بقلم : احمد المــــلا
إن ظاهرة قطع الرؤوس عند الدواعش التكفيريين هي سنة إجرامية أخذوها من أئمتهم وسلاطينهم وقادتهم ورموزهم، لكن من سذاجة وبهيمية هؤلاء الدواعش إنهم لم يلتفتوا حتى إلى ما موجود في كتبهم من عقائد واكتفوا بأخذ المسلمات من الأبواق التي حقنت أدمغتهم بالتكفير والقتل وسفك الدماء وحشت رؤوسهم بالفكر الخرافي الأسطوري، فلم ينتبه هؤلاء الدواعش إن في عقيدتهم التوحيدية الأسطورية إنه يتوجب عليهم إجتناب الوجوه في القتال وخصوصاً إذا تقاتل المسلمون فيما بينهم وسبب هذا التحريم هو إن خلق آدم كان على شكل صورة الرب وهذا بحسب مجوعة من الروايات والأحاديث التي قال عنها أئمة الدواعش وعلى رأسهم ابن تيمية بأنها صحيحة!!...
فقد روى البخاري (6227) ومسلم (2841) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنْ الْمَلائِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ السَّلامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الآن"...
وروى مسلم (2612) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ "....
من الواضح جدا إن الحديثين فيهما تشخيص لصورة الرب، حيث إن الكلام فيها يؤكد على إن لله سبحانه وتعالى عما يصف الظالمون قد خلق آدم " عليه السلام " على صورة الرب - حسب الحديث - أي إن شكل آدم يشبه شكل الرب، وحتى لا يأتي شخص ويقول إن المراد من ( خلق الله آدم على صورته ) هي عائدة لآدم وليس الله جئت بالحديث الثاني الذي يؤكد إن المقصود بالحديث هو خلق ادم على شكل صورة الرب، وهنا لدينا مجموعة أسئلة وهي:
أولاً : نحن والجميع وكل البشر يعلم إن صورة آدم هي صورتنا يعني وجه وفيها شعر أو في بعض الحالات الصلع وعينين وحاجبين وأذنين وأنف وفم وأسنان فهل لله سبحانه وتعالى وتنزه عما يصف الجاهلون هل له ما يملك من جوارح الوجه ؟ وهل له وجه بالأساس ؟...
ثانياً : آدم " عليه السلام " مخلوق من مخلوقات الله سبحانه وتعالى وهو - أي آدم - شيء والله سبحانه وتعالى يقول { فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }الشورى11 وقال تعالى {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }الإخلاص4 ... وهاتين الآيتين تنفيان نفياً قاطعاً أن يكون لله سبحان وتعالى شبيه أو كفئ أو مماثل ... إذن كيف تصح تلك الأحاديث ؟ هل نأخذ بالقرآن الكريم أم نأخذ بالأحاديث التي تزعمون إنها صحيحة ؟ أم سيكون هناك تفسيراً لديكم لهذه الأحاديث وتأويل لها إن كانت صحيحة ؟.
ثالثاً : هناك بعض الأشخاص تكون صورتهم مشوهة وأقصد من ولد وهو بهكذا صورة وآخرين تكون صورتهم قبيحة جداً ومخيفة جداً فهل هؤلاء يندرجون تحت هذا الحديث ؟ أم يكون التشابه فقط من ناحية الجمال وحتى الجمال فيه تفاوت، فأي جميل يشبه صورة الرب؟.
رابعاً : أيها الدواعش إن كان هذا إعتقادكم ودينكم وعقيدتكم فلماذا تذبحون الناس وتقطعون الرؤس وتلعبون بها كالكرة وتحرقونها بالنار وتشوهونها بأبشع وسائل التعذيب ؟ ألم يأمركم الحديث بتجنب الوجوه ؟ لكن أمر النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " لا شيء مقابل رأي ابن تيمية وهذا ثابت من سيرتكم الإجرامية فأنتم تتركون سنة النبي " صلى الله عليه وآله وسلم" وتتمسكون بسنة وتوحيد ونهج ابن تيمية.
وهنا أستغل الفرصة لأبين للتيمية بأن توحيدهم هو تجسيمي أصلي وليس كما يتظاهرون به وينكرونه وهذا بحسب ما أثبتته تلك الروايات وبحسب ما يؤكده أئمتهم وعلى رأسهم ابن تيمية، أم إنهم سيقولون بالتأويل ؟ فإن قالوا به فإنهم وكما يقول المرجع المحقق الصرخي في المحاضرة الخامسة من بحث وقفات مع توحيد ابن تيمية الجسمي الأسطوري، وتعليق المرجع الصرخي كان حول رواية رؤيا الرب حيث قال :
أ- إن كان جوابهم بالتأويل للمعاني، فقد ناقضوا أنفسهم وخالفوا منهجهم من عدم التأويل، التفت: الآن عندنا أسئلة واستفهامات عن معاني، وعندنا أسئلة واستفهامات عن تأويل رؤيا وهنا الكلام عن التأويل في المعاني، أقول: إن كان جوابهم بالتأويل للمعاني. يعني يقول: يُقصد بروضة خضراء كذا ، ويقصد بان قدميه في خضرة كذا، وحلة خضراء كذا، وموفر أو موقر كذا، والشاب معناه كذا..، كتفسير كمعنى، استخدم التأويل والمجازات وعليهم التسليم بصحة وحلّيّة منهج المعتزلة والأشاعرة والشيعة في التأويل في موارد التشبيه والتجسيم أعاذنا الله من المشبّهة المجسّمة، الاشاعرة والمعتزلة والشيعة يلتجئون إلى التأويل متى؟ في الموارد التي فيها تشبيه وتجسيم، يقولون هنا لا يُراد به المعنى الصريح، لا يُراد به المعنى المنسبق، لا يُراد به المعنى الحقيقي، وإنّما يؤول، يُراد به المعنى الآخر، يُراد به المعنى المجازي، يُراد به المعنى الثاني بالقرب، المعنى الثاني الذي ينسبق إليه الذهن وهكذا.
ب ـ وإن كان جوابهم بالإيجاب ولو على سؤال واحد من تلك الأسئلة فقد شبّهوا وصاروا مشبّهة وتعالى الله عمّا يقول المشبّهة الضالون.
جـ ـ وإن كان جوابهم بالإيجاب على كل الأسئلة فقد ثبت إنهم مشبّهة مجسّمة وأرباب التشبيه والتجسيم ومنبعه وأصله (يعني تجسيم أصلي خط ونخلة وفسفورة).
د ـ وإذا كان جوابهم بالسلب على كل الأسئلة فنفوا عن الله كل ما رأَوه في المنام، فهنا الطامة الكبرى، فإنّهم لم يَرَوا اللهَ في المنام بل رأوا الشيطان، بصورة شاب أمرد وَفرة جعد قطط...، والمصيبة الكبرى إنّهم يزعمون أنّهم موحدون وأهل التوحيد ويقتلون الناس بدم بارد وبوحشية منقطعة النظير، نعم إنّهم أهل توحيد الشيطان والإرهاب والإجرام!!!.
فالرواية ساقطة باطلة جزمًا مهما كان رواتها، فلا قدّسية لأحد أبدا ولا لكتاب غير القرآن أبدا، مع التشبيه والتجسيم وتنزيل الشيطان منزلة الله سبحان الله وتعالى عمّا يقول الحَشْويّة الدواعش التيمية المفسدون.