ضاع الإنسان بين الدجل والنفاق
لايوجد أحد يطيق مجالسة المنافقين ؛ فهم يقولون بالسنتهم ماليس فس قلوبهم ! ولهذا يعد المنافقين أكبر خطر تهددت به الأمة الإسلامية على مر العصور وخاصة ممن تنّصب على رؤوس الاشهاد وهم تحت عنوان النفاق والمنافقين الذين يمثلون الخطر الاكبر على بناء المجتمع الصالح النافع في زمن الظهور المقدس وللإسلام الحقيقي الخالي من النفاق والمنافقين ؛ وهذا ما أشار اليه المرجع الصرخي الحسني في حديثه عن النفاق والمنافقين ؛ والحال لا يختلف بالنسبة للنفاق السياسي الذي يمس حياة الناس ومستقبلهم بالصميم ، وهو أشد الآفات وأكثرها خطورة، خاصة عندما يرسم السياسي مبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتطور الاقتصادي من الناحية النظرية، الا انه يوظفها عملياً لنفعه وعقده النفسية كما ورد في قول الصرخي (المكر السياسي في العراق فاق كل مكر في العالم ، وصل الى مرحلة حتى عنوان القذارة والخسة تخجل و تستحي مما يفعله اهل السياسة في العراق)
والمتتبع لجذور الانحراف العقدي في تاريخ المسلمين يجد المنافقين وراءه ولهذا حذر القرآن الكريم منهم وكشف خطرهم
فالمنافق هو شخص يُظهر الخير ويُخفي الشر..ويقول مالا يفعل.يُّبطن شيء ويُّظهر شيء آخر ؛يتصف بالمكر والمخادعة كما بين ذلك قوله تعالى {يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ} والحديث عن النفاق لا يقف عند حدود النّفاق العقيدي الّذي يعني أن يُخفي الإنسان الكفر ويظهر الإيمان وإنــما دائرة النّفاق تتّسع لتشمل، النفاق الاجتماعي والسياسي والفكري... فالنّفاق عدّة شغل يستعملها البعض كلّما فضّل عدم المواجهة، أو ليحصل على شيء ما مصلحة، قرب، موقع، صحبة، مال، حظوة... فالنفاق يبدأ على المستوى النفسي للانسان وعلى نار هادئة فيبأ بالمسايرة وينتهي بالمــؤامرة و أشدّ النّفاق، فهو أن تتحوّل المسايرة والمجاراة عملاً أو سلوكاً... النفاق اليوم أسهم وبشكل كبير في احالة مجتمعنا الى مجتمع صوري تسوده النفعية والتملق والاكاذيب والتي تشكل أهم مخاطر وآثار النفاق التي لايمكن السيطرة عليها، فصور النفاق تختلف باختلاف مهمة المنافق كما تختلف حالات التأثير باختلاف مستويات المنافق والمجال الذي يتحرك فيه، فالنفاق الديني لايقل خطورة عن النفاق الاجتماعي والذي ينعكس بشكل سلبي على دور الدين في رسم قانون السماء في الأرض، وتحقيق العدالة المنشودة من القانون الديني”.فإذا ترسّخ في النّفس، أصبح أعقد، وهو ما قال عنه أمير المؤمنين(ع): «أشدّ النّاس نفاقاً، من أمر بالطّاعة ولم يعمل بها، ونهى عن المعصية ولم ينته عنها». ونصيب هذا النّوع من المنافقين عند الله معروف، إذ يقول القرآن الكريم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً}[النّساء: 142].
إنّها صورة بشعة للإنسان المتلوّن كالحرباء، ولهذا فأنه مرض خطير يفتك بالمجتمعات ويوصلها الى الحضيض والإمام عليّ(عليه السلام ) يحذّر من لم ينجُ من هذا الطّاعون: «أحذّركم أهل النّفاق، فإنهم الضالّون المضلّون والزالّون المزلّون».. {أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ}
«اللَّهُمَّ طَهِّرْ قَلْبِي مِنَ النِّفاقِ، وَعَمَلِي مِنَ الرِّياءِ، وَلِسانِي مِنَ الكَذِبِ وَعَيْنِي مِنَ الخِيانَةِ، فَإنَّكَ تَعْلَمُ خائِنَةَ الأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ، يا أرحم الرّاحمين».