الطاقة الشبابية بين الاستثمار والاستغلال
بقلم حيدر الراجح
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف الخلق اجمعين ابي القاسم محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين المعصومين
وبعد:
يسعدني ويشرفني ان اسخر قلمي المتواضع لان اكتب كلمات اعتقد بانها ستكون مفتاحا ودليلا للخير والصلاح على نهج الرسول الاكرم محمد صلى الله عليه واله وسلم لانقاذ شبابنا وتحصينهم من الضياع والتيه في بحار المغريات بعد ان عصفت الثقافات الغربية المنحلة التي عشعشت في عقول الكثير من الشباب فاختلطت الاوراق وصار المنكر معروفاً كما لا ننسى الهجمة الفكرية التكفيرية المتطرفة الداعشية التيمية المارقة التي اتسع صداها في المجتمع الاسلامي على وجه الخصوص فانتشرت جيوشهم الالكترونية مستهدفة الشباب قليل الوعي والادراك البعيد عن الله سبحانه وتعالى فكان التركيز بالدرجة الاساس على فئة الشباب وفي جميع الاماكن والازمان تكون هي الهدف الرئيسي والغاية المرجوة للانطلاق بالمجتمع لنشر فكر او علم او ثقافة ما فالجميع يحاول ان يصل الى اكبر قدر ممكن من الشباب ومنهم يتدرج الى باقي الفئات العمرية كونهم قادة المستقبل وبناة الغد فهناك من يقصد الشباب لتمرير مخططات واهداف منحرفة في مجال العقائد او الاجتماع او الاقتصاد او الدين فينجذب اليه من يستحسن الفكرة ويتقبل الطرح الذي يتماشى مع ملذاته وهواه وهناك من يرفض العروض جملة وتفصيلا لعدم قناعته بالموضوع او حامله او الاثنين معا وهذا مايسمى باستغلال الشباب والتغرير بهم واود ان اذكر على سبيل المثال ان الحركة التكفيرية الداعشية المارقة كانت المصداق الحقيقي للحركات المضللة بالشباب فقد عملت على استغفال السذج منهم واستغلالهم في تمرير مخططاتهم القبيحة فنجحوا في استقطاب الالاف من الشباب وبالمقابل هنالك حركة اصلاحية توعوية دينية فكرية معتدلة تستهدف فئة الشباب ايضا حتى من وقعوا بحبال التغرير وخصوصا في هذه الفترة تحرك المعتدلون الدعاة الحقيقيون نحو من هم عرضة لسهام الباطل وممن وقعوا في شباك الانحراف فكان الغرض من هذه الحركة انتشال الشباب من الواقع الذي يعيش فيه في ظل انعدام الثقة وابتعاد الاعم الاغلب عن القيم والاخلاق واعتزال التدين بدين الاسلام ومتهان مهنة الالحاد والتحول الجنسي وسط صمت الكثير ممن يعتبرون اصحاب الشأن والمثال على جانب الخير هو تأسيس مشروع الشباب المسلم الواعد الذي بني على اساس اخلاقي عقائدي اجتماعي ثقافي علمي وطني ولكي نحافظ على ابناءنا من الشباب ولكي يحافظ الشباب على انفسهم من الانخراط في مهاوي ابليس التي لاتجلب سوى الخزي الدنيوي والاخروي وسنبين مباحث عدة لعوامل تسهم في انشاء شباب مسلم واعي مرتبط ارتباطا وثيقا بمعتقداته
المبحث الاول : الاستخدام الامثل للطاقة الشبابية الايجابية
للنهوض بالواقع الذي يعيشه شبابنا اليوم لابد من الوقوف على اساس المشكلة وكيفية وضع الحلول لها الا وهي استخدام العقل ليتسنى لنا ان نتفكر في الموجودات وخالقها وعندها سينكشف الواقع فالعقل هو مفتاح الحلول واساس كل خيار فان الله تعالى كرم العقل وحببه اليه وجعله في من يحب فكان العقل هو الميزان للعقاب والثواب فلا بد من توظيفه التوظيف الصحيح واستثماره بالطرق العلمية بعيدا عن العواطف السلبية وعندها سيعرف الفرد الشاب الغاية والهدف الرئيسي من الخلق هل خلقوا ليأكلوا ويشربوا ؟ ام انهم خلقوا ليعبدوا الله الواحد الاحد؟ ولا يمكن الوصول الى هذه الحقيقة الا بالتفكر والتدبر فينكشف عندها الواقع كما انكشف لوهب الشاب النصراني وانتصر للحسين بن علي واستشهد بين يديه مضحيا بكل مايملك عندما ادرك ان الحقيقة في كربلاء مع الحسين فحدد الهدف الصحيح والاختيار الراجح فكان بحق مشروع شباب ناجح سطر اروع البطولات والمواقف من خلال نصرته لسيد الشهداء لم يوقفه الاختلاف الديني بينه وبين الحسين ولا العمر ولا المسكن لم ينظر الى الاختلافات التي لايظر تركها في اصل القضية بل ان اكثر ماشده الى الالتحاق بركب سيد شباب اهل الجنة هو التجرد من العاطفة والاستخدام الامثل للعقل الذي قاده الى تلاقح الافكار وتوحيد الاهداف بينه وبين الحسين عليه السلام واهمها ترسيخ مبدأ الدين والاخلاق التي اصبحت مختفية تماما لدى المجتمع الاسلامي انذاك الا القليل منهم بسبب التحركات المضلل الباطلة التي تسببت في عرقلة عجلة الفكر المعتدل فكانت النتيجة ان يخرج شباب مغرر بهم لقتال الامام الحسين عليه السلام فهؤلاء بشر ووهب النصراني بشر لكنهم جردوا عقولهم واتبعوا الهوى اتبعوا الجاه انتزعوا عقولهم فاصبحوا كالبهائم والوحوش الكاسرة مفضلين دنانير يزيد على دين الحسين .
