لقد إبتُلي الإسلام والمسلمين في زماننا هذا بأقوام تدَّعي التمسك بالكتاب والسنة، والأخذ منهما مباشرة دون حاجة إلى علم عالِم أوفقه فقيه، أو الرجوع حتى إلى أقوال السلف الصالح، بما فيهم أهل بيت رسول الله "صلى الله عليه واله وسلم" الذين هم خير الورى بعد الرسول الأعظم، وأعلم هذه الأمَّة اطلاقاً بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وليس كما يزعم الضَّالين المضلّين، هم رجالٌ ونحن رجال.
وليتهم وقفوا عند هذا الحد بل زعموا أن مذهبهم هذا هو عين الكتاب والسنة، وجوهره، وأن مَن يخالفه فهو من أهل البدع والضلالة بل ويصل الى حد تكفيره، وان كان من أهل القبلة، ويشهد أن لا إله إلا ألله وان محمد رسول الله.
إعلم، إن هذا الدين لا يؤخذ عن كل من هبَّ ودب وإنما يؤخذ عن العلماء بكتاب الله وسنة رسوله الذين هم ورثة الأنبياء. كما جاء في السنة المطهرة، ولهم علامات بها يعرفون، ومزايا تميّزهم عن عامة الناس، وهم المراجع المجتهدون الذين يستطيعون إستنباط الأحكام الشرعية في زمن غيبة الإمام المنتظر عليه السلام.
وكما أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حديثه الشريف: (إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم). وفي رواية (العلم دين والصلاة دين فانظروا ممن تأخذون هذا العلم وكيف تصلون هذه الصلاة فإنكم مسؤولون يوم القيامة).
فالعلم هنا هو العلم بكتاب الله وسنة رسوله، والبيان واضح في وجوب أخذه عن أهله وهم أئمة هذه الأمة وعلمائها المجتهدين المجمع على جلالتهم وعلوّ قدرهم، فإقتفاء أثرهم واجب، كما جاء في قوله تعالى: }ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم و ساءت مصيرا{.
وقد ساهم شيوخ وأئمة الضلالة ودعاة التطرف والمتعطشين للدماء على تجديد الفكر التيمي الداعشي التكفيري ممن يدعون العلم والمعرفة والتفقه واستخدموا شتى الأساليب لنشر هذا الفكر القاتل ونشروه بين العوام بدون معرفة هؤلاء العوام إنَّ مشايخهم وكتبهم وعلمائهم مسيّرون تحت التوجّه التكفيري الدموي, ومن بين هذه الأساليب هو اسلوب إيهام الناس بأنهم يسيرون على خط ونهج الصحابة وزوجات النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" ليغرّروا بالناس ويخدعونهم بإسم صحابة النبي!! وإستمرّ هذا الفكر بالإنتشار حتى يومنا هذا وبدأ يأخذ حيّزا خطيرا حين بدأ يستقطب حتى الأجانب من مسلمين وغيرهم وبدأ يشكل قوة فكرية وعسكرية لا يستهان بها.
وقد تصدّى المرجع العراقي السيد الحسني الصرخي للفكر التيمي التكفيري من خلال محاضرات أسبوعية تفنّد وتسفّه أفكارهم ومغالطاتهم التي لا تستند على أي قواعد عقلية أو فقهية وإنما على استحسان عقلي وعشوائية وتخبط واضح, وشدّد السيد الصرخي الحسني إن هناك خطان لا يلتقيان أبداً الأول هو خط النبي وأهل بيته وأصحابه، والخط الثاني هو خط الإنحراف والتكفير.
حيث أكّد سماحة المرجع العراقي الصرخي في كلامه خلال المحاضرة السابعة من بحث (وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الإسطوري) قائلا:
(... التفت جيدًا: هذا شاهد آخر على أنّ خط الصحابة سلام الله على الصحابة، خط الصحابة وأهل البيت هو خط النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يبقى عدم فهم، عدم تمامية في فهم بعض الأمور، عدم التمامية في التطبيق، خطأ في التطبيق هذا شيء، لكن هذا الخط هو خط النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع الاحتفاظ بخصوصية النبي وأهل البيت والصحابة وكل من الصحابة حسب درجته ومنزلته، في مقابل هذا يوجد خط المارقة، خط التكفير، خط التيمية، خط التوحيد الأسطوري، التفتوا إلى هذا، هذا هو الخط الأموي، عندما يأتون بحديث للحاكم الأموي المجرم – سلام الله على عمر بن عبد العزيز- الفاسق مرتكب الكبائر شارب الخمر، عندما يأتون إليه بحديث يقول ويفيد ويُفهم المقابل ويَفهم منه الحاكم بأنّه الأصل هو التوحيد، فمن وحّد الله دخل الجنة ومُنع العذاب وإنْ زنا، وإنْ لاط، وإنْ شرب الخمر، وإن قَتل، وإن.. وإن.. وإن..!!! ما أحلى هذا الدين وما أسهل هذا الدين!!! وفي المقابل أيضًا: من كان في قلبه ذرة من حبّ علي دخل الجنة ولا تمسه النار، وإنْ فعل كذا، وزنا ولاط وارتكب كل الفواحش والمحرمات!!! هل هذا دين؟ هذا ليس بدين، هذا فسق، هذا فجور، هذه خيانة، هذا تغرير، هذا شيطان، هذا دجال...).
وللأمانة أقول إن مَن تابَع ويُتابع محاضرات السيد الحسني الصرخي الأسبوعية أو يقرأ مؤلفاته حول التصدي للفكر التيمي الداعشي التكفيري يجد أنه جهد وعمل غير مسبوق في التأريخ حيث لم يتصدى مفكّر للفكر التيمي التكفيري ويوقفه عند حدّه كما فعل ويفعل ذلك السيد الحسني الصرخي حيث جعل منهم ومن أفكارهم الأسطورية التكفيرية أضحوكة ومسخرة تفضحها سطحية وغباء فكرهم المتطرف الشاذ.
المحاضرة السابعة من بحث (وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الإسطوري)
https://soundcloud.com/alsrkhyalhasany/ibn-taymiyyah-7 بقلم ضياء الحداد