الصرخي يحطم أساطير التاريخ المزيف
بقلم : ضياء الحداد
التاريخ المزيف عبارة عن مجموعة أكاذيب صاغها مؤرخ مال لسطان عصره من أجل حفنة دنانير ، وللوهلة الأولى ترى تلك الأساطير متراصة ومتوارثة ويصدقها الناس،لأنهم وجدوا أباءهم لها عاكفين ، لكن ثورة الفكر التي يقودها المحقق الكبير السيد الصرخي الحسني بدأت بتحطيم الأسطورة تلو الأخرى لأستكمال طريق النهوض بهذه الأمة النائمة ، وما بين أسطورة تاريخية أو أسطورة دينية، صنعها صانع لغرض ما، جاءت الفرصة في ظل هذا الحراك، لإعادة كتابة التاريخ وإعادة توصيفه للحوادث،
ومن تلك الأساطير التاريخية التي حطمها سماحة السيد الحسني أسطورة الفاتح العظيم صلاح الدين الايوبي ...الذي حوّله التاريخ إلى أسطورة، محرر القدس، الزعيم الملهم الذي وهب حياته لهذا الهدف، ثم جاء فيلم الناصر صلاح الدين ليزيد هذه الأسطورة سحراً وبريقاً، إلا أن الحقيقة التي كشفها السيد الصرخي في بحث (وَقَفات مع.... تَوْحيد التَيْمِيّة الجِسْمي الأسطوري) إنه مارس حكماً قمعيا فكريا تقليديا، تقريبا ضد من كان يشكل، أو يحتمل أن يشكل خطرا على حكمه. ليس فقط ضد المتشيعين في مصر بل أصدر مثلا منشورا يحرم فيه الجدل حول خلق القرآن و كلام الله أي موجها ضد المعتزلة أو بقايا الفكر المعتزلي الذي كان قد استؤصل بنجاح منذ وقت طويل.
و رغم أنه عمل على تشجيع الصوفية وكان أول من أنشأ خانقاه للمتصوفة في مصر مثلا، فإنه هو الذي أصدر في وقت لاحق الأمر بإعدام شهاب الدين السهروردي المتصوف المعروف بسبب تأثيره الكبير على ابنه الذي كان نائبه على حلب، وقتله بالموت جوعاً داخل قلعة في سوريا.
بل أن تحرير القدس (الذي تعتبره الأسطورة أعظم انجازاته) لم يكن ضمن خطط هذا الزعيم الأسطوري الذي يقول عنه ابن الأثير إنه استخدم الصليبيين في فلسطين في فترة ما كحاجز بينه وبين نور الدين في الشام، قائده الذي خانه أكثر من مرة، وتكاسل عن نصرته في فتح القدس ذاتها أكثر من مرة. وقد تكرر نفس المشهد عند الكرك عام 1173 م عندما بدأ صلاح الدين حصار الكرك و سرعان ما انسحب عندما علم أن نور الدين قادم تجاهه . هذه المرة فاض الكيل بالسلطان نور الدين وأصر على مهاجمة مصر،لكنه مات فجأة في 1174 و هو يستعد للحرب .
وهكذا استتب الأمر للزعيم الأسطوري الذي حكم المصريين بالحديد والنار من أجل توطيد سلطانه في مصر، وغالباً لم يحرر القدس إلا بعد أن صارت غصة حلق في مملكته التي شملت مصر وسوريا وكان لابد من تحريرها ليتصل شمال المملكة جغرافياً.
وللحقيقة فان الأزهر الشريف قد وقف موقفا واضحا ورافضا لسياسة وتحركات صلاح الدين الايوبي خصوصا بعد المجازر التي ارتكبها بحق السودانيين أولا ثم المصريين وأهالي بلاد الشام .
وقد نقل سماحة السيد الصرخي في المحاضرة (21) من بحث (وقفات مع.... توحيد التيمية الجسمي الأسطوري) ، عن كتاب (الكامل في التأريخ) لابن الأثير مع التعليق على الفقرات
ثم قال(ابن الأثير): {{وَلَمَّا تُوُفِّيَ (أي الخليفة الفاطمي) جَلَسَ صَلَاحُ الدِّينِ لِلْعَزَاءِ، وَاسْتَوْلَى عَلَى قَصْرِ الْخِلَافَةِ، وَعَلَى جَمِيعِ مَا فِيهِ، فَحَفِظَهُ بَهَاءُ الدِّينِ قَرَاقُوشُ الَّذِي كَانَ قَدْ رَتَّبَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْعَاضِدِ، فَحُمِلَ الْجَمِيعُ إِلَى صَلَاحِ الدِّينِ، وَكَانَ مِنْ كَثْرَتِهِ يَخْرُجُ عَنِ الْإِحْصَاءِ.....
وَكَانَ فِيهِ مِنَ الْكُتُبِ النَّفِيسَةِ الْمَعْدُومَةِ الْمِثْلِ مَا لَا يُعَدُّ، (( قلت لكم سابقًا بأنّ الحكم الفاطمي تميّز بالعلم والعلماء واستقدام وإغراء العلماء للمجيء ومن كلّ المذاهب والطوائف من فلاسفة وأطباء وحكماء وأهل فلك وغيرهم. والذي حصل كان جلد الكتاب يُخلع وتُصنع منه النعل أو تغطّى به!!! وتُرمى تلك الكتب النفسية أو تُباع بالأسواق دون أن يعلم المشتري ما قيمة هذه الكتب ونفاستها، وكان في مكتبة الجامعة الأزهرية أكثر من مليون ونصف مليون كتاب فكلّ هذا انتهى واُعدم وقُضي عليه!!! عِلمٌ قد سٌحق، فما أُتلف مِن كتب مِن المكتبة الفاطميّة المصرية الأزهرية أكثر ممّا حُرق وأُتلف من كتب على يد هولاكو في بغداد، أو يوازيه على أقلّ تقدير!!! فقد سُحق العلم سحقا، وهذه الكتب النفيسة التي أتلفها صلاح الدين ليس الشيعة ولست أنا من يقول بل ابن الأثير الزنكي الشافعي الذي عاش الأحداث هو من يقول)) فَبَاعَ جَمِيعَ مَا فِيهِ، وَنُقِلَ أَهْلُ الْعَاضِدِ إِلَى مَوْضِعٍ مِنَ الْقَصْرِ، وَوَكَّلَ بِهِمْ مَنْ يَحْفَظُهُمْ، وَأَخْرَجَ جَمِيعَ مَنْ فِيهِ مِنْ أَمَةٍ وَعَبْدٍ، فَبَاعَ الْبَعْضَ، وَأَعْتَقَ الْبَعْضَ، وَوَهَبَ الْبَعْضَ، وَخَلَى الْقَصْرُ مِنْ سُكَّانِهِ كَأَنْ لَمْ يَغْنَ بِالْأَمْسِ،.
لمتابعة مزيد من التفاصيل متابعة محاضرات السيد الحسني الصرخي
http://cutt.us/gKgZu المحاضرة الحادية والعشرون "وَقَفات مع.... تَوْحيد التَيْمِيّة الجِسْمي الأسطوري"