بقلم د.جلال حسن الجنابي
كان الوضع السائد لدى الناس في عصر الجاهلية قبل مجيء الاسلام وبعثة النبي محمد صلى الله عليه واله على حالة من فعل المنكرات والانفلات الاخلاقي الفردي والمجتمعي وعبادة غير الله من الاصنام وغيرها فبعث الله رسوله الامين ليثبت ويتمم مكارم الاخلاق التي يحملها البعض منهم في ذلك المجتمع وليضع القواعد الصحيحة والتعاليم والاحكام التي نزل بها القران الكريم لينظم الحياة ويزكي الانفس ويطهرها من الرجس والدنس وينظم علاقة الفرد مع خالقه ومع المجتمع وعدّ الالتزام بها من التقوى وأنّ التقوى هي ميزان المفاضلة بين المسلمين فقال تعالى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) وجعل الاسلام هو الدين الخاتم للديانات ولن يُقبل غيره فقال تعالى )وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )
فكان المسلمون يتفاضلون بينهم على أساس تقواهم وبعد رحيل رسول الله الى الرفيق الاعلى وانتهاء فترة الخلفاء تسلط بني أمية على الحكم بأسم الاسلام وصعدوا منبر رسول الله وهم يحملون البغض لصحابته ولأهل بيته الاطهار فحاربوهم وقتلوا سبط النبي الحسين عليه السلام وأخذوا عيال ونساء ال البيت أُسارى الى الشام وحاربوا من يواليهم ويقول باخلاقهم وتوحيدهم فظهر مذهب التشيع وسمي من يسير على نهج محمد صلى الله عليه واله ونهج اهل بيته الاطهار بالشيعي ومن يسير بنهج النبي صلى الله عليه واله وما رواه صحابته عنه بالسني وهنا برز الامويون ليجعلوا من الصحابة واجهة لبغضهم لاهل البيت وحرفوا الدين وجعلوا من الدخول بالتسنن هو المقياس وأن بغض علي ومن يحسب على شيعته هو المقياس وبرز من يوالي النبي وأهل بيته الاطهار وأطلق عليهم شيعة اهل البيت ومن هؤلاء المسمون شيعة ممن يرفع شعار التشيع والموالاة وهم ليسوا كذلك حيث جعلوا التشيع هو المقياس في القرب الالهي والبغض لأعدائهم هو المقياس بدل التقوى وهؤلاء من الطرفين سواء الشيعة او السنة ممن رفعوا شعار التسنن أو التشيع للقرب من الله وجعلوا من المذهب والالتزام بشعاره والدفاع عنه حقا وباطلا على نهج الجاهلية من التعصب الاعمى هو المقياس وفي الحقيقة خالفوا قانون وإرادة الله في القرب منه بإتباع طريق التقوى أولا والالتزام باحكامه وتعاليمه والابتعاد عن نواهيه ثانيا أما من يحسب على التشيع أو التسنن ومقياسه تقوى الله ولايتعصب للمذهب والطائفة ويتقبل الحوار والتعايش السلمي ويجعل الدليل العلمي هو الموجه والحكم فيكون طريقه طريق الاعتدال والوسطية التي أمر بها الاسلام الحنيف فلا إشكال عنده وقد بين هذا المعنى المحقق الاستاذ الصرخي الحسني حيث ورد في احد محاضراته ( التقوى هي المحك، لا يوجد عندنا نسب، ولا شياع إعلامي، ولا عمالة، ولا طائفية، ولا كثرة عددية، ولا انتماء للعائلة الفلانية أو للشخص الفلاني أو للجهة الفلانية أو للحزب الفلاني أو للدولة الفلانية أو للقومية الفلانية، فالتقوى هي المائز والمقياس وليس التشيع أو التسنن أو الانتماء للنبي أو للإله أو لهذه الطائفة أو لتلك الطائفة هذا غير مجدٍ .)
مقتبس من المحاضرة {1} من بحث " الدولة..المارقة...في عصر الظهور...منذ عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم)
بحوث : تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الإسلامي للمرجع المعلم
9 محرم 1438 هـ - 11 / 10 / 2016 م
http://www10.0zz0.com/2017/11/08/21/980508367.jpg وهنا اشير الى انه لا خلاص من التكفير والقتل والتعصب الاعمى الا بالرجوع الى المنهج الوسطي المعتدل الحامل لكلام القران (لا إكراه في الدين ) والمعتمد على الحوار والنقاش العلمي في اثبات حقيقة وصدق ما يتبناه الفرد وللمقابل الحق في التقبل أو الرد العلمي الاخلاقي وبهذا يسير الفرد والمجتمع في طريق التكامل والتطور الفكري والثقافي والاخلاقي