منهج الرازي الفيلسوف العالم يكشف ويُعري ابن تيمية
تختل المقاييس وتقلب الموازين. فتظلم شخصيات ولا يشار لها. وتبرز اخرى لا حظ لها من العلم الحقيقي. ويصعد نجمها وتوضع امام اسمائها الالقاب: كشيخ الاسلام. ووحيد دهره ...الخ. وغالبا يتم التقييم من خلال الكمية لا النوعية: كمية المؤلفات. كمية الاتباع. كمية الحروب والغزوات...الخ. قال السيد الصرخي الحسني في هذا الصدد "...الظاهر بأن الذي يحصل مع ابن تيمية، مع المؤلفات التي سجلت ونسبت لابن تيمية ينظر إليها بهذا المنظار، منظار الكمية وليس النوعية، بمنظار الكم وليس النوع، وهذا الأسلوب يعرفه ابن تيمية ويتحدث عن الجانب الكمي دائمًا، كم التحق بعلي وكم التحق بمعاوية؟ وكم التحق بالحسين وكم التحق بيزيد؟ كم معركة شارك هذا وكم معركة شارك هذا؟ كم شخص ذبح وقتل هذا وكم شخص ذبح وقتل هذا؟ فيعرف هذا الأسلوب فيأتي بالجانب الكمي بالأسلوب الكمي، يضعه في ما يكتب، هذا إذا كانت الإصدارات المؤلفات هي فعلًا لابن تيمية ولم تكن لغير ابن تيمية، لأشخاص آخرين، ولم يكن على نحو أتى من مؤسسة من حكومة من جهة منظمة من جهة معينة شكلت لجنة ولجان وألفت ما تريد من كتب ونسبت هذا لابن تيمية وذاك لغيره..."
ومن منطلق الانصاف والانتصار للعلم والحقيقة. فقد قارن المرجع الديني السيد الصرخي الحسني منهج العالم والفيلسوف الرازي. بمنهج ابن تيمية العشوائي المضطرب. وبين الفراق الكبير
حيث قال :تحت عنوان " أين الثرى وأين الثريا...ابن تيمية والفخر الرازي؟!"
الكلام في خطوتين:
الخطوة1: أساس التقديس للفخر الرازي:
نذكر هنا بعض الكلام الذي يرجِع إلى بحث{بيان تلبيس التيمية...}، لحاجتنا إليه في بيان تمامية ما نريد تثبيتَه من دليل، ولدفع ما يُحتمل من شبهات، وسنذكر لكم باختصار مضمون كتاب العالم الشيخ الإمام الرازي وإشارات إلى منهج البحث العلمي فيه، وأترك لكم المقارنة بين الرازي الفيلسوف العالم ومنهجه العلمي وبين ابن تيمية الجاهل المقلّد الالتقاطي ومنهجه في العشوائية والاضطراب والالتقاطيّة والتدليس، وبالله نستعين:
الإمام الرازي السنّي الأشعري(المتوفي606هـ)، قال في كتابه (أساس التقديس): ورتّبته على أربعة أقسام:
القسم الأول: في الدلائل الدالة على أنّه تعالى منزَّه عن الجسمية والحيِّز
القسم الثاني: في تأويل المتشابهات من الأخبـار والآيـات
القسم الثالث: في تقرير مذهب السلف
القسم الرابع: في بقية الكلام في هذا الباب
القسم الأول: في الدلائل الدالة على أنّه تعـالى منزّه عن الجسمية والحيز:
الفصل الأول[القسم الأول: الفصل الأول]: في تقرير المقدمات التي يجب إيرادها قبل الخوض في الدلائل
وهى ثلاثـة:
المقـدمة الأولى: في اثبات موجود لا يشار إليه بالحَسّ (( والمقدمة الثانية: ليس كل موجود يجب أن يكون له نظير وشبيه وانه ليس يلزم نفي النظير والشبيه نفي ذلك الشيء، والمقدمة الثالثة: في اختلاف القائلين أنّ الله جسم، وبعد هذا يأتي الفصل الثاني)) (( إذن المقـدمة الأولى: في اثبات موجود لا يشار إليه بالحَسّ، بمعنى أنّ التيمية جماعة التوحيد الاسطوري التجسيمي يقولون: إذا كان الله موجودًا فلا بدّ أن يُشار إليه فالرازي هنا يريد أن يثبت لهم في وجود موجود لا يشار إليه، يعني ليس بالضرورة أن الموجود يشار إليه، لا توجد ملازمة بين الوجود والإشارة إليه )):[[أي أنّ الله موجودٌ وغير حالّ في العالَم ولا مباين عن العالم، بحَسَب الجهة]] ...فنقول: الذي يدل على أنّ هذه المقدّمات ليست بديهية، وجوه
(( هذا الكلام سنتحدث فيه لاحقًا إذا وفقنا الله تعالى وهو بخصوص بيان تلبيس التيمية... لاحظ: الرازي أتى بمقدمة لاثبات موجود لا يشار له بالحس، بعد هذا يأتي بردود المخالفين، بردود المجسمة والمشبهة، فالمشبهة والمجسمة يقولون: لا يوجد موجود لا يشار إليه بالحس، كل موجود يشار إليه بالحس ما هو الدليل على هذا؟ يقولون يوجد مقدّمات وهذه المقدّمات بديهية وضرورية، فيأتي الرازي ويقول: بأنّ هذه المقدمات التي طرحها التيمية جماعة التوحيد الأسطوري المجسمة الحشوية هي ليست مقدمات بديهية لذلك قال: فنقول: الذي يدل على أنّ هذه المقدّمات ليست بديهية، وجوه: الأول والثاني والثالث إلى أن يصل إلى الوجه الثامن وهذا هو الذي يهمني ))...
