برر التيمية واتباعهم تصرف صلاح الدين مع أخوه الملقب بـ الملك العادل وأبعاده عن الشام ومصر وأعطاه اقطاعات محدده خارج مركز الخلافة لتفرغ الساحة ويضمن عدم قدرة اخوه من المنع والوقوف بوجهه .. ليوزع صلاح الدين الولايات على أولاده كما اشار اليه صاحبه سليمان وقد أيد التيمية واتباعهم تصرف صلاح الدين واعتبروه تصرفا صحيحا وصائبا وحق من حقوق صلاح الدين لابعاد كل من يزاحمه على السلطة وخصوصا اخوه الملقب بالملك العادل حتى يتسنى له توزيع المملكة واراضيها بين ابنائه , ولكن التيمية رفضوا ولم يعترفوا وشككوا بما قام به النبي الاكرم صلى الله عليه واله قبيل وفاته واثناء مرضه الذي توفي به من تجهيز سرية اسامة وأمر جميع الصحابة وكبار المسلمين وحتى المنافقين بالالتحاق بهذه السرية والسبب واضح جدا هو لتهيئة الاجواء لتسمية الخليفة له بعد وفاته وبغض النظر عن اسم الخليفة كقضية طبيعية مع ملاحظة أختلاف الهدف الاسمى في سلوك وحكمة النبي (صلوات الله عليه واله وسلم ) فيكون الأولى بقبوله ؟! .ولكن التيمية قد فاتهم وبسبب غبائهم تلك الحركة التي قام بها النبي الاكرم صلى الله عليه واله لتخلية الساحة لخليفته وكان اختبارا عظيما للامة ولكن الامة قد فشلت بهذا الاختبار وهي تعاني منذ فشلها ذلك ولغاية الان التفكك والتيه والانحطاط ..
وهذا ما اشار اليه وذكره سماحة المرجع الصرخي الحسني في المحاضرة الـ 26 من بحث ( وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الأسطوري ) - مساء يوم الجمعة 18 جمادى الاخرة 1438 هــ 17-3- 2017 م – بقوله نقلا عن تاريخ الكامل لابن اثير ..( فَلَمَّا مَرِضَ صَلَاحُ الدِّينِ، وَعُوفِيَ، سَارَ إِلَى الشَّامِ، فَسَايَرَهُ يَوْمًا سُلَيْمَانُ بْنُ جَنْدَرٍ، فَجَرَى حَدِيثُ مَرَضِهِ، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: بِأَيِّ رَأْيٍ كُنْتَ تَظُنُّ أَنَّكَ تَمْضِي إِلَى الصَّيْدِ فَلَا يُخَالِفُونَكَ؟ بِاللَّهِ مَا تَسْتَحِي يَكُونُ الطَّائِرُ أَهْدَى مِنْكَ إِلَى الْمَصْلَحَةِ؟ ! قَالَ(صلاح الدين): وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ وَهُوَ يَضْحَكُ.
قَالَ(سليمان): إِذَا أَرَادَ الطَّائِرُ أَنْ يَعْمَلَ عُشًّا لِفِرَاخِهِ قَصَدَ أَعَالِيَ الشَّجَرِ لِيَحْمِيَ فِرَاخَهُ، وَأَنْتَ سَلَّمْتَ الْحُصُونَ إِلَى أَهْلِكَ، وَجَعَلْتَ أَوْلَادَكَ عَلَى الْأَرْضِ. هَذِهِ حَلَبُ بِيَدِ أَخِيكَ وَحَمَاةُ بِيَدِ تَقِيِّ الدِّينِ، وَحِمْصُ بِيَدِ ابْنِ شِيرِكُوهُ، وَابْنُكَ الْعَزِيزُ مَعَ تَقِيِّ الدِّينِ بِمِصْرَ يُخْرِجُهُ أَيَّ وَقْتٍ أَرَادَ، وَهَذَا ابْنُكَ الْآخَرُ مَعَ أَخِيكَ فِي خَيْمَةٍ يَفْعَلُ بِهِ مَا أَرَادَ.
فَقَالَ(صلاح الدين) لَهُ صَدَقْتَ، وَاكْتُمْ هَذَا الْأَمْرَ، ثُمَّ أَخَذَ حَلَبَ مِنْ أَخِيهِ، وَأَخْرَجَ تَقِيَّ الدِّينِ مِنْ مِصْرَ، ثُمَّ أَعْطَى أَخَاهُ الْعَادِلَ حَرَّانَ وَالرُّهَا وَمَيَّافَارِقِينَ لِيُخْرِجَهُ مِنَ الشَّامِ وَمِصْرَ، لِتَبْقَى لِأَوْلَادِهِ .. وقال المرجع الصرخي لافتاً: فقط إشارة: لا ابن الأثير ولا غيره من الكتّاب والمؤرخين سواء في قضية صلاح الدين أو في غيره التفتوا إلى هذا الأمر، وهذه قضيّة يلتفت إليها حتّى من قبل أغبى الأغبياء؛إذا كان عندك قضيّة معينة أو شخص معيّن وتريد أن تعطي لهذا الشخص خصوصيّة أو منصبًا أو سلطةً ويوجد المنافس،فإذا كان الإعطاء قبل أن ترحل وليس لك سلطة عليهم طبعًا سيكون المنافس له دور كبير في منع حصول من تريد أن تعطيه شيئًا وهذا ما فعله صلاح الدين؛ أبعد الملك العادل وأعطاه إقطاعات خارج مصر والشام حتّى يخلو مركز الخلافة لأولاده ..
وواصل السيد الصرخي متسائلا وموضحاً : إذن ما هو الفرق بين هذا وبين ما فعله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في سرية أسامة، عندما جهّز السرية وهو في حال المرض وأصرّ على تحرّك سرية أسامة إلى الهدف المقصود وقد وضع فيها من الرجال والصحابة الأقوياء والأشداء ومن الرموز ومن مختلف الأفكار والتوجهات والمستويات الإيمانية فيهم من المؤمنين الصادقين وفيهم من المنافقين، وألزم بالتجهيز والتحرّك وعدم التخلّف عن السرية وهو في تلك الحالة المرضيّة الشديدة وأضاف : إذن أليس في هذا إشارة، احتمال، ترجيح، ظنّ، يقين، علم، بأنّه أراد أن يفرغ الكلام والساحة لمن يكون بعده لقيادة الأمة وإمامتها، بغض النظر عن الاسم من يكون فنحن نتحدّث مع قضية طبيعية يقوم بها أيّإنسان فكيف إذا كان هذا الإنسان هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والذي لا ينطق إلّا عن وحي وعلم ويقين ولوح محفوظ، بعد هذا نأتي ونقول: هل كل من ألزمه بالذهاب هو أراد ابعاده؟ طبعًا هذا ليس بمعقول، والحدث يحتاج إلى مقاتلين وإلى عدد لتحقيق النصر،ولكن يبقى ولو على نحو الاحتمال في أنّ من جعله النبي في سرية إسامة يكون غير مشمول بالخلافة والإمامة .
بقلم \ اسعد مطر