لكل علم عادة موضوع أساسي ترتكز جميع بحوثه عليه وتدور حوله وتستهدف الكشف عما يرتبط بذلك الموضوع من خصائص وحالات وقوانين, فالفيزياء مثلاً موضوعها الطبيعة وبحوث الفيزياء ترتبط كلها بالطبيعة وتحاول الكشف عن حالاتها وقوانينها العامة, وكذا الحال بالنسبة لأغلب العلوم...
أما " الدعشلوجيا " أو الدعشنة الفكرية فهي ليست كتلك العلوم التي تكشف عن حقيقة أمر معين وتبحث عن قوانينه وحالاته, بل هو من العلوم الجامدة التي تجمد العقل والفكر وتقوم على التغذية التلقينية دون تفكير, أي هي عبارة عن تلقين الأشخاص بمعلومات لا يحق لهم البحث عن صحتها أو التحقيق فيها بحيث يغذى فيها الإنسان بطريقة وكأنها " قرآن " غير قابل للنقاش, موضوع الدعشلوجيا هو الإيمان بالتوحيد الخرافي الأسطوري القائم على تجسم وتجسيد الذات الإلهية وجعل له صور وصفات وأشكال تشابه المخلوقات البشرية والحيوانية والجمادية والنباتية, أما بحوث الدعشلوجيا فهي تدور حول زراعة الفكر التكفيري الدموي القاتل, كيف تكفر البشر؟ كيف تكفر أهل الذمة؟ كيف تكفر المسلمين؟ ويتم من خلالها وضع نظريات وقوانين تجعل كل من لا يعتقد بصحتها فهو كافر مباح الدم والمال والعرض ولا يسلم من التكفير إلا من يؤمن ويعتقد بها...
ومن نظريتها؛ نظرية مسطحية الأرض وثباتها ودوران الشمس حولها, وكذلك نظرية إن الشرق هو الشمال وإن العراق هو نجد والعراق هو مصر, وكل من يقول خلاف ذلك القول فهو مبتدع ضال مُكذبِ لله ورسوله " صلى الله عليه وآله وسلم " ويكون مباح الدم والمال والعرض, حيث يؤكد " الألباني " وهو من أئمة وشيوخ التيمية ومن دعاة الوهابية الحديثة ومن المتأثرين جداً بإبن تيمية ومن الدعاة له, حيث يؤكد بأن العراق لم يكن موجوداً في عصر ما قبل الإسلام, وإن " نجد " التي في الحجاز هي العراق وإن مصر هي العراق وإن الشرق هو الشمال !! وأستدل بذلك الأمر على بعض روايات, ومن يريد أن يتأكد عليه أن يراجع كتاب ( السلسلة الصحيحة ) الجزء الخامس وبالتحديد من الصفحة 302 إلى الصفحة 306 – ولم نذكر الروايات تلافياً للإطالة – وسوف يلاحظ القارئ الكريم كيف إن التيمية الدواعش يروجون لإطروحات لا يقبل بها حتى العقل البهيمي, وكل من لا يعتقد بما يعتقد به الألباني فأنه يكون ( مبتدع محارب للسنة النبوية ومنحرف للتوحيد ) وهو بذلك الأمر يشابه إبن باز الذي يبيح دم كل من يقول بكروية الأرض وثباتها !!.
وهنا نلاحظ إن الدعشلوجيا التيمية وضعت قوانين التكفير وإباحة الدم لكل من يخالفها بالرأي والإعتقاد, وهنا نعرج قليلاً على تعليق للمرجع الديني السيد الصرخي الحسني في المحاضرة الثامنة عشرة من بحث ( وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الأسطوري ) والذي يدور حول إعتقادات التيمية بمسطحية الأرض وتغيير الجهات والمواقع, حيث قال ...
{{... الشرق الشمال ونَجْد العراق .. عند الوهابيّة الخوارج التيمية !!! هنا خطوات: خطوة1ـ لمّا تكون الأرض عندهم مسطَّحة وثابتة غير متحرِّكة، وأنّ الشمس تدور حول الأرض فيحصل الليل والنهار، وأنّ مَن يخالفُهم مُلحِدٌ منجمٌ ساحرٌ جهميٌّ مرتدٌ كافرٌ مهدورُ الدمِ يُقتَل ويُنتَهَك عِرضُه وتُسلَب أموالُه، فلا نستغربُ أبدًا أن يكونَ عندَهم المشرقُ هو الشِمالَ أو المغربَ، كما لا غرابة ولا مشكلة عندهم أبدًا في أن يكون اليمنُ هو الشامَ وأنّ مصرَ هي العراق!!!.
خطوة2- حديث يتمسَّك به بقوة أهل التكفير وعلى خلاف ادّعائهم في رفض التأويل، فإنّهم يؤوّلونه أتفَهَ تأويل وأخسّ تأويل وأجرم تأويل، مِن أجْلِ إرضاء نفوسهم السادِيَّة المتعطّشة لسفك الدماء وزهق الأرواح والتلذّذ بذلك، فيبتدعون أيَّ وسيلةٍ شيطانيّة ويكذِبونَ كلَّ أنواع الكَذِب والافتراء مِن أجْلِ أن يجعلوا الآخرين هدفًا لسيوفهم وسهامهم ورصاصهم ومفخَّخاتهم، فتُسفك الدماء، وتُزهَق الأرواح، وتُستباح الحرُمات، وكما مرّ علينا قولُهم وحكمُهم على مَن يخالفهم في مُسطَّحيّة الأرض وثبوتها ودورانِ الشمسِ حولَها، وهنا سنطّلع على جانب آخر مما اعتاد عليه أهلُ التكفيرِ والإرهاب مِن التدليس والكذب والافتراء إلى الحدّ الذي كشفوا فيه عن غبائهم وجهلهم الذي تيَقَّنَه كلُّ ذوي العقول والألباب، لقد أثبتوا وبكلّ جدارة أنّهم أصدق وأوضح وأجلى تطبيق للنبوءة النبويّة الشريفة (صلوات الله وسلامه على نبينا وأله الأطهار) في من يرى المعروفَ منكرًا والمنكرَ معروفًا، فيرَون الشرق غربًا أو شِمالًا ويرَون الشمال شرقًا أو جنوبًا استكبارًا وعنادًا وإثمًا وعدوانًا!!...}}.
فالدعشلوجيا التيمية وكما بينا هي عبارة عن نظريات أسطورية وضعت لها قوانين تكفيرية, فكل من ينتقد ولا يعتقد بهذه النظريات الخرافية يطبق عليه قانون التكفير, وتجعل كل من يدخل في جحورها الفكرية مغيباً عن الواقع ومصادراً للعقل في أبده البديهيات ويُحرم عليه النقاش في أي نظرية أسطورية خرافية ويكون ملزماً بالإيمان بتلك النظريات حتى وإن خالفت العقل والمنطق والشرع!!.
بقلم :: احمد الملا