بقلم أحمد السيد
الأخلاق هي الطّبع والسجيّة التي تصدر من باطن الإنسان على هيئة سلوك أمام النّاس بتلقائيّة ودون تفكير، فتعكس نفسه وصفاتها وحالها، فإذا كانت الأفعال حسنة سُمّي صاحبها ذا خُلقٍ حسن، وإن كانت قبيحة سُميّ صاحبها ذا خلقٍ سيء. وقد عرّف الإسلام الأخلاق بأنّها مجموعة مبادئ وقواعد أقرّها الوحي من خلال القرآن الكريم والسُنّة الشريفة، تهدف إلى ضبط وتنظيم سلوك الأفراد مع باقي أفراد المُجتمع بمختلف الظّروف والأماكن، حتى تُحقّق الهدف الذي خُلق من أجله الفرد بدون عراقيل، وقد حثّت جميع الأديان على حُسن الأخلاق واعتبرتها مِعياراً لتقدّم الشّعوب وحضاراتها، قال الرّسول عليه السّلام في فضل الأخلاق: (إنَّ مِنْ أحَبِّكُمْ إليَّ، وَأقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِساً يَوْمَ القِيَامَةِ، أحَاسِنَكُم أخْلاَقاً، وَإنَّ أبْغَضَكُمْ إلَيَّ وَأبْعَدَكُمْ مِنِّي يَوْمَ القِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيْهقُونَ). وقد حثّنا الرّسول عليه السّلام بالتحلّي بالأخلاق الحميدة والعظيمة التي كان هو خير قدوةٍ فيها، والتي جاء بها إلينا ليُبلّغنا إيّاها، ويحثّنا عليها كما قال بالحديث الشّريف: (إنّما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وأيضاً وصف القرآن الكريم خُلْق الرّسول عليه السلام بالعظيم، كما ورد بالآية الكريمة: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، وبيّن لنا الإسلام أنّ ثواب وجزاء من يتحلى بالأخلاق الحميدة المختلفة هو الفردوس الأعلى من الجنّة، كما ورد في الآية الكريمة: (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ*الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) فالأخلاق هي أساس الإنسانية , ولهذا أكد النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) على الأخلاق حتى قال ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ومن هذا المنطلق وفي ظل الانحدار الأخلاقي الذي أصاب فئات من المجتمع المسلم ومن باب الإيمان والامتثال لأوامر النبي وآله حباً وطاعة وكرامة لابد لنا من أن نعكس الصورة الحقيقية الناصعة لمذهب أهل البيت (عليهم السلام ) من خلال تعاملنا وتصرفاتنا ونقاشاتنا العلمية مع الآخرين بصورة لائقة يفتخر بها أئمتنا وقادتنا عندها نكون زيناً لأئمتنا لا شيناً عليهم , لنكن دعاة ومطبقين حقيقيين لسلوكهم الأخلاقي الرفيع لنوضح لإخواننا في الدين من أتباع الصحابة ( رضي الله عنهم ) ونظرائنا في الخلق بني الإنسان عامة في جميع أنحاء العالم أن هذا الخط الشريف هو أساس ومنبع الأخلاق من خلال تعاملنا مع الناس ونتخلق بأخلاق أئمتنا سلام الله عليهم , ونعطي صورة وضاءة عنهم , ولننتصر لأئمتنا الأطهار ولنوضح للآخرين أنهم أساس الأخلاق وبهذا أدخلنا السرور على النبي وآل بيته الأطهار وقصمنا ظهر إبليس اللعين رب التيمية الدواعش الذين انتهكوا كل الأعراف والتقاليد الإسلامية والأخلاق الحميدة وعكسوا صورة غير لائقة عن الإسلام بسبب مايملكوه من إعلام ومؤسسات داعمة أوصلت أفكارهم المريضة وتكفيرهم وإرهابهم إلى الجميع وهذا كله مدروس وخطط له من أجل القضاء على الإسلام وتشويه الصورة الأخلاقية الناصعة فلا يستفزونا بسوء أخلاقهم فنحن أصحاب دليل وأخلاق نرد على سيء الخلق وفق ماوجه به أئمتنا ولنستلهم من مواقفهم تجاه الخوارج وكيف تعاملوا معهم فهؤلاء الخوارج قد غرروا بالشباب وزرعوا بذرات الشقاق بيننا وبين إخواننا من أتباع الصحابة (رض) من خلال تلفيق الأقاويل وتزييف الحقائق , فهؤلاء الدواعش يريدون أن نسقط بأخلاقنا القويمة ونكون مشروعاً وأداة لمخططاتهم المريضة ليجعلوا منا أعداءً لأتباع الصحابة , ولكن هيهات ماهذه أخلاقنا ولا هذه أفعال أئمتنا نحن ننظر إلى إخواننا من المذاهب الأخرى على أنهم أنفسنا وأجسادنا وأرواحنا فجميعنا ننطق بالشهادتين وتجمعنا محبة آل بيت الرسول صلوات الله وسلامه عليهم فبتكاتفنا واخوتنا ومحبتنا نبني وطننا ومجتمعنا ونرتقي بالإسلام الحنيف ولنستلهم ونتعلم من العبر ومواقف المرجع الصرخي الذي كان ولازال داعياً معتدلاً ممتثلاً لأخلاق آل البيت من خلال نقاشاته العلمية ومحاوراته حتى مع أعداء الإسلام كان يحاورهم دوماً بالدليل والأخلاق ولا ينزل إلى مستواهم أبدا حتى كتبه الفقهية كانت تحتوي على مقدمات أخلاقية إيمانه منه بأن لا قبول لا عمل إلا بالتحلي بالأخلاق والتكامل والرقي فذكر في مقدمة رسالته العملية المنهاج الواضح في ( كتاب الصلاة القسم الأول ) حول تطبيق أمر الولاية والامتثال قال: (( لا يخفى أن الشارع المقدس قد فرض علينا ولاية أهل البيت عليهم السلام ومحبتهم وقد أعطى المعصومين المعنى الحقيقي الشرعي للولاية والذي فيه تخلي الموالي عن رذائل الأخلاق وقذارات المعاصي والتحلي بالخلق الكريم وبالتقوى وامتثال الأوامر والارشادات بما يؤدي إلى تكامل الفرد وجعله عنصراً فعالاً في المجتمع ومحباً لأخيه الإنسان فيسود الأمان والسعادة في الدارين )) هكذا هم أئمتنا وقادتنا فلنتعلم منهم .
up.1sw1r.com/upfiles2/1il64234.png