تعددت الأزمات التي عصفت ومازالت تعصف بالعراق , من أزمات سياسية خلفت معها أزمات أمنية وإقتصادية وثقافية وصحية وخدمية جعلت من الشعب يكون كالعصف المأكول, فكثرة التدخلات الخارجية من قبل الدول المجاورة والإقليمية والكبرى في الشأن العراقي الداخلي زادت من الطين بله, فبسبب هذه التدخلات بقي العراق يرزح تحت وطأت طبقة سياسية حاكمة فاسدة تخدم أجندات دولية شرقية وغربية, هذا من جهة ومن جهة أخرى توسع رقعة الأزمة الأمنية ودخول تنظيم داعش الذي خلف حتى بعد تراجعه وانكساره على الجبهات العسكرية فكراً تكفيرياً متشدداً زرعه بين الناس وغرسه في عقول الأطفال.
وهذا الأمر استلزم من المتصدين للقيادة الدينية في العراق كونهم هم الموجهون والمرشدون للعملية السياسية أن يضعوا الحلول لذلك الأمر لكن لم نجد من أعار الأمر أهمية, فكان المرجع العراقي الصرخي هو رجل المرحلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ليثبت للعالم أجمع وللعراقيين خصوصاً إنه هو القائد الحقيقي الذي لا تصلح قيادة البلد بدونه كما يقول السيد الشهيد محمد باقر الصدر " قدس سره " ( إن القيادة لا تصلح إلا في ثلاثة أمور إما نبي مرسل و إمام معصوم أو مجتهد اعلم ) وكما هو ثابت إن بقية المتصدين لا يملكون أي واحدة فلا هم أنبياء ولا معصومون ولا مجتهدون يحملون الأعلمية, بإستثناء المرجع العراقي الصرخي الذي أثبت أعلميته وأرجحيته العلمية على كل من تصدى للقيادة الدينية – المرجعية – وهذا ما جعله يطرح الحلول الناجعة لما يمر به العراق من أزمات.
وكان من أبرز ما طرحه في ما يخص الوضع السياسي العام المتهرئ في العراق والتدخل الدولي الخارجي في الشأن العراقي الداخلي فقد وضع المرجع الصرخي عدة مشاريع أبرزها هو مشروع خلاص الذي يمثل خارطة طريق من شأنها أن تعيد العراق إلى مكانته المرموقة التي كان يحظى بها بين الدول العربية والمنطقة الإقليمية بحد ذاتها, وهذا المشروع بحد ذاته يمثل ثورة فكرية سياسية في رسم مستقبل العراق الجديد بعيداً عن الطائفية والتبعية والانحيازية والمحاصصة, والذي دعا فيه إلى :
1ـ قبل كل شيء يجب أن تتبنّى الجمعية العامة للأمم المتحدة رسمياً شؤون العراق وأن تكون المقترحات والقرارات المشار اليها ملزمة التنفيذ والتطبيق .
2ـ إقامة مخيّمات عاجلة للنازحين قرب محافظاتهم وتكون تحت حماية الأمم المتحدة بعيدةً عن خطر الميليشيات وقوى التكفير الأخرى .
3 ـ حلّ الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة خلاص مؤقتة تدير شؤون البلاد الى أن تصل بالبلاد الى التحرير التام وبرّ الأمان .
4ـ يشترط أن لا تضم الحكومة أيّاً من المتسلطين السابقين من أعضاء تنفيذييّن أو برلمانييّن فإنّهم إن كانوا منتفعين فاسدين فلا يصحّ تكليفهم وتسليم مصير العباد والبلاد بأيديهم وإن كانوا جهّالاً قاصرين فنشكرهم على جهودهم ومساعيهم ولا يصحّ تكليفهم لجهلهم وقصورهم ، هذا لسدّ كل أبواب الحسد والصراع والنزاع والتدخّلات الخارجية والحرب والإقتتال .
5- يشترط في جميع أعضاء حكومة الخلاص المهنية المطلقة بعيداً عن الولاءات الخارجية ، وخالية من التحزّب والطائفية ، وغير مرتبطة ولا متعاونة ولا متعاطفة مع قوى تكفير وميليشيات وإرهاب .
6- لا يشترط أي عنوان طائفي أو قومي في أي عضو من أعضاء الحكومة من رئيسها الى وزرائها .
7- ما ذكرناه قبل قليل يشمل وزيرَيْ الداخلية والدفاع ويجب تشكيل منظومة عسكرية جديدة تمتاز بالمهنية والوطنية والولاء للعراق وشعب العراق ولا يوجد أي تحفّظ على المنتسبين لها سواء كانوا من ضباط نظام سابق أو نظام لاحق ماداموا مهنيين وطنيين شرفاء .
