ينتقد الخط التيمي باقي الطوائف والفرق والمذاهب الإسلامية كونها تتناول العلوم الفلسفية والمنطقية ويقولون بكفر كل من يتحدث بها والسبب في ذلك كما يقول التيمية هو إنها علوم مستوردة من الفكر اليوناني !! على الرغم من أنها علوم لها مدخلية كبيرة في العلوم الإسلامية الفقهية وغير الفقهية وهم – أي التيمية – يستخدمونها من حيث يشعرون أو لا يشعرون وعلى سبيل المثال قضية الإستدلال والمغالطات العقلية وما إلى ذلك من أمور, فهي قضية منطقية وهم دائما يستخدمونها في كتبهم ومؤلفاتهم وآرائهم وفتواهم.
وبصرف النظر عن تلك الأمور التي ذكرناها نجد إن الخط التيمي قد تأثر تأثيراً كبيراً بفلسفة اليونان القديمة وباتوا من المروجين لها حتى كفروا كل من يخالف الرأي اليوناني, حيث إن التيمية وخطهم منذ بداياتهم وإلى هذا اليوم يقولون ويؤمنون ويعتقدون بأن ( الأرض ثابتة مسطحة والشمس هي من تدور حولها ) ومن يراجع كتب ومؤلفات وأدبيات الخط التيمي يجدها ممتلئة بهذا الإعتقاد وحتى وصل بهم تكفير كل من يخالف هذا الرأي ويقول بأن الشمس ثابتة والأرض تدور حولها, حيث يقول إبن باز في كتابه "الأدلة النقلية والحسية على إمكان الصعود إلى الكواكب وعلى جريان الشمس وسكون الأرض" في الصفحة 23 (( كل من قال هذا القول – أي أن الشمس ثابتة والأرض تدور – فقد قال كفراً وضلالاً لأنه تكذيب لله وتكذيب للقرآن وتكذيب للرسول .... وكل من كذب الله سبحانه أو كذب وكتابه الكريم أو كذب رسوله الأمين " صلى الله عليه وآله وسلم " فهو كافر ضال مضل يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافراً مرتداً ويكون ماله فيئاً لبيت مال المسلمين كما نص على مثل هذا أهل العلم والإيمان في باب حكم المرتد ))...
وكذلك نونية القحطاني الأندلسي – ألفها في القرن الثالث الهجري - التي يتغنى بها التيمية الدواعش وألفوا الكتب والمجلدات التي تمتدحها, وعلى رأس من أمتدح تلك النونية هو إبن القيم الجوزية أبرز تلامذة إبن تيمية, يقول القحطاني في نونيته :
كَذَبَ الْمُهَنْدِسُ وَالْمُنَجِّمُ مِثْلُهُ * فَهُمَا لِعِلْمِ اللهِ مُدَّعِيَانِ
الأَرْضُ عِنْدَ كِلَيْهِمَا كُرَوِيَّةٌ * وَهُمَا بِهَذَا الْقَوْلِ مُقْتَرِنَانِ
وَالأَرْضُ عِنْدَ أُولِي النُّهَى لَسَطِيحَةٌ * بِدَلِيلِ صِدْقٍ وَاضِحِ الْقُرْآنِ
وَاللهُ صَيَّرَهَا فِرَاشًا لِلْوَرَى * وَبَنَى السَّمَاءَ بِأَحْسَنِ الْبُنْيَانِ
وَاللهُ أَخْبَرَ أَنَّهَا مَسْطُوحَةٌ * وَأَبَانَ ذَلِكَ أَيَّمَا تِبْيَانِ
فالبيت الأول التكفير فيه واضح جداً, فعندهم كل من يقول بكروية الأرض فهو مدعٍ كذاب والمدعي والكذاب في فقههم يستحق القتل واستباحة ماله !! المهم في الأمر هو إن هذا الفكر لم يكن التيمية متفردين به بل هو فكر مستورد من الفكر والثقافة اليونانية, حيث إن أول من قال بأن الأرض ثابتة وهي مركز الكون هو اليوناني (كلاوديوس بطليموس) هو رياضي وجغرافي وعالم فلك يوناني من أهل القرن الثاني للميلاد, حيث يعتقد بأن الأرض تقع في مركز الكون وتدور الكواكب الخمس المعروفة في هذا الوقت ( عطارد الزهرة المريخ المشتري وزحل ) والشمس والقمر بالإضافة إلى القبة السماوية بما فيها من نجوم ثابتة حول الأرض وذكر ذلك في كتابه "حول دوران الأجرام السماوية" وقد إستمر هذا الإعتقاد من القرن الرابع قبل الميلاد حتى القرن الخامس عشر بعد الميلاد, حيث استمرت هذا الإعتقاد لمدة عشرين قرناً والتي دعمتها الكنيسة لمدة إثنا عشر قرناً وجعلت مجرد التشكيك في هذه النظرية كفراً!!...
