سؤال أو عدة أسئلة غالباً ما يطرحه الخوارج المارقة يراد منها قلب الحقائق ودفنها وقلب الأمور وهذه الأسئلة هي؛ لماذا الإمام علي "عليه السلام" قدّم السيدة فاطمة الزهراء "سلام الله عليها" للمطالبة بحقه بالخلافة، ولماذا يقدّمها "عليها السلام" للمطالبة بفدك وغير فدك، ولماذا يقدّمها "عليها السلام" لفتح باب الدار أو للذهاب لباب الدار ومواجهة الطارقين للباب والمحاولين اقتحام الدار، فهل يُعقل أن يَفعلَ عليٌّ عليه السلام ذلك وهو المقاتل البطل الشجاع المقدام الفصيح البليغ؟!، ويراد من هذه الأسئلة أمرين هما؛ أما نفي الشجاعة والبطولة والإقدام وكل فضيلة أخرى لعلي "عليه السلام" أو نفي مطالبة الزهراء "عليها السلام" بحقها وبحق الإمام علي, فعند نفي أحد الأمرين تتحقق غايات وأهداف ومراد الدواعش التيمية التكفيريين الخوارج والتي تكمن في إسقاط كل فضيلة وأحقية لعلي "عليه السلام" وآل البيت أجمعين حتى يعلوا في المقابل شأن بنو أمية والمروانيين.
لكن السيدة عائشة "رضي الله عنها" قد قصمت ظهور التيمية الدواعش في الرواية التي وردت عنها في (البخاري/ المغازي - ومسلم/ الجهاد والسير), {{..عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ (رضي الله عنه) أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ بِنْتَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وآله وسلم أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِى بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم ..فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ عليها السلام مِنْهَا شَيْئاً فَوَجَدَتْ(غَضِبَت) فَاطِمَةُ عليها السلام عَلَى أَبِى بَكْرٍ فِى ذَلِكَ فَهَجَرَتْهُ، فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وآله وسلم سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ، دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِىٌّ عليه السلام لَيْلاً، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ، وَصَلَّى عَلَيْهَا عَلِيّ عليه السلام، وَكَانَ لِعَلِىٍّ مِنَ النَّاسٍ وَجْهٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ عليهما السلام، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ اسْتَنْكَرَ عَلِىٌّ عليه السلام وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ يُبَايِعُ تِلْكَ الأَشْهُرَ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ أَنِ ائْتِنَا، وَلاَ يَأْتِنَا أَحَدٌ مَعَكَ، كَرَاهِيَةً لِمَحْضَرِ عُمَرَ، فَقَالَ عُمَرُ: لاَ وَاللَّهِ لاَ تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا عَسَيْتَهُمْ (وَمَا عَسَاهُمْ) أَنْ يَفْعَلُوا بِى، (إنّي) وَاللَّهِ لآتِيَنَّهُمْ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ، فَتَشَهَّدَ عَلِىٌّ عليه السلام فَقَالَ: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا فَضْلَكَ(فَضِيلَتَكَ)، وَمَا أَعْطَاكَ اللَّهُ، وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْراً سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ، وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ(استوْلَيتَ وانفرَدْتَ) عَلَيْنَا بِالأَمْرِ، وَكُنَّا نَرَى(حقّا) لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم نَصِيباً، (فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُ أَبَا بَكْرٍ) حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ(رض)، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ:وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أَحَبُّ إِلَيّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي، وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَمْوَالِ،عن البيعة والحق والإمامة وإنّما يتحدّث عن الأموال) فَلَمْ آلُ فِيهَا عَنِ الْخَيْرِ (فَإِنِّى لَمْ آلُ فِيهِ عَنِ الْحَقِّ)، وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْراً رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلاَّ صَنَعْتُهُ، فَقَالَ عَلِىٌّ عليه السلام لأَبِى بَكْرٍ: مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةُ لِلْبَيْعَةِ، فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُهْرَ رَقِىَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَتَشَهَّدَ وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِىٍّ عليه السلام، وَتَخَلُّفَهُ عَنِ الْبَيْعَةِ، وَعُذْرَهُ بِالَّذِى اعْتَذَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ، وَتَشَهَّدَ عَلِىٌّ عليه السلام فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِى بَكْرٍ، و(حَدَّثَ) أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِى صَنَعَ نَفَاسَةً (حسدا) عَلَى أَبِى بَكْرٍ، وَلاَ إِنْكَاراً لِلَّذِى فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ، وَلَكِنَّا نَرَى لَنَا فِى هَذَا الأَمْرِ نَصِيباً، فَاسْتَبَدَّ عَلَيْنَا (فَاسْتُبِدَّ عَلَيْنَا بِهِ)، فَوَجَدْنَا (أي: غضبنا) فِى أَنْفُسِنَا، حصل فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ وَقَالُوا: أَصَبْتَ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَلِىٍّ عليه السلام قَرِيباً، حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ الْمَعْرُوفَ}}.