8- في حال قبول ما ذكرناه أعلاه فأنا على إستعداد لبذل أقصى الجهود لإنجاح المشروع من خلال حث الأبناء والأخوة الأعزّاء من رجال دين وعشائر وشيوخ كرام وعسكريين وخبراء وأكاديميين ومثقفين وكل العراقيين الباحثين عن الخلاص ، نحثّهم للإلتحاق بالمشروع واحتضانه وتقديم كل ما يمكن لإنجاحه .
9- لإنجاح المشروع لابدّ من الإستعانة بدول وخاصة من دول المنطقة والجوار ولقطع تجاذبات وتقاطعات محتملة فنقترح أن تكون الإستفادة والإستعانة من دول كالأردن ومصر والجزائر ونحوها .
10- إصدار قرار صريح وواضح وشديد اللهجة يطالب إيران بالخروج نهائيا من اللّعبة في العراق حيث أنّ إيران المحتل والمتدخّل الأكبر والأشرس والأقسى والأجرم والأفحش والأقبح .
11- في حال رفضت إيران الإنصياع للقرار فيجب على الأمم المتحدة والدول الداعمة لمشروع الخلاص أن تُجنِّب العراقيين الصراع فتؤمِّن مناطق آمنة محميّة دولياً يعيش فيها العراقيون تحت حماية ورعاية الأمم المتحدة ، ونترك جبهة قتال مفتوحة ومباشرة بين إيران والدولة الإسلامية (داعش) يتناطحان ويتقاتلان فيها ولتكن (مثلاً) محافظة ديالى وليستنزف أحدهما الآخر وننتظر نتائج القتال وفي حينها سيكون لنا قرار وفعل مع من يبقى منهما ، فنحن غير مستعدّين أن نجازف بحياة أبنائنا وأعزائنا بحثّهم على دخول حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل بل كل الخسارة والهلاك علينا فلا نرضى أن نكون حطباً لنيران صراعات قوى محتلّة غاصبة طامعة في خطف العراق واستعباد شعب العراق.
هذا في ما يخص الوضع السياسي أما من الناحية الفكرية التي أنتجهتها هيمنة تنظيم داعش الإرهابي على المدن العراقية ومن أجل جعل الحرب على الإرهاب مكتملة الأوجه ولغرض ردم منبع الإرهاب الفكري فقد تصدى المرجع العراقي الصرخي إلى طرح عدة بحوث ومحاضرات عقائدية يناقش فيها الفكر التيمي الداعشي الإرهابي, فشرع بطرح بحوث ( الدولة المارقة في عصر الظهور منذ عهد الرسول " صلى الله عليه وآله وسلم ") و بحوث ( وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الأسطوري ) والتي تبث في كل يوم جمعة وسبت من كل أسبوع على مواقع التواصل الإجتماعي التابعة لمرجعية السيد الصرخي الحسني, لان هذا الفكر التيمي الداعشي سبب القتل والتهجير وسفك الدماء وتخريب البلاد ولا يمكن الخلاص من التنظيمات الإرهابية إلا بالخلاص من مصدرها الفكري, كما يقول المرجع الصرخي في المحاضرة الحادية عشرة من بحث ( وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الأسطوري )...
{{... نقول ونكرر, نحن نتعامل الآن مع ابن تيمية كشخص وكعنوان؛ لأنّ الكتب سجّلت باِسمه لكنّنا نعتقد ونرجّح أنّ جُلّ ما نُسب إليه هو لم يصدر منه أصلًا فلذلك نقول: غفر الله له إنْ كان كلّ هذا الكلام قد دسّه ونسبه إليه المدلّسة من أتباعه، ماذا نفعل نحن، نحن نريد أن ندفع الشبهات، نريد أن نبرئ الذمّة أمام الله سبحانه وتعالى بأننا سعينا من أجل ايقاف نزيف الدماء، التقليل من نزيف الدماء، التقليل من التغرير بأبنائنا وأعزائنا من السنة ومن الشيعة، من أهل العراق ومن غير أهل العراق، من المسلمين هنا أو من المسلمين هناك، لا فرق عندنا، نريد أن نرضي الله سبحانه وتعالى ...}}.
فأصبحت هذه المحاضرات بمثابة مشروع خلاص فكري وهي جزء لا يتجزأ من حيث الجوهر من مشروع خلاص, فبكلاهما يكتب للعراق وشعبه الخلاص من الطغمة الفاسدة التي تحكمه والمجاميع الإرهابية التي تسفك دمه.
بقلم :: احمد الملا