من أين جاء التطرف والتشدد للإسلام ؟ سؤال قد يرد في أذهان العديد من الناس عموماً ومن المسلمين خصوصاً كونهم يعلمون جيداً قبل غيرهم من باقي الديانات الأخرى بأن دينهم – الإسلام – هودين رحمة ومودة ورأفة ولا إكراه فيه بعد أن يتبين الرشد من الغيّ بالطرح الموضوعي والنقاش العلمي الأخلاقي الشرعي البعيد عن سفك الدماء والقتل والتهجير والإرهاب, فلماذا ياترى أخذت بعض التيارات الإسلامية – ظاهراً – وبدعم من رجال دين وشيوخ ومرجعيات ومؤسسات تروج للفكر الجهادي القاتل السافك للدماء المعتدي على الأعراض والذي لم يسلم منه المسلمون أنفسهم قبل غيرهم ؟ هل هذا أصل من أصول الإسلام وجاء به نبي الإسلام محمد " صلى الله عليه وآله وسلم " ومن بعده الخلفاء وأئمة المذاهب الإسلامية ؟ أم هو فكر دخيل روج له بشكل متقن حتى بات ينظر له بأنه هو لب وأصل الإسلام ؟.
إستفهامات تدور في الأذهان ومن حق أي إنسان مسلم وغير مسلم أن يدور في باله هكذا أسئلة, وللإجابة على هذه الإستفهامات نطرح بعض الأمور التاريخية التي حصلت في زمن قادة الإسلام الأوائل وأولهم نبي الرحمة محمد " صلى الله عليه وآله وسلم " فعلى الرغم من شدة العداء الذي واجهه من مشركي قريش إلا إنه عفى وقال لهم " إذهبوا فأنتم الطلقاء" ولم يضع فيهم السيف تشفياً أو نقمة وعاش في دولته اليهودي والمسيحي وحتى المنافق والمعروف بنفاقه, أما في زمن الخلفاء الراشدين فكان مع وجود الخلاف العقائدي الفكري إلا إنهم لم يكفروا بعض ولم يضعوا السيف بينهم حكماً, بل كانوا سنداً وعوناً لبعضهم البعض, حتى قال عمر " رضي الله عنه " ( لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبا الحسن ), أما أئمة المذاهب الإسلامية فهذه كتبهم ومؤلفاتهم فلا يوجد فيها أي أصل للتكفير وهتك أعراض المسلمين قبل غيرهم فكل ما موجود فيها هو أمور عقائدية ومسائل خلافية فكرية لا أكثر.
إذن من أين جاء التكفير القاتل السافك للدماء للإسلام حتى صار أصلاً ثابتاً فيه ؟ الجواب نجده في ما قاله المرجع الديني العراقي السيد الصرخي الحسني في المحاضرة الخامسة عشرة من بحث ( وقفات مع التوحيد التيمي الجسمي الإسطوري ) حيث قال...
{{... إرجعوا إلى دولة الدواعش, كل القتل والإجرام الذي يفعل الآن, كل الفكر التقتيلي الآن, كل سفك الدماء الذي يحصل الآن, كلٌ منكم يجري استقراءاً ما هي الأفكار التي يحقن بها هذا المغرر به, هذا القاتل؟ هل أفكار الخليفة الأول أبي بكر " رضي الله عنه " أو عمر " رضي الله عنه " أو عثمان فضلاً عن آل البيت " سلام الله عليهم " ؟ لا يوجد, هل أفكار أبي حنيفة أو مالك أو الشافعي أو أحمد بن حنبل ؟ لا يوجد, هي أفكار أبن تيمية, نعم هذا هو الحاصل, هذا هو الواقع, فعندما نتعامل مع إبن تيمية وأفكار ابن تيمية لأنها هي الأفكار القاتلة, ليس منهج عمر ولا منهج أبي بكر ولا منهج عثمان ولا منهج أئمة المذاهب منهج التقتيل والتكفير, لا , هذا منهج التيمية ...}}.
وهذا هو الواقع الذي لا يمكن لأي عاقل أن ينكره, فهذه كتب وأدبيات إبن تيمية ممتلئة بالتكفير لكل الطوائف والملل والنحل الإسلامية وليس التكفير فقط بل التكفير وإستباحة الدماء والأموال والأعراض وإنتهاك المقدسات, حتى صار الأمر أصلاً عند أتباعه وهذا ما تجده واضحاً في كلامهم, فعندما تناقش أو تتحدث مع أحدهم عن سبب قيامه بهذه الجريمة أو تلك أو بهذا الفعل المشين الذي لا يمت للإسلام بصلة يقول لك ( قال شيخ الإسلام أبن تيمية كذا وكذا ) فيستدلون بفكر ورأي إبن تيمية ويأخذونه كفتوى شرعية لممارسة أفعالهم وجرائمهم ونادراً ما تجدهم يستدلون بحديث أو رواية عن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " أو عن الخلفاء والصحابة وحتى هذه الرواية التي يستدلون بها تجدها هي محط خلاف أو موضوعة ومن صححها ابن تيمية أما الروايات التي يصححها غير إبن تيمية فلا يأخذون بها فعندهم الإسلام محصور في إبن تيمية فقط وفقط وكأنه هو النبي وهو الخليفة وهو الصحابي ولا يمكن النقاش أو الإعتراض على قول من أقواله, فأصل الإسلام المتطرف هو الفكر التيمي التكفيري القاتل السافك للدماء.
بقلم :: احمد الملا