الذي يطلع على كتب وأدبيات ابن تيمية خصوصا وأتباع هذا الفكر والمنهج عموما من السابقين وحتى اللاحقين والمعاصرين يجد وبكل وضوح إنهم دعاة للرجعية والتخلف وعدم التطور الفكري وعلى كافة المستويات الدينية والعقائدية والعلوم الحديثة, فالاجترار الفكري عندهم هو الثابت, أي إنهم كلما تقدم بهم الزمن فأنهم لا يتطورون فكريا بل يرجعون إلى فكر ومنهج ابن تيمية ويضعونه في المقدمة حتى وإن كان مخالفا للعقل والمنطق والتطور العلمي ومن ابرز الأمثلة على ذلك هو تمسكهم بمعتقد مسطحية الأرض وثباتها ودوران الشمس حولها وليت الأمر يقف عند هذا الحد بل تعداه إلى التكفير القاتل السافك للدماء المنتهك للحرمات والأعراض لكل من يقول بخلاف هذا المعتقد, وهم لا يعترفون بالعلوم الحديثة والتكنولوجيا الحديثة التي أثبتت وبشكل واضح بطلان عقيدتهم.
فما دام العلوم الحديثة تبطل معتقدهم فإنهم يحرمونها ويتهمون من يتكلم بها بالكفر والزندقة, حتى إنهم يبطلون التفكير والاستدلال العقلي المنطقي لأنه يبطل مغالطاتهم, وأي شيء يثبت بطلان منهجهم وفكرهم فأنه يكون محرم عندهم وكافر كل من يقول به, فكل شي باطل ومحرم إلا ما يصدر عنهم وما يقولون به, وكأنهم أنبياء ورسل وفكرهم قد نزل به الوحي وخلافه باطل, فجعلوا المسلمين مقيدين بهذا الأمر وكأن عليهم حجر على التفكير واستخدام العقل, وأما شيوخ وأئمة التيمية فلهم كل شيء مباح كما يقول المرجع الديني السيد الصرخي الحسني في المحاضرة الثامنة عشرة من بحث (وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الأسطوري), حيث قال في تعليق له على الرواية التي يذكرها الألباني في " السلسلة الصحيحة " في الصفحة 302 إلى 306 والتي يستدل بها الألباني على أن الشرق شمال وأن العراق لم يكن له وجود وأن نجد هي العراق, ...
{{... على المسلمين حَجْرٌ فكريٌ عقليٌ شامل تام، فكل شيء حرام إلا ما يَسمَحُ به المارقة، أما للتكفيريين المارقة فكل شيء مباح حتى زهْقِ الأرواح وانتهاك الأعراض وسلب الأموال، وهنا نرى الشيخ الألباني:
أـ تَرَكَ مسلما والبخاري فذهب إلى غيرِهما، وزَعم انه صحيح على شرط الشيخين!!! بالرغم من إنهما لم يذكرا الرواية ولا يوجد أي مقتضي لعدم ذكرها إضافة إلى إنهما ذكرا العديد من الروايات التي تخالفها وتعارضها، ومنها التي بنفس المعنى وفيها عنوان نجد وعنوان المشرق، والتي بمعان اُخَر كالتي تتضمن مواقيت الإحرام، وغيرها.
ب ـ لم يكتفِ بذلك بل أتى بخَطوة(خُطوة) بل خَطَوات(خُطُوات) إضافية في التدليس، فأتى مثلا بعناوين {تابَعَهُ} موحِيا للمتلقّي تأكيدَ صحّة الرواية وتقويةً لها،
جـ ـ خطوة تدليسية احترافية رجَعَ إلى البخاري ومسلم فقال ذَكَراه أيضا!! وهما لم يذكراه ولم يذكرا ما في معناه بل ذكرا ما يخالفه ويعارضه.
دـ تحريف إبداعي آخر، ففي سياق الكلام وكأن القضية مسلّمة ولا خلاف فيها، ذَكَرَ {نجدنا بدل عراقنا وهو نفس المعنى}، سبحان الله تدليس وكذب وجهل فوق التصور!!! وسيأتي تفصيل أكثر عن المسألة، واستبق البحث هنا بذكر شاهدين يدحض كل مدّعياته:
(1)البخاري: الاستسقاء: [..عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: قَالَ(صلى الله عليه وآله وسلّم): اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِى شَامِنَا وَفِى يَمَنِنَا . قَالَ قَالُوا : وَفِى نَجْدِنَا ؟ قَالَ قَالَ(صلى الله عليه وآله وسلّم): {اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِى شَامِنَا وَفِى يَمَنِنَا} . قَالَ قَالُوا : وَفِى نَجْدِنَا ؟ قَالَ قَالَ(صلى الله عليه وآله وسلّم): {هُنَاكَ الزَّلاَزِلُ وَالْفِتَنُ ، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ}]
(2)الهيثمي: المقصد العلي في زوائد مسند أبي يعلى الموصلي: باب في المواقيت: ..عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله وسلم) لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ وَأَهْلِ تِهَامَةَ يَلَمْلَمَ، وَلأَهْلِ الطَّائِفِ وَهِي نَجْدٌ قَرْنًا، وَلأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ.}}المقصد العلي: الهيثمي//مسند أحمد بن حنبل...}}.
فهذا هو الفكر التيمي التكفيري الداعشي كل شيء محرم على غيرهم ومباح لهم, حتى حجموا العقول وجمدوها وهذا من أجل التغرير بالناس وخداعهم حتى لا تكشف للعوام حقيقة هذا الفكر ومستوى الضحالة التي هو فيها, فجعل التيمية المسلمين بصورة عامة في حجر فكري شامل وعام وتام ليكونوا هم المتحكمون بمقدرات وعقول المسلمين.
بقلم نوار الربيعي