بصرف النظر عن الأبعاد السياسية لوجود التنظيمات الإرهابية, وبتعامل ظاهري مع عقيدة عناصر وأفراد تلك التنظيمات, نجد إن الشعار الذي ترفعه هو نصرة الإسلام والدفاع عن الصحابة والخلفاء وأمهات المؤمنين, وجعلت تلك التنظيمات عنوان "السب والطعن" هو ذريعة لها لممارسة التكفير والقتل وسفك الدماء, ونحن هنا لا ندعوا للسب أو الطعن بالخلفاء والصحابة ولا نشرعن ذلك ولا نؤيده من قريب أو بعيد, فنحن نقول إن كل من يسبّ الخلفاء والصحابة وأمهات المؤمنين ليس من الشيعة بل هو منتحل للتشيع, ومن يسب آل البيت "عليهم السلام" ويطعن بهم هو ليس من أهل السنة بل منتحل للتسنن, لكن ما نريده هنا هو كشف تلك الخدعة التي تمارسها تلك التنظيمات للتغرير بالناس لغرض إستقطابهم من جهة ومن جهة أخرى لتشرعن جرائمها.
فلو كان هؤلاء يعتقدون فعلاً بكفر ونفاق وطغيان كل من يسب الخلفاء والصحابة لكفّروا كل من يسب ويطعن ويجرح بالخلفاء والصحابة ولا يتعاملون بمزاجية وإنتقائية في التكفير تحت عنوان تلك الذريعة, فعندهم أصل وقاعدة ثابتة وهي (كل من يسب الصحابة فهو كافر ومنافق وطاغي ويجب قتله) وهذا الأصل وهذه القاعدة وهذه الفتوى أخذوها من شيخهم وإمامهم إبن تيمية الذي أطلقوا عليه عنوان "شيخ الإسلام" وجعلوا كلامه عدلاً للقرآن الكريم وللسنة النبوية حتى صاروا يستدلون بكلامه وآرائه وفتياه بكل ما يفعلون!! حتى وإن كان المقابل لا يعتقد بإبن تيمية وفكره فهم يستدلون عليه بقول شيخهم فصار كل ما صدر من إبن تيمية هو حجة شرعية عندهم فأخذوا يقتلون الناس ويسفكون الدماء تحت عنوان (كل من يسب الصحابة فهو كافر ويجب قتله) لأن من يقوم بهذا الفعل هو مرتد وكافر ومنافق وطاغي.
لكن هل طبقوا هذا الأصل وهذه القاعدة على شيخهم بن تيمية الذي يمثل رأس الرمح بعد معاوية بن أبي سفيان في بغض الخلفاء والصحابة وسبهم وشتمهم وتكفيرهم؟ فهذه كتبه تفوح بالطعن بعلي بن أبي طالب "عليه السلام" وهو من الخلفاء ومن الصحابة حتى وصل الأمر بإبن تيمية بأن يقول بإسلام وعدالة كل من يُكفر علي "عليه السلام", فعنده كل من يُكفر ويسب الإمام والخليفة والصحابي علي بن أبي طالب "عليه السلام" ليس بمرتد ولا كافر ولا منافق, حيث يقول في منهاج السنة / ج5/ ص 8 (والذين قدحوا في علي رضي الله عنه وجعلوه كافراً وظالماً ليس فيهم طائفة معروفة بالردة عن الإسلام) ويقول أيضا في منهاج السنة / ج5/ ص 9 (بخلاف من يكفر علياً ويلعنه من الخوارج وممن قاتله ولعنه من أصحاب معاوية وبني مروان وغيرهم فإن هؤلاء كانوا مقرين بالإسلام وشرائعه: يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويصومون رمضان ويحجون البيت العتيق ويحرمون ما حرم الله ورسوله وليس فيهم كفر ظاهر بل شعائر الإسلام وشرائعه ظاهرة فيهم مُعظمة عندهم وهذا أمر يعرفه كل من عرف أحوال الإسلامم)!!.
