بقلم : احمد المــــلا
قد يتصور بعض من يقرأ هذه السطور إن القصد منها هو التهجم على كتاب صحيح البخاري أو التقليل من شأنها، ومن هنا أحب أن انوه إن الغرض منها هو كشف حقيقة للقارئ الكريم وتوضيح ما خفي عن بعضهم، حيث أنقل للقارئ كيف إن ابن تيمية يطعن بصحة البخاري وهو – أي ابن تيمية – في الوقت ذاته يأخذ المسلمات من هذا الكتاب ويعتبره أفضل كتاب على وجه الأرض بعد القرآن !! وعلى أساس كتاب صحيح البخاري طرح ابن تيمية آرائه وأفكاره ومنهجه وبعد ذلك كله يقول ( وقع فيه الغلط، وهذا كثير )....
حيث يقول في كتاب " مجموع الفتاوى " الجزء الثالث عشر في الصفحة 353 ((وأن ما وقع في بعض طرق البخاري " أن النار لا تمتلئ حتى ينشئ اللّه لها خلقًا آخر " مما وقع فيه الغلط، وهذا كثير. )) وفي نفس الكتاب وفي الجزء الثامن عشر وفي الصفحة الرابعة والسبعون يقول ابن تيمية (( وأما كتب الحديث المعروفة : مثل البخاري ومسلم، فليس تحت أديم السماء كتاب أصح من البخاري ومسلم بعد القرآن وما جمع بينهما ...)) ...
فكيف يقول ابن تيمية بأن البخاري اصح الكتب وهو في الوقت ذاته يقول وقع فيه الغلط الكثير؟ وهنا نذكر تعليق المرجع المحقق الصرخي في المحاضرة الأولى من بحث " وقفات مع توحيد ابن تيمية الجسمي الأسطوري " على انتقائية وعشوائية ابن تيمية وعدم امتلاكه ضوابط العالم وعدم وجود أي أصل ثابت لديه خصوصاً في ما يخص الروايات التي تتحدث عن رؤيا الله كما يزعم ابن تيمية، حيث قال المحقق الصرخي :
{{... قال ابن تيمية في (بيان تلبيس الجهمية: 7/194): (وهذا الحديث الذي أمر أحمد بتحديثه قد صرح فيه بأنه رأى ذلك في المنام) {لاحظ المورد الأول أتى فيه من الجزء السابع، ص 229 والمورد الثاني أتى فيه من الجزء السابع، ص194 } لاحظ كيف يلتقطون التقاطات من هنا وهناك، ليس عنده بيان، ليس عنده نظرية، ليس عنده حكمة، ليس عنده أصول، عبارة عن معلومات التقاطية كما يحصل الآن، كل من يكتب يوجد نقاد، الناقد يجد خلل هنا ويجد خلل هناك، لا يوجد عصمة، لابد من وجود خلل عند الإنسان في كل ما يكتب، في كل ما يحكي، فيستطيع أي إنسان أن ينتقد، لكن هل يستطيع الناقد أن يأتي بما أتى به المنتقد في النقد، غير البناء غير التأسيس، غير التأصيل، ابن تيمية لا يمتلك الأصول، لا يمتلك المتون، لا يمتلك النظرية، عبارة عن معلومات عشوائية والتقاطات هنا وهناك، وعندما تجمع بينها تجد فيها التضارب والتعارض والتناقض والخرافة والخيال والأسطورة. سنثبت هذا كما الآن نحكي معكم عن هذا الأمر، لاحظ أتى بشاهد من صفحة 229 وأتى بشاهد من صفحة 194، لاحظ ماذا فعل هذا السقاف؟ هذا العالم، هذا التيمي، هذا الموحد التيمي الأسطوري ماذا فعل؟ أتى بطريق أول وأتى بطريق ثانٍ، فالقارئ المتلقي السائل الإنسان العامي، الإنسان العادي، الإنسان غير المتفقه، الإنسان غير الباحث، الإنسان غير المتخصص، ماذا يفهم من الحديث؟ والسؤال: هل صحح ابن تيمية الحديث أم لم يصحح الحديث؟ يخجل أن يأتي بالجواب واضحًا، فيقول: صحح الحديث، لكنه لا يقول هذا، يعرفون أنهم في وهن وفي وهم وفي خرافة وفي جهل، إذا كانت عندك الشجاعة قل: صحح الحديث وبعد هذا دافع عنه، ماذا فعل ؟ أتى بطريق أول وبطريق ثانٍ، وأتى بمجموعة من العلماء يقولون بصحة الطريق الأول، وآخرون يقولون بضعف الطريق الأول، وأتى إلى الطريق الثاني وأتى بمجموعة أو بأشخاص أو أتى بمن قال بصحة الطريق الثاني، وأتى بمن قال بضعف الطريق الثاني، أذن لم نفهم شيئًا لحد الآن، عندي طريق أول وطريق ثانٍ، الطريق الأول فيه ألفاظ والطريق الثاني فيه ألفاظ، وهذا فيه من صححه وهذا فيه من صححه، وهذا فيه من ضعفه وهذا فيه من ضعفه، إذن وأتى بكلام ابن تيمية يقول: يتحدث عن هذا الحديث، أي حديث؟ يا أصحاب الأسطورة أي حديث تتحدث عنه؟ على من تضحكون؟ وأي عقول تستجيب لكم؟ لاحظ كيف يخلط الأمور؟، لاحظ كيف يهيئ ويمهد ويؤسس للتشويش والتشويه والالتقاطية والعشوائية، سؤال: هل صحح الحديث أم لم يصحح؟ تقول: صحح الحديث وبعد هذا تأتي إلى الإجابة إلى الجزء الثاني، يخجل من هذا، يعرف أنه يتبع جاهلًا، لا يمتلك ضوابط العلم وضوابط العالم وضوابط الدليل والبرهان، لا يمتلك أي أساسات، لا يمتلك أي أصول، إذن عندي حديث، أتى بالتفصيل قال: طريق أول وطريق ثانٍ، يوجد من صحح الطريق الأول ويوجد من ضعف الطريق الأول، يوجد من صحح الطريق الثاني ويوجد من ضعف الطريق الثاني، الطريق الأول فيه ألفاظ والطريق الثاني في ألفاظ، ذكر ابن تيمية ضمن مجموعة أسماء، صحح الحديث هنا وسكت ابن تيمية ولم يأتِ بقول ابن تيمية في الحديث الثاني. الآن أين قول ابن تيمية؟ هل نأخذ بهذا أم بهذا؟ صحح أم لم يصحح؟ أي لفظ من الألفاظ صححه ابن تيمية؟ لا يوجد جواب، بالتأكيد بعد هذا الكلام أو بعد أن يستفهم المستفهم العاقل النبيه، سيقول: أقصد كذا، وأنا قلت: صحح وذكرته ضمن الأسماء، هذه أساليب المخادعين، لاحظ هذا هو التعليق الأول، وقلنا: لاحظ العشوائية، الالتقاط، التشويش، التشويه، للتمييع والتشويش على المتلقي والسامع والقارئ...}}.
وهذا ليس بغريب أو جديد على ابن تيمية فهو يقول بتحريف القرآن وكذلك بعدم عصمة النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " والآن يقول بعدم صحة البخاري ووقوع الغلط الكثير فيه ومع ذلك كله يأخذ بتلك الكتب وبالسنة النبوية وأسس عليها فكره التكفيري الدموي وتوحيده الخرافي الإسطوري, فصحيح البخاري يكون صحيحاً عندما يتماشى مع رغبات ابن تيمية ويوافق فكره المريض ويكون غير صحيحاً عندما يجد فيه ما لا يوافقه آرائه الموبوءة.