مولاي المهدي ، نعزّيك بوالدك العسكري
احمد ياسين الهلالي
لقد عاصر الإمام الحسن العسكري (عليه السلام ) والد الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف ) ثلاث من طغاة حكام بني العباس وهم المعتز و المهتدي و المعتمد بن المتوكل والذي توفي الإمام في ملك هذا الأخير , وقد تحمل الإمام سلام الله تعالى عليه من ظلم أولئك الحكام واعتداءاتهم الكثير الكثير , لما عرفوا من خطورة وجود الإمام فيما بينهم وكما تعلمون بأن ما بشر به الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) من أن الإمام الذي سيملأ الارض قسطا وعدلا هو من ولده , لذا فقد تعرض الإمام إلى الكثير من الاعتقالات والاعتداءات والسجن عدة مرات بالإضافة إلى وضع بيت الإمام (عليه السلام) تحت المراقبة الشديدة محاولة منهم إبعاده عن شيعته ومواليه , كما وخصصوا النساء والقابلات لمراقبة ولادة الامام المهدي (عليه السلام ) للقضاء عليه ساعة ولادته , لذلك فقد كان القدوم على قتل الإمام العسكري امر مرجوح ومرغوب لديهم وقد حاول المهتدي العباسي قتله ولكن فشل في ذلك فكما روي عن أبي هاشم الجعفري ، قال : « كنت محبوسا مع ابي محمد في حبس المهتدي ، فقال لي : يا أبا هاشم ، ان هذا الطاغية أراد أن يعبث بأمر الله في هذه الليلة ، وقد بتر الله عمره وجعله للمتولي بعده وليس لي ولد ، وسيرزقني الله ولدا بكرمه ولطفه ، فلما أصبحنا شغب الأتراك علي المهتدي وأعانهم العامة لما عرفوا من قوله بالاعتزال والقدر ، فقتلوه ونصبوا مكانه المعتمد وبايعوا له ، وكان المهتدي قد صحح العزم علي قتل ابي محمد عليه السلام ، فشغله الله بنفسه حتي قتل ومضي الي اليم العذاب », ومع هذا كل تجد ان الامام العسكري لم ينقطع عن اتباعة واصحابه ومحبيه فقد كان يراسلهم ويرشدهم الى السنة المحمدية ويدعوا لهم في قضاء حوائجهم , كما وعين الإمام العسكري وكلاء له في الأماكن التي يتواجد فيها تيار اهل البيت (عليهم السلام) وجعل اتصال الناس به عبر هؤلاء الوكلاء وبذلك استطاع الإمام أن يحفظ القواعد الشيعية من رقابة الدولة العباسية الظالمة، واستطاع أن يكيف الذهنية على طريقة الرجوع إلى الوكلاء لكي تتهيأ الشيعة لاستقبال وكلاء الإمام المهدي من بعده. وبقي هذا الظلم والإبعاد والسجن والحصار والعزلة يعيشها امامنا المظلوم إلى أن رحل عن الدنيا مسموما، في سامراء (العراق) يوم الثامن من ربيع الأول سنة260هـ، فيكون عمره الشريف حين وفاته28 سنة. فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا , وقد كان للمرجع المحقق السيد الصرخي الحسني تعزية خاصة بهذه الذكرى الاليمة حيث عزا الامام المهدي المنتظر (عج الله تعالى فرجه ) بهذه الكلمات حيث قال : أيها الإمام الهمام ، نعزّيك بفقد والدك العسكري ، قد فارق الحياة مسمومًا مظلومًا ، مجرّدًا بك الحسام، خلّفك بعده للعظام الجسام ، ناصرًا لمظلوميته من كيد الأصنام ، جُزيت خيرًا ونصرًا وصبرًا يا خير الأنام ، إمام مظلوم والدك سيدي ، فبمظلوميته وفقده كُتبت الحجة والبرهان عبر الأيام ، لتشقّ بيدك انتصارًا له وللمظلومين طريق السلام ، فمتى سيدي القائم بالعدل فرجك؟ ومتى نتشرف بطلعتك ويبزغ معك فجر القيام، لتطفئ نار جاهلية المارقة الخوارج اللئام، وينتصر الإسلام؟.
فنعزّيك بهذا المصاب الأكبر، ونعزّي الرسول الأطهر وآله أجدادك الحجج على البشر، ومن سار على نهجك ليحيي شرع الله الأكبر.