بقلم : أحمد المـــلا
لا يحتاج مصطلح وعنوان المارقة لتعريف فجميع المسلمين يعرفون المارقة ومن هم وماهي صفاتهم وماهو سبب تسميتهم بهذا الإسم، وكل الفرق والمذاهب الإسلامية كفرتهم ولم تمتدح المارقة الخوارج لما قاموا به من أفعال مشينة تحت عنوان الإسلام والتوحيد وبخروجهم على ولاة الأمر، ولا يوجد هناك من يدافع عنهم إلا إبن تيمية فإنه يقول إن الصحابة لم تكفر الخوارج المارقة !! على الرغم من أن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " وصفهم أدق الأوصاف لصحابته وميزهم خير تمييز والصحابة عرفوهم جيداً وميزوهم وقاتلوهم...
وقد بين المرجع المحقق الصرخي في المحاضرة الأولى من بحث ( الدولة المارقة في عطر الظهور منذ عهد الرسول " صلى الله عليه وآله وسلم ") كيف إن النبي قد وصف المارقة لإصحابه، حيث قال المحقق الصرخي :
{{... البخاري: المناقب:... عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ (رضى الله عنه) قَالَ: [[بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وألِه وسلّم) وَهْوَ يَقْسِمُ قَسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ (وَهْوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ، فَقَالَ (صلى الله عليه وآلِه وسلّم): {وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟!! قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ}، فَقَالَ عُمَرُ (رضي الله عنه): يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ، فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ (صلى الله عليه وآلِه وسلّم): {دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا، يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ- وَهْوَ قِدْحُهُ- فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْىِ الْمَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ}، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّى سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ (عليه السلام) قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ، فَالْتُمِسَ فَأُتِىَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) الَّذِى نَعَتَه [[...}}.
ومع هذا الوصف الدقيق من قبل النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " يأتي ابن تيمية ويقول بأن الصحابة لم يكفروا الخوراج المارقة !! حيث يقول في كتاب " منهاج السنة النبوية " في الصفحة 247-248- 249 ((ومما يدل على أن الصحابة لم يكفروا الخوارج أنهم كانوا يصلون خلفهم وكان عبدالله بن عمر - رضي الله عنه - وغيره من الصحابة كانوا يصلون خلف نجدة الحروري ، وكانوا أيضا يحدثونهم ويفتونهم ويخاطبونهم ، كما يخاطب المسلم المسلم ، كما كان عبدالله بن عباس يجيب نجدة الحروري لما أرسل إليه يسأله عن مسائل وحديثه في البخاري .وكما أجاب نافع بن الأزرق عن مسائل مشهورة ، وكان نافع يناظره في أشياء بالقرآن ، كما يتناظر المسلمان ، ........ ومع هذا فالصحابة – رضي الله عنهم – والتابعون لهم بإحسان لم يُكفِّرُوهم ، ولا جعلوهم مرتدين ، ولا اعتدوا عليهم بقول ولا فعل ، بل اتقوا الله فيهم ، وساروا فيهم السيرة العادلة ))!!...
حيث يستدل ابن تيمية على عدم تكفير الخوارج بعدم تكفير الصحابة لهم وهذا واضح من كلمة ( ومما يدل ) وساق أمثلة كثيرة يبين فيها أن الصحابة تعاملوا مع الخوارج كتعاملهم مع المسلمين وهذا دليله على عدم تكفيرهم !! وهنا نلاحظ أن ابن تيمية يريد أن يخلط الأمور على الناس ويبين إن الخوارج المارقة أقل خطراً على الإسلام من بعض المذاهب الإسلامية لغاية في نفسه، وهو بذلك يتجنى على الصحابة ويفتري عليهم فمن كفرهم النبي كفرهم ثابت عند الصحابة لكن كان تعامل الصحابة مع الخوارج كتعاملهم مع أي إنسان غير مسلم كما هي سيرة النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " هذا من جانب ومن جانب آخر نسأل ابن تيمية كيف للخوارج أن يسألوا عن مسائل الدين وهم يرون كفر كل من على غير عقيدتهم ؟ فهل يعقل أن تسأل كافر عن أمور دينك ؟؟!! وهنا نلاحظ أن ابن تيمية ضرب وصف النبي "صلى الله عليه وآله وسلم " للخوارج المارقة عرض الجدار ويقول بعدم كفرهم متجنياً بذلك على الصحابة في حالة من الدفاع عنهم ويحاول أن يقول إن الصحابة لم يكفروا الخوارج وبما إنهم لم يكفروهم فنحن لا نقول بكفرهم لأن هذه سنة السلف الصالح!!.