قال تعالى { وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } الحجرات9 ...
في السنوات الأخيرة عندما وقع النزاع بين المسلمين – بعنوانهم العام – في العراق وسوريا واليمن وفي كل بلد مسلم فيه صراع داخلي وآلت فيه الأمور إلى أن يكون هناك طوفان من الدم كما في سوريا والعراق تحديدا فإن السبب الرئيس في ذلك هو غياب صوت الاعتدال والوسطية وتغييب هذا الصوت إن وجد هذا من جهة ومن جهة أخرى النفخ في نار الطائفية التي لم تخلف سوى رماد وأشلاء, حيث تجد منتحلي التسنن والمتظاهرين بالبكاء على السنة وأهل السنة جعلوا من معاناة أبناء السنة سلماً يعرجون فيه لمكاسب شخصية ضيقة والنتيجة التهجير والتشريد والقتل...
وكذا الحال عند منتحلي التشيع المتباكين على الشيعة جعلوا من أبناء مذهب التشيع حطباً لمشاريع توسعية تخدم مصالح نفعية ضيقة, والنتيجة المسلمين عموماً كثر وقع الأسلة بينهم وسالت دمائهم أنهاراً !! والسبب في ذلك هممن يدعون إنهم حماة الدين من السنة والشيعة ممن تقمص عنوان القيادة والمرجعية الدينية, وإبتعادهم عن الإصلاح الحقيقي وتمسكهم بطائفيتهم وتعصبهم الأعمى الذي أهلك الحرث والنسل وسعيهم خلف المناصب والمكاسب الشخصية الدنيوية الزائلة كالكلاب اللاهثة لتركوا خلفهم معانات أبناء جلدتهم ولم يلتفتوا لها لها لأن أعينهم شاخصة على هذا المنصب وتلك المكانة !!...
فتركوا الإعتدال والوسطية وركنوا قول الله تعالى في الإصلاح بين المسلمين بل عملوا بخلافه فلم يصلحوا بين المتخاصمين بل إنهم زادوا في طين الخصام بله وصبوا على ناره الزيت, وعمل كلا الفرقين من منتحلي التسنن ومنتحلي التشيع على إخماد أي صوت معتدل وسطي والتشويش عليه لأنه يهدد مصالحهم ويقض مضاجعهم في قصورهم العاجية ويهز عروشهم المبنية بجماجم وأجساد أبناء جلدتهم ...
لذلك تجد من يقول الحق ويتلكم الصدق ويحكي بالوسطية والاعتدال قد تمت محاربته من منتحلي التسنن ومنتحلي التشيع كما حصل ويحصل مع المرجع الديني السيد الصرخي الحسني, فبعدما قام المرجع الصرخي بمناقشة الموروث الشيعي ( محاضرات التحليل الموضوعي في العقائد و التاريخ الإسلامي ) ودفع كل ما فيه من موضوعات ومدسوسات وكشف الأباطيل وبكل وسطية وإعتدال وتحليل دقيق ومعمق ناقش وبنفس الآلية والموضوعية الموروث السني من خلال ( وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الأسطوري ) و ( الدولة المارقة في عصر الظهور منذ عهد الرسول " صلى الله عليه وآله وسلم" ) ....
فكانت النتيجة إن الطرفين – منتحلي التسنن والتشيع – اتهموه بالعمالة وأخذ أحدهما يرميه على الآخر!! ولم يسمعوا صوته الإسلامي الإصلاحي وشوشوا عليه حتى يتسنى لهم العمل بما تشتهي أنفسهم الأمارة بالسوء والعاملة له والقائمة به ويستمر الإسلام يعاني والأمة تحترق بنارهم الموقدة التي سوف تحرقهم بمشيئة الله تعالى إن لم يكن في دار الدنيا ففي دار الآخرة وستكون لهم نعم المهاد, معولين على النهج التيمي الداعشي التكفيري, فمنتحلي التسنن اعتمدوا على فكر إبن تيمية في الترويج لجرائمهم وجعلوا منه ذريعة لشرعنة كل ما يقومون به من جرائم بحق الإنسانية عموماً ولم يسلم منها حتى أبناء مذهبهم, ومنتحلي التشيع جعلوا من فكر ومنهج إبن تيمية أيضاً ذريعة لهم لممارسة القتل والجريمة بحق أهل السنة وتحت عنوان لكل فعل ردة فعل, فراح أهل السنة يُقتلون بتهمة إنهم من أتباع إبن تيمية.
فكان الفكر التيمي التكفيري الدموي هو نقطة اللقاء بين الطرفين ومنه استندوا لتمرير مشاريع الدول والأجندات التي ارتبطوا بها هذا من جهة ومن جهة أخرى يروون عطشهم لسفك الدماء ولهذا السبب وكما يقول المرجع الديني السيد الصرخي الحسني في المحاضرة الثامنة عشرة من بحث " وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الأسطوري" ((ومِن هنا جاء ويجيء ويتأكّد كلامُنا ونقاشاتُنا مع الشيخ ابن تيمية وما ترتّب على كلامه ومنهجه مِن فتن ومضلاتها التي مزّقَت المسلمين وبلدانهم وَزُهِقَت مئاتُ آلاف الأرواح المسلمة بسببها على طول الزمان ))...
فكان الفكر التيمي التكفيري الداعشي هو من أضر بالعراق وسوريا وهو من أحرق هذين البلدين بل هو من وأد ما يسمى بالمعارضة الوطنية المعتدلة وميّع مطالبها وضرب مشروعها في العراق وسوريا, فكان هذا الفكر هو الوسيلة التي استخدمها أعداء الوسطية والإعتدال من منحتلي التسنن والتشيع.
بقلم :: احمد الملا