الحكم و السلطة بين رؤية السماء و الإنسان القاصر لها
مما لا شك فيه أن كل شيء بات واضح المعالم أمام الإنسان فلا يحتاج إلى المأونة الزائدة في البحث عن حقائق الأشياء خاصة بعد أن وهبت له السماء جوهرة العقل فرسمت له الطريق الصحيح من خلال التشريعات و الأحكام التي لم تتركنا نسير خلف أهوائنا و عواطفنا ، وعلى سبيل المثال الحكم و السلطة فقد وضعت المعايير الدقيقة في كيفية التمييز بينها و بين القيادة و السلطة الوضعية فهي حينما أرسلت الرسل و الأنبياء و أعطتهم الضوء الأخضر في اختيار أوصياءهم الصالحين تكون بذلك قد جعلتهم في دائرة مغلقة و تميزهم عن غيرهم من باقي البشر فلا يختلط الحابل بالنابل على المجتمع الإنساني فيعرف أبناءه القائد و الحاكم السماوي من الحكومة المنتخبة من قبل الإنسان طبقاً لمعايير و أعراف هو اختطها بنفسه جعلها فيما بعد دستوراً له يتعبد به كل فترة زمنية تتجدد معها اختيار القائد أو الحاكم وهو لا يختلف عن غيره في التعامل مع مجريات الأحداث التي تطرأ على الأمة فلا يمكن له الإحاطة بكل الأمور حتى و إن كان يتمتع بذكاء خارق لأنه يبقى قاصر و لا يمتلك الكمال المطلق المدرك و المحيط بكل الأشياء فهذه هي سُنة الحياة فلا يبقى أمام البشرية سوى القبول بما قررته السماء و جعلته قائداً و إماماً منتخب من قبلها لأنه الأجدر بقيادة الأمة و هو سفينة النجاة من نوائب الدهر و خدع الزمان و مكر و فساد حكام الجور و الظلم و الانحطاط و التاريخ البشري حافل بتلك الأمثال النشاز الذين بفسادهم و إفسادهم عاشت البشرية عهوداً مظلمة و عقوداً من المآسي و الويلات و المصاعب الجمة وهو ما يجعلنا نتطلع إلى حكومة عادلة تكون من اختيار السماء تبسط العدل و الإنصاف و تنشر سبل العيش الكريم و تجعل العالم بأسره كقرية صغيرة واحدة تصفو فيها النفوس و تزخر بروح المحبة و الوئام وهذا لن يتحقق إلا مع الحكومة الإلهية العادلة التي تعددت عناوينها وهي بالتالي واحدة لا تتغير فحقيقتها و أصولها واحدة فالرسل و الأنبياء هم أئمة و إمامتهم ثابتة و لم تختفي حتى و إنْ لم يتمكنوا من الجلوس على كرسي الحكم فلم و لن تسقط إمامتهم و قيادتهم للبشرية جمعاء وهذا ما أكد عليه المهندس الصرخي في محاضرته (13) من بحثه الموسوم ( الدولة المارقة في عصر الظهور منذ زمن الرسول ) في 24 / 12 / 2016 قائلاً : ((علينا أن نفرق بين الإمامة الحقة الإلهية وبين السلطة، من الخطأ الجسيم ومن الطعن بالدين ومن التدليس الشنيع أن نخلط بين السلطة، الحكم، التسلط وبين الإمامة الحقيقية، الإمامة الإلهية، الإمامة المجعولة من الله سبحانه وتعالى، هذا ليس بصحيح، الإمام الذي جعله الله سبحانه وتعالى إمامًا وخليفةً يبقى على إمامته كما في إمامة الأنبياء والمرسلين وهم الكل إلّا البعض القليل والنادر ممن حصل على السلطة والحكم لكن باقي الأنبياء والمرسلين لم يتحقق لهم هذا، فهل تسقط منهم الإمامة ))
https://www.gulf-up.com/d/1507813171971.png بقلم // احمد الخالدي