سعد بن عبادة. صحابي جليل تخلف عن بيعة الخليفة الأول والثاني. وصاحب مقتله غموض وضبابية . فهناك من لم يذكر مقتله كابن تيمية يقول "وأما بيعةُ عثمان فاتّفق الناس كلُّهم عليها وكان سعد(بن عُبادة) قد ماتَ في خلافة عُمَر فَلَم يدرِكْها،...". لاحظ يقول مات ولم يشير الى مقلته او اغتياله. وهناك من رمى الجريمة في ساحة الجن!. وهذا غريب جدا. والسبب وراء كل ذلك. ان اغتيال سعد بن عبادة. خلفه حزب وتكتل. أراد بقتله تحقيق أهداف. كما فعل في مقتل الخليفة الثالث. وهذا ما سنعرفه من التحليل الذي يقدمه المرجع الديني السيد الصرخي الحسني في المحاضرة 16 من بحث الدولة المارقة في عصر الظهور منذ عهد الرسول. قال تحت عنوان "سعد بن عبادة وقع فريسة سائغة لكتلة الحي الأموي القريشي ولديهم اكثر من مبرر لأغتياله!"
جـ ـ روى البلاذري(وكذا الأندلسي): {{أنّ سعد بن عبادة لم يبايع أبا بكر وَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ ، فَبَعَثَ عُمَرُ رَجُلا ، وَقَالَ: ادْعُهُ إِلَى الْبَيْعَةِ وَاخْتَلْ لَهُ، وَإِنْ أَبَى فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ عَلَيْهِ، فَقَدِمَ الرَّجُلُ الشَّامَ، فَوَجَدَ سَعْدًا فِي حَائِطٍ بِحُوَارَيْنَ، فَدَعَاهُ إِلَى الْبَيْعَةِ، فَقَالَ: لاأبايع قرشيًّا أبدًا، قال: فإني أقاتلك، قال: وإن قاتَلْتَني، قال: أفخارجٌ أنت مما دَخَلَتْ فيه الأمّة؟ قال: أما من البيعة فإني خارج، فَرَماه بسهمٍ فَقَتَلَهُ}}أنساب الاشراف1:البلاذري// العقد الفريد3:الأندلسي
د ـ قال ابن عبدِ ربّه {{رُمِيَ سعدُ بنُ عُبادة بسهم فوُجِدَ دفينًا في جسده فمات ( هذه النقطة تشير إلى ما يقوله المارقة بأنّ سعدًا قتلته الجن، لاحظ، يقول: فوُجِدَ دفينًا في جسده فمات. يريد أن يشير إلى ان هذا السهم ليس من بشر، لم يُلتفت إليه، لم يلاحظه، لا يوجد له أثر، وقرينة الكلام هو قوله فيما بعد)، فَبَكَتْهُ الجِنّ فقالت:
وقتلنا سيد الخزرج سعد بن عُبادة * ورميناه بسهمين فلم يَخْطُ فؤادَه}}العقد الفريد4
(( هذا الكلام لو رواه واحد من الشيعة أو من الصوفية أو المعتزلة سنرى ما هو الرد عليهم من قِبل المارقة!!!))
قال ابن سعد: {{أنّه جلس يبول في نفق فاقتتل فمات من ساعته ووجدوه قد اخضرَّ جِلْدُه}}الطبقات3:ابن سعد// المعارف: الدينوري
قال ابن الأثير: {{لم يبايع سعد أبا بكر ولا عمر(رض)، وسار إلى الشام فأقام بحوارين إلى أن مات سنة15هـ، ولم يختلفوا في أنّه وُجِدَ ميّتًا على مغتسَلِه وقد اخضَرَّ جسدُه، ولم يَشعُروا بموتِه حتى سمِعوا قائلًا يقول من بئر ولا يَرَونَ أحدا}} (( يعني القائل ليس ببشر، من بئر سمعوا صوتًا ينادي ويقول ويحكي بأنه مات فلان أو قتل فلان)) اُسْدُ الغابَة:ترجمة سعد بن عبادة:ابن الأثير// الإستيعاب2: إبن عبد البَرّ
وهنا أقول: (1) كل منصف لو تجرّد عن كل خلفية تعصبية مذهبية أو قومية أو قبلية أو مصلحية نفعية واطلع على سيرة الخليفة عمر(رض)، فإنّه يجد الجرأة والجدّ والحدية في سلوك عمر(رض) ومواقفه سواء كان مع أم المؤمنين حفصه أو عائشة أو أبي بكر أو فاطمة أو عليّ أو رسول الله (عليه وعليهم الصلاة والتسليم)، ... فهل نتوقع أن يكون مترددًا مع سعد فيلتجئ إلى أن يكيد له فيغتاله في منفاه الذي اختاره لنفسه؟! علمًا أنّ الخليفة عمر لم يتردد في إجباره على البيعة أمام الأشهاد ولكنّه تَرَكَهُ استجابة لطلب الصحابي الأنصاري في تركه وهذه كانت في اَوَّل خلافة أبي بكر، فكيف نجده يتردد في استدعاء سعد وإجباره على البيعة أو العقوبة مع الامتناع، بعد مضي ما يقارب الخمس سنوات وبعد أن قَوِيَت الدولة وثبتت أركان السلطة، مع ملاحظة أنّ سعدًا لم يكن له أيّ تأثير يُذكَر على المجتمع يسبب خطرًا على الدولة وأركانها في خلافة عُمَر(رض).
(2) إذا عَلِمنا وعرَفنا ذلك، وعرَفنا أن كتلة السقيفة تشكلت في مقابل كتلة ثانية في المسجد النبوي أو غيره فكان التنافس بينهما على السلطة والإمارة، وعَلِمنا أنّ عمر(رض) ترك كتلة المصاب النبوي لتدارك ما سيقع من تسلط ذاك الحي من قريش على مقاليد الحكم والتسلط على الأمة ومقدّراتها وهلاك الأمة على أيديهم، فإنَّنا سنرجّحُ أو نطمئنُ إلى أنّ سعد بن عبادة يُعتَبر الغريم الأول والمنافس والعدو الأول لرؤساء الكتلة الثانية؛ كتلة الحي الأموي القريشي الذي يسيطر على الشام، والذي وقع سعد فريسة سهلة سائغة بين أيديهم، فيكون لهم سببٌ والفُ سببٍ ومبرر لاغتياله وقَتلِه، فينتهون من خطره ويحرضون الناس ضد الخلافة بإشاعة أنّها قد اغتالته.