المبحث الثاني : وقاية الشباب من الانحراف
من المعلوم عند الجميع ان الشباب حديث التجربة وعدم اكتسابه الخبرة الكافية التي تحصنه من الوقوع في الخطأ يعتمد ذلك على سلوكياته التي اكتسبها من المجتمع المحيط به فان كان الاكتساب بصورة صحيحة ووفق مايريده الاسلام كان الشاب في مأمن من الانجراف والانحراف عن جادة الصواب وهذا يعود سببه الى غياب الدور التربوي للاسرة فيقتصر دور الابوين على المأكل والملبس كما لا ننسى ابتعاد المدارس عن اساليب التربية الاخلاقية وحتى ان وجدت فتكون كامتحان فتجد هناك من يفتقر للشعور بان المعلم ابيه الثاني بالاضافة الى اصدقاء السوء وارتياد الاماكن العامة وغيرها من التحديات التي يواجهها الشباب هذه الايام بالاضافة الى الاعلام والبرامج الهابطة التي غزت جميع البيوت من خلال التلفزيون والانترنت فاصبح بمثابة المرجع والقدوة والمعلم والمرشد للشباب حتى اصبح القابض على دينه كالقابض على جمرة وماذكرته ايضا من افات الاستغلال للطاقات الشبابية من خلال زج طرق ووسائل تتناغم مع ملذات الشاب وطموحاته فاصبح غارقا في بحار الاحلام الافتراضية , لكن يوجد هناك سبيل لمحاربة كل هذه التحديات من خلال التربية الاسرية الصحيحة والاكثار من النصائح والتوجيهات بصورة غير منفرة للشاب مع توفير فرص عمل لاستغلال طاقته الهائلة واستثمارها بالاساليب الاسلامية فينتقل الدور من الاباء والمجتمع الى الشاب نفسه بعد ان وضع في المسار الصحيح لحماية هذه الشريحة المهمة من الانحراف والانجرار وراء ملذات الدنيا ومغرياتها وذلك من خلال تحصين النفس اخلاقيا وعقائديا ودينيا وهنا تتزكى الارواح وتطيب الانفس في رحاب دين محمد صلى الله عليه واله وسلم بتطبيق تعاليمه ووصاياه والتعلم من تراثه الاخلاقي لبناء شخصية اسلامية شابة واعدة ملتزمة بالاخلاق مطبقة لتعاليم الاسلام و محصنة من الانحراف وقد اكد الاسلام كثيرا على التقوى وتزكية النفس، و صرح بذلك في القرآن الكريم نفسه، إن التقوى والتزكية تستوجب تنمية إرادة الإنسان وتجعل الإرادة مستعدة للعمل، أي أن الإستثارة وحدها غير كافية، ما لم تحصل الإنارة والقدرة على العمل، إن التقوى والتزكية تمد إرادة الإنسان الخلقية بالقدرة على العمل الصالح والابتعاد عن طريق الشر ولنستلهم العبر من علي الاكبر ذلك الشباب المفعم بالحياة والحيوية صاحب الوجه الصبوح والخلق الرفيع كونه تخرج على يد اسرة لها في رسول الله اسوة حسنة بل هي بقية الرسول صلى الله عليه واله وسلم فلم يختر غير طريق الحق الذي قاده الى الشهادة بين يدي الامام الحسين عليه السلام في كربلاء ليدون بدماءه الطاهرة رسالة الى الشباب المسلم الواعد مفادها من سار على ماسرنا عليه لن يضل ابدا.
