمطبوعات ميسرة والكل مفتوح له المجال ، وللأمانة ومنذ عقدين لم يتصدَ للمرجع السيد الصرخي الحسني أحد ولم يجرأ على مناقشة أفكاره أحد .