بقلم : احمد المـــلا
عندما نقول إن منهج أهل السنة الذي يمثله الخلفاء والصحابة " رضي الله عنهم " يختلف عن منهج التيمية الذي يمثل بالأساس منهج بني أمية وخير شاهد على ذلك هو عدم إحترام التيمية لقدسية الله سبحانه وتعالى من خلال التجسيم للذات الإلهية المقدسة وكذلك هتك حرمة رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " من خلال عدة أمور منها عدم إحترام ذريته وقتلها وسفك دمائها وعدم احترام حرمة الصحابة ولا قدسية مكة والمدينة كما فعل معاوية وابنه يزيد، وقد سار بنو تيمية على هذا النهج من خلال هتك حرمة رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " وذلك من خلال تحريم وتبديع كل من يشد الرحل لزيارة قبره وكذلك القول بعدم عصمته ولم يقفوا عند هذا الحد بل راحوا يدلسون ويحرفون ويدسون الروايات التي تعطي هكذا إنطباع من أجل تشويه صورة الصحابة والخلفاء "رضي الله عنهم " ومن أمثلة ذلك هو تصحيح الروايات التي تتحدث عن اعتراض الخليفة عمر " رضي الله عنه " على أفعال وأقوال الرسول وذلك حتى يبررون تجرئهم على مقامه الشريف ويجعلون من ذلك سنة تيمية يسيرون عليها...
ونحن في هذا المقام نبحث عن إجابة حقيقة لما نسطره من إستفهامات متمنين الحصول على إجابة هذا من جهة ومن جهة أخرى وحتى لا يفهم إننا نقدح بالخليفة عمر " رضي الله عنه " لكن من باب الدفاع عنه أولا وكشف زيف التيمية ثانياً، فنحن نعلم من المستحيل أن يقدم الخليفة عمر " رضي الله عنه " عن هذا الفعل وهو جذب النبي والإعتراض عليه لأن خط الصحابة يختلف عن خط بني أمية كما بين ذلك المرجع المحقق الصرخي خلال المحاضرة السابعة عشرة من بحث ( الدولة المارقة في عصر الظهور منذ عهد الرسول " صلى الله عليه وآله وسلم ") حيث قال :
{{.... لاحظ هذا خط الصحابة المرتبط بالرسول " صلى الله عليه وآله وسلم" وأهل البيت "عليهم السلام"، وبكل تأكيد فإنّ الصحابة غير معصومين فتوجد شبه وإشكالات وأخطاء واجتهادات، لكنها ليست كالخط الأموي، فالخط الأموي ينفي كل شيء ويقلب الموازين والحقائق، أما خط الصحابة فهو خط إسلامي يقول بالذي عنده والذي له والذي عليه، مع ملاحظة أنّ هذا مما وصلنا بعد تجاوز مراحل الغربال الأموي والسلطة والحكام الأمويين، فجزى الله الصحابة والخلفاء وأم المؤمنين خير الجزاء، فلولاهم لانقلبت الحقائق رأسًا على عقب...}}.
وهنا نعود إلى أصل الموضوع الذي يتبناه التيمية وهو الإفتراء على الخليفة عمر " رضي الله عنه " حيث يقول الطبري في تفسير قوله تعالى {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ } التوبة84 ((17050- حدثنا محمد بن المثنى، وسفيان بن وكيع, وسوار بن عبد الله قالوا: حدثنا يحيى بن سعيد ..... فأعطاه قميصه وإذا فرغتم فآذنوني. فلما أراد أن يصلي عليه, جذبه عمر، وقال: أليس قد نهاك الله أن تُصَلّي على المنافقين؟.... 17055- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن محمد بن إسحاق, عن الزهري, .....فلما وقف عليه يريد الصلاة, تحوَّلتُ - أي الخليفة عمر - حتى قمت في صدره فقلت: يا رسول الله, أتصلي على عدوّ الله عبد الله بن أبي، القائل يوم كذا كذا وكذا!! .......قال: فعجبتُ لي وجُرْأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم )))...
وهذا الحديث ينقله البخاري في صحيحه في كتاب اللباس ج5 ص 2184 برقم 5350 وفي كتاب الجنائز ج1 ص 427 برقم 1210، طبعا الجميع يعلم إن تفسير الطبري هو أحسن تفسير عند ابن تيمية وهو خالِ من البدع هذا من جهة ومن جهة أخرى عنده صحيح البخاري أصح كتاب بعد القرآن تحت أديم السماء ... لذلك نسأل ونستفهم بما هو آتِ :
1- أيهما أكثر فقهاً وعلماً النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " أم الخليفة عمر " رضي الله عنه " ؟ إن كان النبي فكيف يجذب الخليفة عمر النبي ويمنعه ؟
2- هل يعقل أن يتجرأ الخليفة عمر على شخص ومقام النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " ويجذبه ويتجرأ عليه ويقم أو يقف في صدره والله سبحانه وتعالى هدد الصحابة بإحباط الأعمال في حال رفعوا صوتهم عند النبي وذلك بقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ } الحجرات2 .. فإن كان الخليفة عمر فقيهاً وعالماً كيف يجذب النبي ويقف بصدره ويعترض عليه وهو يعلم إن رفع الصوت عنده يحبط الأعمال فهل كان معانداً حاشاه الله ؟
3- إن كانت تلك الروايات في تفسير الطبري وصحيح البخاري حقيقة وواقعاً ويؤمن بها ابن تيمية وأتباعه فهذا بحد ذاته طعن بالخليفة عمر " رضي الله عنه " وتشويه صورته ويظهرونه بمظهر المتجرئ على النبي والمعترض عليه بل والأعلم منه.
4- إن كانت تلك الروايات غير صحيحة فهذا يعني إن صحيح البخاري ليس أصح كتاب تحت أديم السماء بعد القرآن لما فيه من تقول على الخليفة عمر " رضي الله عنه " وكذلك تفسير الطبري يعتبر من التفاسير التي نقلت البدع وهنا يكون تشخيص ابن تيمية لتلك الكتب غير تام وفيه نقص وعدم دقة.
وهنا نقول للتيمية وأتباع ابن تيمية هل تقبلون بما في النقطتين 1 و2 وتقبلون بتزكية ابن تيمية لتلك الكتب أو تقبلون بما في النقطتان 3 و4 وتقرون بأن ابن تيمية لم يكن دقيقاً في تزكية تلك الكتب وهي كتب غير دقيقة وفيها البدع والخرافات والإفتراءات على الخلفاء والصحب الكرام ؟ أيهما أسلم شرعاً القول بتجرئ الخليفة عمر " رضي الله عنه " على مقام وشخص النبي " صلى الله عليه آله وسلم " وهذا يستلزم إحباط الأعمال أو القول بعدم تمامية وصحة كل ما في البخاري والطبري وإن ابن تيمية مخطئ في توصيف تلك الكتب ؟ ننتظر الرد منكم.