تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا
بقلم احمد السيد
يحكى أن رجلاً حكيم شجاع مرض مرضاً شديداً انتهى به إلى الموت لديه عشرة من الأبناء الأشداء الشجعان دعاهم في آخر أيامه ليملي عليهم وصاياه ويثني عليهم ويشد على أزرهم وصار يلقي عليهم المواعظ والارشادات والدروس التي تعلمها خلال حياته واحب أن يكملوا مسيرته من بعده فاستحسن أن يزرع دروسه ويجعلها مؤثرة في نفوسهم فعمد إلى الطريق العملي وأهم دروسه عندما أمرهم بأن يجلب كل فرد رمحاً , فعل الأبناء ماأمرهم به الأب المحتضر وجاؤا بالرماح وجمعها فصارت حزمة فأمر أبنه الأكبر بأن يكسر تلك الرماح مجتمعة فحاول جاهداً ولم يستطع فأعطاها لأقواهم وأشجعهم فلم يستطع هو الآخر كسر تلك الحزمة ومازل يمرر تلك الحزمة على أبنائه واحداً تلو الآخر لكن من دون جدوى وصمدت الحزمة أمام القوى الهائلة المنفردة ثم أمرهم بأن يأخذ كل واحد منهم رمحه فيكسره فسهل الأمر على الأبناء وأخذوا رماحهم وكسروها فرداً فرداً عندها ارتجز الأب وانشد بيتاً شعرياً قال فيه :
تــأبى الرمـــاح إذا أجتمعن تكســرا ..... وإذا أفترقــن تكســرت آحـــاد
عندها أدرك الأبناء الغاية من جلب الرماح فأوصاهم بعدم التخلي عن بعضهم البعض فيما بينهم كي لا يكونوا عرضة للأعداء هكذا كان يفكر الرجال الشجعان وعندما جاء القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وآله وسلم تجلت وتأكدت أهمية الوحدة والاعتصام بالله تعالى وذكر ذلك في قوله جل وعلا (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) هذه النعمة التي أنعمها الله على عباده بعد أن ألف بين قلوبهم فأصبحوا كالأخوة والجسد الواحد كما أن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله قال (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد إذا اشتكى منه شيء تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) هكذا يجب أن يكون المؤمنين أبناء الإسلام من هم تربوا ونهلوا من منابع الفكر الحقيقي وهذا ماأكد عليه المرجع الصرخي مراراً وتكراراً من خلال محاضراته العقائدية والأخلاقية ومن خلال مؤلفاته وبحوثه فكانت الوحدة والاخوة لها مقعداً خاصاً في كل بحث وكل كتاب ومؤلف للمرجع الصرخي الذي أثبت للعالم اعتداله وسلميته ودعوته لعراق واحد خال من التفرقة والطائفية والتطرف فكان دائماً وخصوصاً في المناسبات الوطنية و الدينية يجعل منها منطلقاً للنداء بالوحدة فقال في أحد المناسبات ( لنتوحد تحت راية الإسلام لنتوحد تحت راية العراق ,أرض الأنبياء وشعب الأوصياء , لنتوحد بالتحلي بالأخلاق الفاضلة النبوية الرسالية لنصدق ونصَدق بالقول والفعل لبيك يارسول الله ... لبيك ياحبيب الله ... لبيك يارحمة الله ) هكذا كان وإلى الآن صوتاً يصدح بالوحدة وهاهم أنصاره ومحبيه يوجهون نداءاتهم ودعواتهم إلى اخوانهم من كافة الملل والمذاهب ويدعونهم إلى نبذ الفرقة والتحلي بأخلاق الرسول وآله عليهم السلام وصحبه المنتجبين الكرام رضي الله عنهم ومن تلك الرسائل التي وجهها أنصاره إلى اخوانهم تحتوي على كلام راقي ينبع من روح المحبة والوئام فقالوا (( لاشك أن المثل العليا هي في الإسلام والإسلام يدعو إلى الوحدة بين كافة الطوائف على أساس الإنسانية والتقارب الاخوي بين الأديان السماوية مبني على وحدة القضية المجتمعية العابرة للمساحات المناطقية الضيقة ,فالمسلم في سريرته مسالم متآخي متماهل متسامح في تعامله الوجداني مع أقرانه من عامة الناس فلا اساءة ولا تهميش ولا تعد على ذات الإنسان المكرمة عند الله تعالى وأنبياءه ورسله كافة وعند آل بيت النبي الأطهار وصحبه الميامين )) لنسمع ولنتحاور ونكون زيناً لنبينا وآله وصحبه لاشيناً عليهم من خلال تطبيقنا تعاليم الإسلام بتوحيد الصفوف وشحذ الهمم ولتكن أعمالنا مصداقاً حقيقياً لهذه الصفات الحسنة لأن عدونا واحد الدواعش التكفيريون المارقة التيمية المجسمة هؤلاء الذين تسببوا في زرع الشقاق والنفاق بين أبناء الأمة فلنفوت عليهم الفرصة ولننتصر لديننا ووطننا.
http://store6.up-00.com/2017-03/149029897318731.jpg