السيد الحسني: إنهاء داعش يوقف نزيف الدماء
بقلم ضياء الحداد
ظهور داعش المفاجئ وتمدّده دفع الكثير للكتابة والتحليل، فظهرت آلاف المقالات حول أسباب إنبعاث هذه الجماعة بالتحديد، خصوصا بعد سيطرتها على أجزاء واسعة من العراق وسوريا وبعد العنف الذي ظهر من أفراد داعش بطريقة قل نظيرها في التاريخ.
وحين نفكر بتحليل هذا الظهور المفاجئ للدواعش وفي هذا المكان من العالم وفي هذا التوقيت علينا أن ننتبه إلى أمرين مهمَّين الأول، هل أن هذه الجماعات لها علاقة بالإسلام أم هي إمتداد لفكر منحرف خارج عن الإسلام أسّسه بن تيمية وجدّدته هذه العصابات المارقة؟، وثانيا هل أن هذا الظهور ناتج طبيعي للضعف الذي تظهره الحكومات العربية للإحتلالات الغربية والشرقية وغيرها لأجزاء من الوطن العربي؟.
إن إنبعاث جماعات تكفيرية مثل داعش سبّبه الأول وجود نص تراثي يعزز إتجاه التكفير(الفكر التيمي)، وكذلك وجود ظروف سياسية واقتصادية تجعل من توظيف هذا النص، ومن التحشيد والتعبئة عبره، أمراً ممكناً.
داعش يختلف عن باقي التيارات الإسلامية في أسس قيام دولته عن كل الفكر الإسلامي، ويتمرّد على نهج جميع الخطوط في البحث عن نصيرٍ سياسي، فهو يريد أن يستحوذ على السلطة بشكل كامل ولا يريد نصيراً له!! ففي نظام دولتهم الخرافية الأسطورية بات أبو بكر البغدادي هو الأمير بل هو خليفة المسلمين، وهو ومن معه لا يبحثون عمّن ينصر الدعوة سياسياً ليتحالفوا معه، ولا يفكرون ضمن ثنائية الشيخ أو الخليفة والأمير، اللذين يتقاسمان السلطة، فالشيخ بإمكانه أن يكون هو الأمير، وأن يجمع السلطتين الزمنية والروحية، فيشرّع ويطلق الأحكام، ويشرف على تنفيذها، هو ومن معه من الشيوخ في قيادة دولته.
هذا فارق مهم في تصور طبيعة الدولة و وظيفة العلماء فيها، فالبغدادي والعدناني ومن معهم لم يبحثوا عن ولي أمر يبايعونه لينشر دعوة التوحيد -الأسطورية- بل تصدّوا للمسألة بأنفسهم، وقرّروا إقامة الدولة وحكمها والإشراف على توسعها، إقامة دولة بقوّة السلاح وبأبشع الطرق وقتل كل من يُشتبه به وكل هذا الإجرام يستندون فيه إلى نصوص تنسب لإبن تيمية ولا نعلم هل هي من فكر بن تيمية أم قد نُسبت إليه..؟.
نستطيع القول إن داعش قد أصبح تنظيم أممي يقود بالتحشيد معتمدا على عناصر وحواضن شعبية بدوية، في بادية الشام الكبرى، ويفتح الباب أمام إنضمام مقاتلين من كل أنحاء العالم، وهو ما يجعل داعش تنظيماً أممياً لا محلياً على غرار الحركات المتشدّدة الأخرى.
و يظلّ التكفير لبّ الأيديولوجيا الداعشية، وهو أداة تستخدم في التحشيد والتعبئة للقتال ضد المعارضين للدعوة من (الكفار)، وهذه الأداة ذاتها يستخدمها داعش في تعبئة عناصره، وقد تصدّى سماحة المرجع السيد الحسني الصرخي لهذا الفكر التكفيري الذي يغرّر بالمسلمين من كل أنحاء العالم سنّة وشيعة وحتى من غير المسلمين ويجنّدهم ويغسل أدمغتهم ليكونوا قتلة مأجورين بل مأسورين ومخدوعين بفكرة الخلافة وإقامة دولتهم المشئومة المبنية على إراقة الدماء والقتل الهمجي.
وفي نسبة هذا الفكر، يقول سماحة السيد الحسني في المحاضرة الحادية عشرة من بحث "وقفات مع.. توحيد التيمية الجسمي الأسطوري":
((...نكرر ونقول نحن نتعامل الآن مع ابن تيمية كشخص وكعنوان؛ لأنّ الكتب سجّلت باِسمه لكنّنا نعتقد ونرجّح أنّ جُلّ ما نُسب إليه هو لم يصدر منه أصلًا فلذلك نقول غفر الله له إنْ كان كلّ هذا الكلام قد دسّه ونسبه إليه المدلّسة من أتباعه، ماذا نفعل نحن ؟ نحن نريد أن ندفع الشبهات، نريد أن نبرئ الذمّة أمام الله سبحانه وتعالى بأننا سعينا من أجل ايقاف نزيف الدماء، التقليل من نزيف الدماء، التقليل من التغرير بأبنائنا وأعزائنا من السنة ومن الشيعة، من أهل العراق ومن غير أهل العراق، من المسلمين هنا أو من المسلمين هناك، لا فرق عندنا، نريد أن نرضي الله سبحانه وتعالى...)).
.
.
ضياء