المبحث الثالث : لا ايمان بلا عمل
ويتحقق ذلك من خلال الارتباط بالله عز وجل بالامتثال لاوامره واجتناب معاصيه واتخاذ طريق الحق سبيلا لا غيره لكي تتحق الغاية من الخلق العبادة فهي على الدوام بعنوان عامل للتربية وكسب الأخلاق الفاضلة، فكما أن التفكر والتعقل كان لأجل استنارة الفكر في القوة العاقلة، والتقوى والتزكية كانت لأجل تقوية إرادة الإنسان، أي كما أن الإيمان منشأ، للعبادة، فالعبادة أيضاً تقوي الإيمان، وقد صرح بهذه الفكرة كثيراً في النصوص الإسلامية، أي التأثير المتبادل بين الإيمان والعمل، فالإيمان يكون مدعاة للعمل، والعمل الذي ينبعث من الإيمان يكون منشأ لتقوية الإيمان. فلا عمل بلا ايمان ولا ايمان بلا عمل فلا بد للانسان بصورة عامة والشاب بصورة خاصة اغتنام الفرصة واستغلال العافية والامكانية المادية والعقلية وتفعيل الطاقة الكامنة الهائلة لنشر الرسالة الاسلامية والاسهام في زرع الخير في كل مكان وزمان فمن الركائز الرئيسية لترسيخ الايمان بالله جل وعلا والذوبان في ذكره وتمجيده واقامة الصلاة والابتعاد عن الفواحش والامر بالمعروف والدعوة اليه سبحانه والخروج من الغفلة عنه، قال تعالى: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾،وفي آية أخرى:﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ فكانت هذه العبادة من أجل التذكير، قد أوصي بها كثيراً في الإسلام بما هي فريضة ونافلة، وقد حارب الإسلام ما يسبب الغفلة ويقضي على روح العبادة، أي التذكر، ومنع عنه بشكل (إما مكروه وإما حرام) كالإفراط في الأكل أو التكلم ومعاشرة الناس أو النوم , ولا ننسى ان من اهم الامور التي تسبب الغفلة الافراط في حب الذات والانا والتكبر فلا بد من استثمار الوقت والطاقة الشبابية ايجابيا واستخدام الطرق الكفيلة بالقضاء على الغفلة اهمها الارتباط الوثيق بالله تعالى وحب العمل العبادي والذوبان فيه وخلاف ذلك ستولد فجوة يدخل من خلالها المنكر ليقود الفرد الى الهاوية فتذهب كل طاقاته هباءا منثورا.
رسائل الى من يهمه الامر
اولا: رسالة الى الشباب
رسالتي الى الشباب المسلم الواعد عليك ان تحدد هدفك في الحياة فياحبذا لو تدون الاسئلة والاجابات وتضع خطة لتنفيذ الطموحات المستقبلية
ولتسأل نفسك وتجيبها : من انت؟ وماذا تريد؟ وماهو مشروعك المستقبلي لتطوير الشباب المسلم ؟ هل لديك خطة؟ وماذا تريد ان تصبح بعد خمس سنوات؟
ثانياً: رسالة الى اولياء الامور
اعزائي اولياء الامور الاباء والامهات المعلمين والمعلمات اصحاب الشأن الشباب في ذمتكم جميعا ان عمل خيرا فيحسب لكم وان عمل شرا فوباله عليكم قبل غيركم , ولتفادي الوقوع في الخطأ التربوي عليكم الالتزام بالضوابط التربوية الصحيحة ومراعاة مشاعر ابناءكم واعدادهم الاعداد الصحيح ففي المستقبل القريب سيحل هؤلاء الشباب محلكم فمنهم من يكون طبيبا ومنهم المهندس والمحامي والمعلم والضابط سيكونوا ركائز المجتمع فاسسوا لركائز متينة ليبنى عليها صروح علمية عملاقة فانتم النواة وانتم المدد والعون .
الخاتمة
لغرض تمرير الفرصة على اعداء الاسلام المتمثلين الان بالدواعش المارقة التيمية والافكار الالحادية صار واجبا على الشباب المسلم الالتزام بالمبادي والقيم الاسلامية وتطوير الامكانيات العلمية والجد والاجتهاد في سبيل التحصيل العلمي في كافة الاصعدة الاكاديمية والدينية فهناك موروث وخزين فكري لايوجد مثيله انه فكر محمد وال بيته الاطهار سلام الله عليهم ولتكن غايتنا جعل جميع الشباب مسلما واعدا باقصر فترة ممكنة وهذا يحتاج الى الايمان بما نريد ان نفعل وان نطبقه على انفسنا اولا كي نؤثر في المجتمع الشبابي ويكون المحور الارتباط الوثيق باهل الاخلاق واساس الاخلاق ودعاة الحق لنتخذهم قدوة واسوة و التمسك بولايتهم اهل البيت عليهم السلام التي هي توفيق من الله سبحانه وتعالى، فمن رزقه الله أن يكون في عائلة، في مجتمع، في مكان، في أرض، في ولاية، تعتقد وتلتزم بولاية أهل البيت (سلام الله عليهم) ...، فهذه نعمة من الله، هذا فضل من الله، فعلينا أن نشكر النعمة، علينا أن نلتزم بنهج أهل البيت، علينا أن نلتزم بالولاية الصادقة التي أنعم الله بها علينا، أن نكون زينًا لهم لا شينًا عليهم جعلنا الله واياكم من المتمسكين بالعروة الوثقى واخر دعوانا ان الحمد لله والصلاة والسلام على محمد واله الاطهار .