[الوجه]الثامن: إنّ خصومنا لا بدّ لهم من الاعتراف بوجود شيء على خلاف حكم الحس والخيال. (( التفت جيدا: يعني بعد التدرج في الدليل والبرهان يصل الى هذه النتيجة وبناء على ما ذكره هناك فيقول: إذن في النتيجة لا بد لهم أن يعترفوا بوجود شيء على خلاف الحس والخيال، يعني إذا قلنا بوجود شيء فتحقق موجود وهذا الموجود على خلاف حكم الحس والخيال أي لا يشار إليه إذن أثبتنا وجود شيء لا يشار إليه وأنتم إشكالكم على هذا الأمر وتقولون: إنّ الجهة لله والحيز لله نقول به؛ لأنه اذا كان موجودا فتثبت له الجهة تثبت الإشارة إليه وإلا فينتفي الوجود، فإذا وجد فهو جسم وإذا كان جسما يشار اليه وله حيز وله جهة اذن ما دام الله موجودا اذن يشار اليه اذن يدركه الحس والخيال، الفخر الرازي يتدرج معهم في الدليل والبرهان الى ان يصل بهم في النتيجة انه لا بد لهم من الاعتراف بوجود شيء لا يشار اليه ، بوجود شيء على خلاف حكم الحس والخيال )) وذلك لأنّ خصومنا في هذا الباب إما الكرامية أو الحنابلة .
وقد علق السيد الصرخي قائلا : (( الكرامية هم نسخة مطورة من الحنابلة يعني ابن تيمية يقترب الى الكرامية، جماعة ابن تيمية يقتربون إلى الكرامية بل هم كرامية، الآن أنت تعجب لماذا أخذهم الصراخ والعويل والتوحش في قضية رؤيا العين؟!! وهم ليس عندهم أي مشكلة في رؤيا العين في الاخرة بكل الاعضاء وبكل الحواس ولكل الأعضاء ولكل الحواس!! سنقرأ هذا إن شاء الله وسنطلع عليه ))
أما الكرامية: فإنّا إذا قلنا لهم: لو كان الله تعالى مشارًا إليه بالحَسّ(الحِسّ)، لكان ذلك الشيء:
(أ) إمّا أن يكون منقسمًا فيكون مركبًا، وأنتم لا تقولون بذلك ...
(ب) وإمّا أن يكون غيرَ منقسم، فيكون في الصِّغْرِ والحقارة مثلَ النقطة التي لا تنقسم، ومثلَ الجزءِ الذي لا يتجزأ، وأنتم لا تقولون بذلك، (( بمعنى أن القول بالإشارة إلى الله بالحس يستلزم محذورين وأنتم لا تقولون بهما؛ إمّا أن تقولوا بأنّه منقسم ومركب وأنتم تنفون ذلك، وإمّا أنّه يستلزم أنّه غير منقسم لكنّه يكون في الصغر والحقارة مثل النقطة التي لا تنقسم ومثل الجزء الذي لا يتجزّأ وأنتم أيضًا تنفون هذا الشيء عن الله سبحانه وتعالى ))
وأضاف المحقق الصرخي مشيرا ً الى الأمانة العلمية التي اظهرها الفخر الرازي : (وعند هذا الكلام قالوا: إنّه واحد منزه عن التركيب والتأليف، ومع هذا، فإنّه ليس بصغير أو حقير. ) (( لاحظ الأمانة العلمية، يعني مما يؤخذ على الرازي وعلى كل عالم وكل منصف وهذا ما شاهدناه عند السيد الصدر الأول قدست نفسه الزكية؛ يأتي بدليل وبقول وبرأي وبمحتملات ما يريده الخصم بأفضل مما أتى به الخصم بنفسه – وبدرجة أقل فعل ذلك الأستاذ السيد الصدر الثاني- أمّا الآخرون فلا يقارنون بما يأتون به وبما يفهمون من بحوث كما يفهمه الصدر الأول وبعده الصدر الثاني))
جاء ذلك في المحاضرة العاشرة من بحث ( وقفات مع ... توحيد التيمية الجسمي الأسطوري ) بحوث: تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الإسلامي 14- 1- 2017 .
بقلم علي زهير الفراتي