بقلم احمد المــــلا
لا يخفى على أحد إن الإرهاب الذي تستر بدين الإسلام والذي كان تنظيم داعش الإرهابي آخر صيحاته وأحدث إصداراته فهذا الإرهاب الذي لبس قناع الإسلام والتوحيد كان له مصدر وممول فكري بشكل أساس وهذا المصدر يكمن في السعودية من علماء وشيوخ يرتبطون فكرياً وعقائدياً مع منهج وفكر ابن تيمية الذي أوجد أكثر من 450 أربعمائة وخمسون فتوى علنية بالتكفير والقتل غير الأصول الأخرى التي هي مبطنة وتحمل بين طياتها فتاوى التكفير لكل البشرية بإستثناء من يتبع هذا الفكر المتشدد, وكان هذا الفكر يتمثل بعلماء ما يسمى بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهيئة علماء السعودية الكبار فكانوا هم المغذي الفكري والروحي والعقائدي لتنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية الأخرى مستلهمين ذلك من فكر ابن تيمية كما أوضحنا وهذا ما جعل أهل السياسة في السعودية في الأشهر القليلة الماضية يكونون في موضع محرج أمام رأي العام العالمي خصوصاً وإنهم يبحثون عن توسيع علاقاتهم الدولية بشكل عام وبشكل خاص يحاولون إرجاع علاقاتهم الطبيعية مع العراق لكن الفكر المتشدد دائماً ما يكون حائلاً بين تلك المساعي.
وكان من ابرز سياسيي السعودية الساعين للإنفتاح على العالم وعلى العراق بوجه خاص هو ولي عهد السعودية هو الأمير محمد بن سلمان وعلى الرغم من أنه من المعتقدين بالفكر السلفي لكنه وكما يتضح من خلال وسائل الإعلام ليس صاحب فكر متشدد أو لا يؤمن بالفكر المتشدد خصوصاً وإنه أقدم على حل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأبعدها عن إدارة شؤون مكة والمدينة المنورة وكذلك قام بحملة إعتقالات طالت علماء وشيوخ متبنين الفكر التيمي المتشدد وشكل ما يعرف بهيئة " علماء الصحوة " وقام بتطهير هيئة كبار علماء السعودية، ولكن هذه المبادرة التي أقدم عليها محمد ابن سلمان جاءت بعد عدة أسابيع من دعوة المرجع المحقق الصرخي التي وجهها لعلماء السلفية وللحكام الذين يعتقدون بالمذهب السلفي وذلك بتاريخ 15 / 10 / 2017 ومن خلال مداخلة في بحثه العقائدي الموسوم " وقفات مع توحيد ابن تيمية الجسمي الأسطوري " حيث قال :
{{... نحن نتمنى وندعو من هذا المقام، ندعو علماء السلفية بالخصوص، ليتحرروا من قيود ابن تيمية، ألا يوجد عندهم عالم يستغل هذا الموقف السياسي، أيضًا من خلالهم أو من خلال هذا المكان أيضًا للحكام الذي يتبنون الفكر السلفي أو يحتضنون الفكر السلفي أو يؤيدون الفكر السلفي أو لهم تأثير على الفكر السلفي، الوضع تغير والجانب السياسي تغير، ووجود الفكر السلفي أي التيمي الاقصائي فنحن نحترم الأفكار ونحترم الجميع، لكن نتحدث عن الفكر السلفي التيمي الاقصائي التكفيري، ألا يوجد علماء ضمن هذه الفترة الزمنية، وأنتم تنتقدون التقليد ووجدت عبر التاريخ خاصة التاريخ المعاصر بعض المحاولات من بعض العلماء للتحرر من قيود ابن تيمية وتقليد ابن تيمية، لكن كانت محاولات ضعيفة ولم يكن الوضع السياسي مهيئًا لإبراز مثل هذه المحاولات، فنصيحة للحكام لذوي القرار أنهم عليهم أن ينفتحوا إلى باقي الأفكار وإلى باقي المذاهب، على أقل تقدير إلى الفكر السلفي الآخر، الوسطي المنفتح الحقيقي الأقرب إلى الواقع الذي يحترم الآخرين، الذي لا يقصي الآخرين، الذي لا يكفر ولا يبيح دماء الآخرين، الوضع السياسي، الظروف السياسية، الوضع الدولي، الظروف الدولية الآن مختلفة، الآن الفكر السلفي الاقصائي التكفيري انتهى دوره، هذه المرحلة ليست مرحلته، فمن أراد أن يحافظ على دولته، على حكومته، على سلطته، على نفسه، على عائلته الحاكمة عليه أن ينفتح على الآخرين، هذا هو وقت الانفتاح ...}}.
وعلى هذا الأساس نطرح تساؤلنا وهو هل سمع الأمير محمد بن سلمان هذه الدعوة من صوت الإعتدال والوسطية العراقي المتمثل بالمرجع المحقق الصرخي ؟ أم هي خطوة ذاتية أقدم عليها ؟ ولكن بكل الأحوال فإن الظروف والواقع الإقليمي والدولي بشكل عام والمجتمع الإسلامي بشكل خاص والإنسانية بشكل أخص باتت ترفض الفكر الإقصائي الدموي ولا يمكن لأي دولة من الدول أن تدخل في تحالف أو تسعى لفتح علاقات إقليمية أو دولية وهي تتبنى أو تحتضن فكر تكفيري متطرف لذلك الضرورة السياسية على أقل تقدير تحتم عليها التخلص من هكذا فكر متشدد.