وهنا نعلق بما طرحه المرجع الديني العراقي الصرخي الحسني من تعليقات على تلك الرواية التي قصمت ظهر التيمية الدواعش التكفيريين وأجابت على تلك الإستفهامات والأسئلة التي أثبتت أحقية علي وفاطمة "سلام الله عليهما"؛ حيث قال المرجع الصرخي:
{{...لماذا لم يستنكر الصحابة والناس مواقفَ فاطمة "عليها السلام" من الخليفة والخلافة ورفضها لها وغَضَبِها على الخليفة الإمام الصدّيق ثاني الأثنين في الغار صاحب أبيها(عليه وعلى آله الصلاة والسلام)؟ بل اللغز الغريب المحيّر أنّنا نجد مداراتَهم للزهراءعليها السلام ولمواقفها إلى المستوى الذي يحتمي علي "عليه السلام" بذلك، بحيث إنّه بمجرّد وفاتها :عليها السلام " انتهى كلّ شيء فتغيرت وجوهُ الناس ومواقفُهم تجاه علي "عليه السلام" فاضطرّ للمصالحة والبيعة ؟!! (هذا الكلام بناء على التسليم بكل ما جاء في الرواية)
(4) ومن هنا نقول لشيخ التيمية وللدواعش الخوارج المارقة أنّه ليس فقط عليّ عليه السلام قد انقاد لحكم ومواقف المرأة فاطمة "عليها السلام "، بل كل الصحابة والناس انقادوا للمرأة فاطمة عليها السلام ولحكمِها ومواقِفِها إلى المستوى الذي بمجرد وفاتها انقلبت مواقفُهم كلّيا (أي 180 درجة)، فهل هذا انقياد لامرأة وانقياد لباطل؟! وهل هو تقية أو نفاق أو دين وحقّ وأخلاق؟! ومن هنا يأتي فكُّ اللغزِ التافِهِ الذي تتوقَّعون انه لغزٌ محكمٌ لا يُمكِن فكّه وتبوّقون به هنا وهناك، وتقولون لماذا يقدّم عليا فاطمة "عليهما السلام" ؟! لماذا يقدم عليا فاطمة(عليهما السلام) في المطالبة بالخلافة والإمامة؟! ولماذا يقدّمها(عليها السلام) للمطالبة بفدك وغير فدك؟! ولماذا يقدّمها(عليها السلام) لفتح باب الدار أو للذهاب لباب الدار ومواجهة الطارقين للباب والمحاولين اقتحام الدار؟! فهل يُعقل أن يَفعلَ عليٌّ عليه السلام ذلك وهو المقاتل البطل الشجاع المقدام الفصيح البليغ والكذا والكذا..؟!!
(5) يا دواعش يا خوارج يا شيوخ مارقة: أتاكم الجواب من أم المؤمنين عائشة(رض) (لقد كسرت ظهوركم السيدة عائشة سلام الله عليها)، إنهم يهابون فاطمة(عليها السلام) ويخافون فاطمة(عليها السلام)، والعيب وكل العيب على الرجال أن ينقادوا لإمرأة إلا بالانقياد والتبعية لفاطمة (عليها السلام )، ومن هنا استحسن الأمويون الفكرة فعَمِلوا كلَّ الحِيَل والمكائد والأكاذيب من أجل أن تَتَّخِذَ أمُّ المؤمنين المواقفَ المعادية للخليفة عثمان(رض) فأوصلوا الحال إلى اغتياله (رض) واستمرّ الحال مع علي "عليه السلام " حتى حصلت واقعة الجمل، فكان الصحابة الرجال الرجال الصناديد منقادين لامرأة وحكم امرأة وقيادة امرأة، فلا غرابة يا تيمية ويا أئمة المارقة الدواعش في تقديم علي (عليه السلام) لفاطمة(عليها السلام) في المطالبة بحقّه، مع ملاحظة أنّ فاطمة "عليها السلام" بَقِيَت وأصرَّت على مواقفِها حتى ماتت(عليها السلام) والتَحَقَت بالرفيق الأعلى سبحانه وتعالى وإلى جوار أبيها خاتم المرسلين(عليه وعلى اله الصلاة والتسليم)، بينما السيدة عائشة (رض) قد أعلنت ندمَها وتوبتَها القولية أوالفعلية أو كليهما عمّا صدَر منها من مواقف ضد الخليفة الثالث عثمان(رض) وضد الخليفة الرابع علي (عليه السلام) ...}}.
بقلم :: احمد الملا