وهنا نلاحظ إن الفكر التيمي قد اعتمد وإستند وأخذ فكره من الفكر اليوناني الذي سبقه بقرون كثيرة, وقد إنتهج المنهج ذاته في تكفير كل من يقول بخلاف ما يعتقدون به بخصوص ثبات الأرض ودوران الشمس, وهذا الأمر ليس هو الوحيد فحتى من ناحية التجسيم والتجسيد للذات الإلهية المقدسة فإنهم يقلدون اليونان في ذلك, فكما اليونانيون يعتقدون بوجود جسم وأجزاء وصور وأشكال الآلهة فالتيمية يعتقدون بذلك ويكفرون كل من يقول بخلافه.
ونحن هنا لا مشكلة لنا مع الفكر والعقيدة والإعتقاد عن إبن تيمية أو غيره حتى وإن كان فكر وعقيدة تلغي العقل والعلم والتطور العلمي إذا لم يكن إعتقاد و فكر تكفيري قاتل سافك للدماء, كما يقول المرجع الديني السيد الصرخي الحسني في المحاضرة السابعة عشرة من بحث ( وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الأسطوري ) في تعليق له على اعتقاد التيمية بثبوت الأرض ودوران الشمس حولها, حيث قال المرجع الصرخي ...
{{... المسألة خلافية قديمة لا إشكال من وجود مثل رأي القحطاني وباقي أئمة التجسيم التيمي بعدم كروية الأرض خاصة مع ملاحظة في رفض وتكفير التأويل والمئولة لكن العجب وكل العجب من أتباعهم في هذا الزمان عصر العلم والتكنولوجيا حيث يرفضون ويكفرون العلم وما جاء به فيصرون على رأي القحطاني ويرفضون الواقع العقلي والحسيّ لأنهم جمدوا وحجروا عقولهم فصاروا يرددون كالببغاوات ما قاله أئمتهم في سالف الزمان وهنا أيضاً نحترم إختيارهم وحتى إلغاؤهم لعقولهم تقديساً لأئمتهم فأننا نحترمهم عليه لأنه إختيارهم وبمحض إرادتهم, لكن ما لا يقبل أبداً أن يأتي مثل هؤلاء الجهال بعقول متحجرة فيكفرون الآخرين ويبيحون دماء كل من يخالفهم في سفاهاتهم وسفاسفهم.... }}.
مع ملاحظة أمر مهم وهو إن اليونان كانوا في زمن قديم لا توجد فيه وسائل وأدوات تقنية تصحح اعتقادهم ومع ذلك ومع مرور الزمن صححوا ذلك الإعتقاد وغيروا فكرهم وواكبوا التطور العلمي, لكن التيمية وخصوصاً المعاصرين جمدوا عقولهم على ذلك الأمر وبقوا متمسكين بما يقوله شيوخهم على الرغم من تطور العلوم والأدوات التي دحضت فكرهم والأكثر من ذلك إنهم يكفرون كل من يقول بخلاف ما يعتقدون به من اعتقاد خرافي معطل للعقل ومحجراً له.
بقلم :: احمد الملا