هذا في ما يخص موقفه من الإمام علي "عليه السلام" أما موقفه في ما يخص باقي الخلفاء الراشدين "رضي الله عنهم" فنذكر ما طرحه المرجع الديني العراقي السيد الصرخي الحسني في المحاضرة الخامسة عشرة من بحث (الدولة المارقة في عصر الظهور منذ عهد الرسول " صلى الله عليه وآله وسلم) ومن خلال مصادر أهل السنة ممن يوثقهم أتباع إبن تيمية والذين ذكروا رأي إبن تيمية في الخلفاء, حيث ذكر المرجع الصرخي عدة مصادر:
{{... أ ـ الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي (( وقد كتب إليه بعض أجلاء أهل عصره علمًا ومعرفة سنة خمس وسبعمائة مِن فلان إلى الشيخ الكبير العالم إمام أهل عصره بزعمه... فهو (ابن تيميّة) سائر زمانه، يسب الأوصاف والذوات، ولم يَقْنَع بِسَبّ الأحياء، حتى حَكَمَ بتكفير الأموات، ولم يَكفِهِ التعرّض على مَن تأخّر مِن صالحي السلف، حتى تعدّى إلى الصدر الأوّل ومَن له أعلى المراتب في الفضل، فيا وَيْحَ مَنْ هؤلاء خَصْمُه يومَ القيامة، وهيهات أن لا ينالَه غضب، وأنّى له بالسلامة وكنتُ ممّن سمِعَه وهو على منبر جامع الحبل بالصالحيّة وقد ذكَرَ عمرَ ابن الخطاب (رضي الله عنه) فقال: إن عُمَر له غلْطات وبَلِيّات وأيّ بليّات؟!! وأخبر عنه بعضُ السلف أنّه ذكَرَ عليَّ بن أبي طالب (رضي الله عنه وعليه السلام) في مجلس آخر فقال: إنّ عليًا (عليه السلام) أخطأ في أكثر مِن ثلاثمائة مكان، فيا ليت شِعري، مِن أين يحصل لك الثواب إذا أخطأ عليّ (عليه السلام) بزعمك (كرّم الله وجهَه وعليه السلام) وعمر بن الخطاب (رضي الله عنه)).
ب- ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة:1، قال: ((إنّ ابنَ تيمية خطّأ عمر بن الخطاب في شيء، وأنّه قال عن عثمان (رضي الله عنه) أنّه كان يحب المال... وخطَّأ أمير المؤمنين عليًا (كرّم الله وجهه وعليه السلام) في سبعة عشر موضعًا خالَفَ فيها نصَّ الكتاب، وأنّ العلماء نسبوه (ابن تيمية) إلى النفاق لقوله هذا في علي (كرم الله وجهه وعليه السلام)، ولقوله أيضًا فيه (في عليّ عليه السلام): إنّه كان مخذولًا، وإنّه قاتل للرئاسة لا للديانة))....}}.
فبهذا الإستعراض البسيط والموجز الذي يتضح من خلاله موقف إبن تيمية من الصحابة والخلفاء " رضي الله عنهم " يتضح للجميع بأن إبن تيمية هو في قمة المبغضين للصحابة وهو وبحسب فتياه ورأيه كافر ومنافق وطاغي هذا من جهة ومن جهة أخرى يتضح لنا إن ما يقوم به الدواعش التيمية من قتل وسفك دماء تحت ذريعة " الطعن بالصحابة " ما هي إلا خدعة وأكذوبة لتظليل الناس والتغرير بهم وشرعنة جرائمهم وليس ضمن عقيدة حقيقية, وهنا نسأل الدواعش التيمية عن موقفهم من شيخهم بعد إن ثبت لهم بغضه للصحابة ؟ وهل يستحق هكذا شخص أن يكون شيخاً للإسلام ومصدراً للفتوى ؟ وهل يستحق أن يؤخذ برأيه ؟ وهل هكذا شخص له هكذا آراء يصح إسلامه أم يقال عنه " كافر ومنافق وطاغي " ؟, فهذه عقيدة إين تيمية التي لم تأتِ إلا بالتكفير والقتل والتهجير.
بقلم: احمد الملا