لإمــامة جعل إلــهي قبل بدء التكليف على الأرض
هيام الكناني
سبحان الذي خلق الكون وجعل له خلفاء وأئمة بقوله سبحانه( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ وسبحان من خلق محمدا قبل خلق الاشياء وجعل منه البشارة التي تتوهج به الارض ضياءاً وعدلاً وهو القائل سبحانه ({{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً * قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ * قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}} البقرة30
البشارات السماوية الواردة في الأديان السابقة قد بشرت بالدين الاسلامي كمــا بشرت بــالمنقذ العالمي الموعود الذي يكون موكول بنشر العدل على هذه البسيطة
وانه قادم لا محالة لانقاذ البشرية جمعاء من الظلم والطغيان والجبروت والعنف والتزييف والتزوير والتحريف والنهب والدمار وإستباحة المحرمات وإنتهاك المقدسات والتي نشهد جانباً منها في عصرنا الحاضر بتزييف الدين الاسلامي المحمدي الأصيل وتحريفه ببدع فتاوى وعاظ السلاطين وعبدة الدينار والدرهم الذين أباحوا المقدسات وأفتوى بالتفخيخ والتفجير وتكفير الآخر وإستباحة دمه وعرضه وماله ووطنه إستمرارية للنهج الأموي الانحرافي الجاهلي القبلي .
وهذه المزية التي يتمتع بها الموعود لايمكن أن يتصف بها بشري غيره ؛ فأحقيته وخلافة الآرض موكولة من الله وانه حق ألهي وتنصيب رباني لايمكن للشورى ولا العرف ان تنصبه ؛ لانه أمر إلـهي وجعل شرعي قد خص به (الموعود المخلّص) الذي ينتظره العالم ؛ فقضية الامام الموعود قضية حتمية لابد من وقوعها ولو بعد حين من الدهر وبما ان السنن الكونية تنتظر هذا المخلص جرت عادة المتكبرين والظالمين على تشويه قضيته لما ورد من أخبار حوله بانه ســ يقض مضاجع المستكبرين وينال منهم لذلك شُوِه الآسلام من قبلهم وأخذت التهم تنهال عليه من كل حدب وصوب .ونظراً .لوجود التيارات المعاكسة، لهذا النهج الصحيح، ولوجود بقايا الأديان السماوية التي حًرفت عن مسارها الحقيقي، فأغلب الأديان التي كانت تبشر بالدين الإسلامي، وكل الملل الآن تسعى لكي تنهش هذا الإسلام الموسوم اليوم!! والسبب أنهم عرفوا في كتبهم أن هذه الأرض سوف يحكمها رجل من قريش أو رجل مصلح يقيم العدل والعدالة على وجه الكرة الأرضية بتمامها، وهو من بني
هاشم وأسمه يواطىء اسم رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم وخلقه خلق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلذلك هم يسعون بما في وسعهم لكي ينهشوا هذا الدين من الداخل ومن الخارج، فنلاحظ بين الآونة والأخرى من ينعق وينسب نفسه بالمهدوية تارة ؛ وتارة ممن يستهزء بغيبته وأخرى بالمسردب وماشاكل من الاقاويل الاستهزائية حتى تشوه حقيقته ولكن يابى الله الا أن يتم نوره وعن طريق كتبهم ورواتهم كما صرح بذلك المرجع الصرخي في محاضراته وتحت عنوان(جعل اللهُ الإمامة قبل أن يبدأ التكليف على الأرض
قال(ابن كثير): {{يخبر تعالى بامتنانه على بني آدم بتنويهه بذكرهم في الملأ الأعلى قبل إيجادهم بقوله: { وإذ قال ربك للملائكة} أي: واذكر يا محمد إذ قال ربك للملائكة واقصص على قومك ذلك .
ويعلق الصرخي : هذا قول ابن كثير وهو من أئمة التوحيد الجسمي، ومفاد كلامه بأن يا محمد، افتخر أن قومك لهم هذه الخصوصية بأن منّ عليهم فذكروا قبل الخلق، إذًا فجعل الإمامة والإمام أيضًا قبل أن يخلق آدم وهي منّة وامتنان وقبل أن يُخلق بنو آدم والأئمة، وقبل أن يخرج آدم من الجنة، وقبل أن يبدأ التكليف على الأرض، وقبل أن يوجد الناس فيحصل التنازع بينهم فتكون الضرورة لوجود الإمام والخليفة ليحكم بينهم
وعليه فإن الاسلام هو التعبير الأكمل عن الحقائق الدينية والإنسانية، كما ان الامامة مدرسة تتصدى لبيان الحقيقة الإسلامية بحدها الأعلى، و حينما تصرح الأديان بفكرة المنقذ العالمي فإنما تكشف ـ فضلاً عن الحقيقة الغيبية ـ عن ضمير إنساني أكيد و بنحو أكمل و حينما يصرح الإسلام بهذه الفكرة، انما يصرح بحقيقة دينية أكيدة و بنحو أكمل مما طرحته الأديان السابقة، و حينما يصرح أهل البيت(عليه السلام) بهذه الفكرة فإنما يقدمون البيان الأكمل عن الحقيقة الإسلامية في هذا المضمار.